كشف خبير اقتصادي عن إنفاق
العراق مبلغا يقارب 4 مليارات دولار على ملف
الجنود الوهميين خلال سنوات حكم رئيس الوزراء السابق نوري
المالكي، مؤكداً أن هذا المبلغ كان يكفي لبناء ألف وحدة سكنية فاخرة أو ضعف هذا العدد من وحدات السكن المخصصة للفقراء الذين يقطنون في دوائر ومبانٍ حكومية منذ سقوط نظام صدام عام 2003.
وقال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، في حديث خاص لـ"عربي 21"، إن مصادر داخل وزارة الدفاع تؤكد أن أعداد "الجنود الوهميين" في العراق يزيد عن الرقم الذي ذكره رئيس الوزراء حيدر العبادي مؤخراً، وأن مفاصل في الوزارة والقطعات العسكرية لم تصل إليها لجان التفتيش والإحصاء المكلفة بتقديم تصور كامل عن هذه الظاهرة.
وأضاف المشهداني أن 50 ألف جندي وهمي "في أقل تقدير" يتقاضون مبلغ 40 مليون دولار شهريا و480 مليون دلاور سنويا، باعتبار أن أقل راتب للجندي العراقي هو 800 دولار شهريا، مبيناً أن حصيلة هذا المبلغ خلال 8 سنوات من حكم المالكي، تصل إلى 3 مليارات و840 مليون دولار.
وتابع المشهداني أن هذا الرقم هو أقل بشكل كبير عن الرقم الحقيقي لمصاريف الجنود الوهميين، نظرا لعدم تمكن لجان الإحصاء والفرز من الوصول إلى جميع القطعات والتشكيلات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع العراقية، منوهاً إلى أن المبلغ يخص فقط وزارة الدفاع ولا يشمل الداخلية التي لم يفتح ملف
الفساد فيها حتى الآن.
وأوضح المشهداني أن المبلغ الذي تم اختلاسه على شكل إنفاق على جنود وهميين يقرب من ثلث المبلغ الكلي لموازنة دولة مثل الأردن، وأن إنفاقه يمكن ان يشيّد مدينة مؤلفة من 1000 وحدة سكنية فاخرة، أو ضعف هذا العدد من الوحدات المخصصة لذوي الدخل المتوسط أو فئة الفقراء، وهي مشكلة يعاني منها آلاف العراقيين الذين يسكنون منذ عام 2003 في مبانٍ حكومية ودوائر رسمية مهجورة، أو ما يصطلح عليها بمناطق "الحواسم".
و"الجنود الوهميون" هو مصطلح يطلق على أفراد في
الجيش العراقي مسجلين على قوائم الرواتب دون أن يكون لهم وجود في الحقيقة. وهناك مصطلح "الجنود الفضائيين"، وهم الذين تسجل أسماؤهم في قوائم الجيش، ولكنهم يتقاضون نصف رواتبهم مقابل عدم الحضور، فيما يتقاضى الضباط الذين يقومون بتغطية عملية غيابهم النصف الآخر من رواتبهم.
وكان مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي قد كشف في وقت سابق، في بيان أصدره، عن صرف رواتب لــ50 ألف جندي غير موجودين سوى على قوائم الرواتب، مبيناً أن اوامر صدرت بإيقاف هذه الرواتب.
وأضاف البيان الذي تلقت "عربي21" نسخة منه، أن العبادي ذكر في كلمة له أمام مجلس النواب العراقي أن الــ50 ألف جندي وهمي هم في 4 فرق عسكرية فقط في الجيش، مضيفاً: "إذا أجرينا تفتيشا على الأرض فسنرى العجائب والغرائب".
وفي ذات السياق، أكد مصدر في مكتب المفتش العام في وزارة الدخلية العراقية استمرار إجراءات البحث والتدقيق في الأعداد الفعلية للجنود في الوحدات العسكرية ومقارنتها بالأرقام الموجودة في سجلات الرواتب، متوقعاً العثور على أعداد أخرى من الجنود الوهميين الذين شكلوا مصدر ثروة بعض الضباط الكبار المستفيدين من هذه الظاهرة.
وبيّن المصدر أن الصلاحيات الكبيرة التي منحت مؤخراً إلى لجان التفتيش ستؤدي إلى نتائج جيدة في مجال تنقية الجيش من ظاهرة الجنود الوهميين، التي لم يتم اتخاذ أي إجراء حقيقي وجاد لمعالجتها في حكومة المالكي.