كان للانخفاض الشديد الذي تشهده أسعار النفط في الاونة الاخيرة، دور كبير في توجيه الأنظار وتحويلها مجددا إلى أسواق النفط. ولا جرم أننا بتنا على أعتاب فترة جديدة سوف تتصارع فيها الحسابات السياسية المختلفة أكثر من التوازن بين عمليات العرض والطلب.
وفي ظل ذلك ستشهد المنطقة حتماً تطورات هامة للغاية في مسألة
الطاقة.
وكما تعلمون، فالتوتر الذي كان موجودا بين حكومتي بغداد وإقليم شمال
العراق، بسبب توزيع أرباح النفط، قد انتهى بموجب الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان الأسبوع المنصرم، وبذلك أُغلقت صفحة من المشاكل والأزمات الساخنة بين الجانبين. ويعتبر هذا الأمر تطوراً في غاية الأهمية بالنسبة لوحدة العراق، وأمنها وأستقرارها.
أما بخصوص الغاز الطبيعي، فلقد حدثت أيضا تطورات أخرى مهة للغاية، بل ومثيرة. فقد شكل الغاز الطبيعي مادة رئيسية في جدول محادثات الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" خلال الزيارة التي أجراها لتركيا الأسبوع الماضي. وأعلن الرئيس "بوتين" من أنقرة أنه سيغير مسار خط أنابيب الغاز المعروف بـ"السيل الجنوبي"، ليتجه إلى مسار آخر بعيد عن أوكرانيا، وحصل اتفاق مبدئي بينه وبين الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في هذا الشأن. وكانت لهذه التطورات صدى كبير لدى وسائل الإعلام العالمية.
ونظراً لأن استيراد
تركيا من الطاقة يصل لنسب مرتفعة، فإن التطورات التي حدثت مؤخرا بشأن النفط والغاز الطبيعي، ستؤثر من جديد على الحسابات بالمنطقة. ومن ثم بدأت تركيا تتعلم أصول لعبة الطاقة في المنطقة، جنباً إلى جنب مع لاعبين آخرين يمتلكون في هذا المجال خبرة تعود لمئات السنين. لكن الأهم من كل ذلك، هو أهمية الدور الذي ستلعبه تركيا من أجل استقرار المنطقة وسلامتها، وذلك في إطار ما تم اتخاذه من خطوات، وما سيتم اتخاذه بعد ذلك.
وفي هذا المضمار الذي دخلته تركيا، شاهدنا جميعا اتساق السياسية التي اتبعتها فيما أعلنت عنه من مواقف سياسية بشأن مساهمتها في دعم استقرار العراق ووحدة أراضيه، وفي الحصول على الغاز الآمن. وأظهرت سياسة الطاقة هذه، تركيا كلاعب وحليف يمكن الوثوق به كعادتها دائماً. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن وبقوة: هل هناك مسألة ذات أهمية وأولوية أكثر من مسألة الطاقة من أجل استقرار المنطقة وأمنها؟
ملحوظة: نُشر الأسبوع الماضي، تقرير بحثي تضمن معلومات وبيانات غاية في الأهمية بخصوص الصحة والسكان ومعدلات الشيخوخة في تركيا في العام 2013. ووفق التقرير بلغ معدل الخصوبة في تركيا في الوقت الحالي 2.26، بينما كان في العام 1978، بنسبة 4.33. وستصبح نسبة الشيخوخة 10 في المئة من إجمالي السكان في تركيا في العام 2023، وفي العام 2050 ستزيد هذه النسبة عن 21 في المئة. أما نسبة الشباب فمثلت في العام 2013 نسبة 24 في المئة من السكان، لكنها ستنخفض إلى 21.2 في العام 2023، وفي العام 2050 فستصبح 15.7 في المئة.
لذلك نؤكد أن هذا الاتجاه وهذه النسب، تحمل أهمية كبيرة للغاية بالنسبة للاقتصاد، وندعو إلى دراستها بشكل جاد، ولذلك لا أرى مبررا لمعارضة دعوة رئيس الدولة "أردوغان" لإنجاب 3 أطفال، لا سيما وأن من يعارضها هم المعارضون المزمنون، وغيرهم ممن لا علم لهم، أو من يزعمون أنهم مثقفون ومتعلمون.
ترجمة وتحرير "عربي21"، عن صحيفة الصباح التركية