قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن تنظيم الدولة الإسلامية "يمثل تهديدا كبيرا لشعوب المنطقة، ولتركيا وللمجتمع الدولي، واتفاقنا على هذه النقطة أمر ضروري"، مشيرا إلى وجود تعاون وثيق بين تركيا وبريطانيا في كافة المجالات، لا سيما في مجال الاستخبارات “الذي اتفقنا أن يكون تعاوننا فيه مستقبلا منصبّا على مواجهة الإرهاب بكافة أشكاله”.
جاء ذلك في التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة التركية، مساء الثلاثاء، في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع نظيره البريطاني ديفيد
كاميرون، وذلك عقب اللقاء الثنائي الذي جمع بينهما بمقر رئاسة الوزراء في العاصمة أنقرة، التي يزورها الأخير حاليا لإجراء مباحثات رسمية.
وأشار داود أوغلو إلى أنه تناول مع كاميرون خلال اللقاء الثنائي بينهما العديد من القضايا والموضوعات، وآخر التطورات بالمنطقة لا سيما الأزمتين العراقية والسورية، وأبعاد تلك التطورات وتهديداتها للأمن الدولي والأمن الإقليمي لتركيا وبريطانيا، بحسب قوله.
واستطرد رئيس الحكومة التركية قائلا: “لقد كان الموقف التركي واضحا للغاية منذ بداية الأزمة السورية قبل نحو أربع سنوات، فلقد تبنت القيادة التركية موقفا قائما على مبادئ حيال كافة ثورات الربيع العربي. ولقد أعلينا صوتنا ضد الأنظمة التي تظلم شعوبها، ولا سيما النظام السوري، كما اتخذنا مواقف ثابتة رافضة للإرهاب في كافة أنحاء العالم”.
وأكد داود أوغلو أن معارضة
تركيا للنظام السوري الذي يتزعمه بشار الأسد “لا يعني أننا متسامحون مع الإرهاب الدولي، هذا أمر مرفوض مطلقا. كما أن معارضة الإرهاب الدولي لا تعطي أي حق للنظام السوري بأن تكون له مشروعية، بعدما قتل نحو 300 ألف من شعبه، فهاتان النقطتان، كانتا أساس مباحثاتي مع السيد كاميرون”.
وشدد رئيس الحكومة التركية على أن النظام السوري فقد شرعيته تماما بالنسبة لتركيا، وذلك “لأن هذا النظام كان السبب الأول في استيطان الإرهاب في سوريا، وذلك بما ارتكبه بحق شعبه من مجازر يندى لها الجبين، وبما اتّبعه من سياسات قمعية”.
وأكد داود أوغلو على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي مواقف أكثر شدة وصرامة ضد النظام السوري، مشيرا إلى أن جرائم الأسد اضطرت ما يقرب من 2 مليون لاجئ سوري إلى الهرب والقدوم إلى تركيا.
ولفت إلى أنهما تناولا كذلك الشأن العراقي، مشيرا إلى أنهما رحبا بتأسيس الحكومة العراقية، وأنه نقل للضيف البريطاني انطباعاته عن الزيارة الأخيرة التي أجراها للعراق الشهر الماضي، موضحا أنهما تناولا بشكل شامل سبل مواجهة الجماعات الإرهابية في كل من سوريا والعراق.
وشدد رئيس الوزراء التركي على ضرورة تبني إستراتيجية أكثر شمولا لمواجهة تنظيم
الدولة الإسلامية، لافتا إلى أن جهود مكافحة الإرهاب لا يجب أن تنصبّ على ذلك التنظيم فحسب، بل على كافة التنظيمات والجماعات الإرهابية الأخرى التي تهدد المنطقة والأمن والسلم العالميين، على حد تعبيره.
كما كانت الأزمة القبرصية إحدى الموضوعات التي تناولها داود أوغلو وكاميرون خلال لقائهما، وذكر رئيس الحكومة التركية في هذا الشأن أنه أطلع كاميرون على نتائج زيارته الأخيرة للعاصمة اليونانية أثينا.
وأكد داود أوغلو أن “اليونان وتركيا دولتان ضامنتان لاستئناف المفاوضات بين شطري الجزيرة القبرصية من أجل التوصل لحل لتسوية تلك الأزمة وتوحيد الجزيرة”، مشددا على ضرورة استئناف المفاوضات في أسرع وقت ممكن لحل كافة المشاكل بما في ذلك المشاكل المتعلقة بالطاقة.
وفي شأن آخر أشار رئيس الحكومة التركية إلى قوة العلاقات التي تربط بين أنقرة ولندن، وقال في هذا الشأن: “هناك علاقات قوية تربط بين البلدين، ولقد كانت زيارة السيد كاميرون لتركيا فرصة عظيمة للتشاور حول إمكانية توسيع التعاون الثنائي بين البلدين ليصل إلى مستوى أفضل مما هو عليه الآن”.
وأعرب داود أوغلو عن سعادته لاتفاق البلدين على ضرورة توسيع حجم العلاقات بينهما، مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري بينهما يبلغ حاليا 15 مليار دولار، وأنهم يهدفون إلى رفع هذا الرقم ليصل إلى 19 مليار، فضلا عن حرصهما على زيادة الاستثمارات المتبادلة بينهما.
وذكر أن العام الأخير شهد قدوم استثمارات تقدر بـ7.5 مليار دولار من بريطانيا إلى تركيا.
وتقدم رئيس الوزراء التركي بالشكر لنظيره البريطاني لدعم بلاده مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، مضيفا “لا شك أن الآراء والمواقف التركية البريطانية تعتبر متطابقة سواء داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، أو بشأن الأزمة الاقتصادية العالمية”.
وأوضح أنه أجرى مع رئيس الوزراء البريطاني كاميرون، مباحثات تتسم بالإخلاص خلال قمة مجموعة العشرين الاقتصادية الأخيرة، مشيراً إلى أن تركيا ستحرص على التشاور مع بريطانيا خلال رئاستها الدورية لتلك المجموعة التي استلمتها في مطلع الشهر الجاري.
من جهته قال رئيس الوزراء البريطاني في أنقرة الثلاثاء إن بلاده وتركيا تعملان بـ ”أوسع شكل ممكن لوقف تدفق المقاتلين الأجانب الراغبين في الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا".
وأضاف كاميرون في المؤتمر الصحافي المشترك “نقاتل عدوا مشتركا وإرهابا متطرفا”.
والشهر الماضي، أعلنت لندن أن بريطانيا تواجه أكبر
تهديد أمني.
وتفيد أرقام سكوتلاند يارد أن “أكثر من 500 بريطاني يقاتلون في صفوف مجموعات مثل الدولة الإسلامية"، معربة عن خشيتها من التخطيط لاعتداءات فور عودتهم إلى المملكة المتحدة.
وتابع كاميرون أن محادثاته مع نظيره التركي تركزت على إستراتيجية طويلة المدى لإلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامية وإعادة الاستقرار إلى هذا الجزء من العالم.
وأضاف أن “ما نحتاجه في العراق نحتاجه في سوريا، أي: حكومة جديدة تمثل جميع مكونات الشعب”.
إلى ذلك، أوضح كاميرون أن تقاسم المعلومات التي تحصل عليها أجهزة الاستخبارات في البلدين على أرفع مستوى قد يساعد في وقف تدفق الجهاديين إلى سوريا.
وأوضح في هذا السياق “كل هذا هدفه أن يشعر الناس بالأمان في تركيا والتأكد من أن الناس أصبحوا في أمان عندنا في بريطانيا”.