أثار قرار مجلس شورى
حركة النهضة في
تونس بـ"البقاء على الحياد" بالدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 21 من الشهر الجاري؛ ردود فعل متباينة، في الوقت الذي كان ينتظر فيه مراقبون أن تعلن الحركة دعمها للرئيس الحالي المرشح المنصف
المرزوقي، على حساب رئيس حزب نداء تونس الباجي قايد
السبسي.
الكاتب والمحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي، وصف بيان مجلس شورى النهضة بـ"البيان الصعب" الناتج عن مخاض شديد داخل المجلس الذي انعقد السبت 13 كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري.
وفي تعليق على قرار "البقاء على الحياد" في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية؛ قال الجورشي لـ"عربي21" إنه لم يكن متوقّعاً أن تُغيّر "النهضة" موقفها الذي عبّرت عنه في الجولة الأولى من
الانتخابات "لأن ذلك قد يضر مصداقيتها السياسية، ويدفع بها إلى الانحياز المعلن الذي سيتسبّب لها في مشاكل إضافية" على حدّ تعبيره.
تحقيق المصالح
وأضاف الجورشي: "لو اختارت الحركة الانحياز علناً للمرزوقي؛ فإنّ ذلك سيقطع أيّ صلة لها مع حزب نداء تونس ومع المرشّح الباجي قايد السبسي، وهي لا تريد أن تحصل هذه القطيعة".
واعتبر أنه في حال فشل المرزوقي بالمنافسة الرئاسية؛ فإن ذلك سيشكل خسارة للحركة، ومن الناحية البراغماتية فإنّ الموقف الذي عبّرت عنه "النهضة" يميل إلى تحقيق مصالحها الآنية.
ولفت الجورشي إلى أنّ موقف "النهضة" بالبقاء على الحياد؛ يحيل إلى وضع صعب ومُعقّد داخل الحركة "التي تتعرّض إلى جملة من المشاكل التنظيمية والسياسية لا يمكن معالجتها بشكل عميق؛ إلا من خلال مؤتمر داخلي يقيم أداء الحركة قبل الثورة وبعدها، ويحسم مجموعة من المسائل التي لم تعد قابلة للتأجيل".
وأضاف أن ما عبّر عنه قياديّا "النهضة" الصادق شورو، وحبيب اللوز، اللذان اعتبرا بقاء حركتهما على الحياد "انحيازاً للأسوأ" هو ليس إلا واحدة من التعبيرات المتعدّدة والمتناقضة داخل الحركة. على حد تعبيره.
قرار متناغم
من ناحيته؛ أكّد لطفي زيتون، المستشار السياسي لرئيس "النهضة" راشد الغنّوشي، أن هناك مصلحة واقعية في ترك الحرية لأنصار الحركة لاختيار المرشّح الأصلح للرئاسة من خلال نظرة الحزب للمستقبل.
وشدّد زيتون في حديثه لـ"عربي21" على أن النهضة "ليس لديها التزامات مع أيّ مرشّح في الدورين الانتخابيين، ولم تدفع بأيّ مرشّح.. لذلك جاء قرارها مبنياً على نقاشات داخل مؤسسة الشورى، ومتناغماً مع رؤية قواعدها".
وحول تداعيات قرار "الحياد" في علاقة "النهضة" بحزب نداء تونس؛ قال: "حركتنا مُستقلّة، وهي اليوم في المعارضة، ونعتبر أن الطريقة المناسبة لحكم تونس خلال الخمس سنوات القادمة هي حكومة وحدة وطنية تضمّ أوسع ما يمكن من الأطراف السياسية، وإذا عُرض علينا أن نشارك فيها بشكل جدّي؛ فإننا سننظر في ذلك ونتفاعل مع الطلب".
رفض الاصطفاف
من جانبه؛ قال القيادي الصحبي عتيق، عضو مجلس نوّاب الشعب: "من الطبيعي أن يُفوّض مجلس شورى النهضة الأمر لقواعد الحركة التي ترفض الاصطفاف وراء مرشّح، كما ليس لديها فيتو ضدّ آخر، وجميع المتنافسين في الدورين الانتخابيين أصدقاؤنا".
وأضاف لـ"عربي21": "نحن واضحون، إذ لم يكن لدينا مرشح في الدور الأول، وكانت لدينا رغبة في مرشّح توافقي من الشخصيات الوطنية، لكن لم يتحقّق ذلك بين العائلة الديمقراطية".
واعتبر عتيق أن البقاء على الموقف السابق؛ جاء من باب "حرص النهضة على إنجاح العملية الانتخابية في كنف الشفافية والنزاهة المطلوبة وضمان الديمقراطية، وهذا يعنينا كطرف سياسي مسؤول بصرف النظر عن المتنافسين".
يُذكر أن الهيئة المستقلة للانتخابات في تونس؛ أعلنت أن جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة بين المرشحَين المنصف المرزوقي (69 عاما) والباجي قائد السبسي (88 عاما) ستقام يوم 21 من الشهر الحالي، على أن يكون التصويت للتونسيين بالخارج أيام 19 و20 و21 منه، وأوضحت أن عدد الناخبين في الداخل يبلغ نحو 3.5 ملايين.