نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" مقالا لمراسلها في الشرق الأوسط ريشارد سبنسر، حول الوضع في مدينة
الموصل شمال
العراق، وكيف تحضر قوات الدولة الإسلامية لاحتمال هجوم القوات الحكومية على المدينة، بقطع الاتصالات عن السكان، ومنعهم من مغادرة المدينة.
وقد أخبر السكان والمهاجرون من مدينة الموصل الصحيفة كيف تدهورت الأوضاع مع ازدياد الضغوط على
تنظيم الدولة الإسلامية؛ بسبب الحرب المضادة التي تشنها الحكومة.
وتنقل الصحيفة عن غزوان، الذي وصل قريبا إلى بغداد قادما من الموصل، وطلب عدم نشر اسمه كاملا، قوله: "عليك أن تحضر كفيلا ليقول إنك ستعود بعد عشرة أيام، وإن لم تعد يعاقب الكفيل".
ويضيف للصحيفة أنه اكتشف هذا القانون الجديد عندما لم يستطع صديق له أن يحضر أمه إلى بغداد؛ لإجراء عملية طبية، وماتت بسبب ذلك، مبينا "الناس يحاولون مغادرة الموصل.. فقد أغلقت المستشفيات؛ لأنه لا يوجد ماء ولا كهرباء".
ويشير الكاتب إلى أن تنظيم الدولة لم يوضح أسباب قرار فرض القيود على السكان الذين يرغبون في مغادرة المدينة، ولكن يبدو أنه يحاول منع حدوث نزوح جماعي.
ويقول سبنسر إنه عندما دخل تنظيم الدولة الموصل في حزيران/ يونيو رحب الكثير من السكان
السنة بقدومه؛ وذلك لظنهم أنه سيكون أفضل من حكومة نور المالكي الشيعية، التي اعتبروها قاسية وطائفية.
وبحسب غزوان وسكان آخرون من المدينة، كانت الفائدة المباشرة لدخول تنظيم الدولة توقف التفجيرات، التي كان يقوم بها الجهاديون، وفتحت الشوارع وأصبحت آمنة لأول مرة منذ سنوات. وكانت الأقليات، وهي مسيحية في الغالب، غادرت المدينة، ومن بقي منهم أعطي يومين فرصة ليسْلم أو يغادر المدينة، وفق الصحيفة.
ويستدرك الكاتب بأنه، ومنذ ذلك الوقت، واجه التنظيم تراجعا في الشعبية، حتى بين السكان السنة، بفرض قوانين قاسية لضبط السلوك العام، وبنسفهم لأكثر المساجد شهرة؛ مبررين ذلك بأن الصلاة فيه تعد شركا.
ويجد سبنسر أن المصاعب الإضافية، مثل انقطاع الكهرباء وإغلاق شبكات الهواتف المحمولة الشهر الماضي، زادت من متاعب السكان، ويقول أحد سكان المدينة الذين لا يزالون فيها، وطلب عدم ذكر اسمه، إن قطع الهواتف هو إجراء أمني، حيث يخشى التنظيم أن يستخدم السكان الهواتف لإخبار القوات الحكومية عن مواقعهم.
وتلفت الصحيفة إلى قيام التنظيم بحملة تجنيد للشباب، بل للفتيان، بحسب فيديو نشرته المجموعة على الإنترنت، حيث يظهر أنها فصلت المدارس (الذكور عن الإناث)، أو "أسلمتها"، بحسب تعبير التنظيم.
ويفيد سبنسر أنه قد تم قصف مواقع التنظيم حول المدينة بالطائرات، وبحسب تصريحات البنتاغون، فإن التحالف ضرب 20 هدفا تابعا للتنظيم، بما فيها الموصل الأسبوع الماضي، خلال ثلاثة أيام من العمليات.
وتورد الصحيفة أن الإعلام العراقي قال إن 18 مقاتلا من التنظيم قتلوا في غارات جوية بالقرب من سد الموصل يوم الأحد.
ويذهب الكاتب إلى أنه مع هذا، وبالرغم من مخاوف التنظيم، فليست هناك إشارات لهجوم وشيك على المدينة، وقد تمكنت القوات الحكومية، مدعومة من الميليشيات الشيعية، من تحقيق بعض النجاحات الأسبوع الماضي، بينها فك حصار عن مصفاة بيجي للبترول، التي تعد الأكبر بين بغداد والموصل، إلا أنهم لا يمتلكون قوة سيطرة على الطريق شمالا لشن هجوم على الموصل.
وتذكر الصحيفة أن الولايات المتحدة ألمحت إلى أن الجيش العراقي لن يتمكن من استعادة المناطق السنية الرئيسية الواقعة تحت سيطرة التنظيم، مثل الموصل والأنبار قبل عدة أشهر من الآن، وقالت إنها بصدد مشروع تدريب كبير أولا.
ويرى سبنسر أن في إعلان الحكومة البريطانية، خلال عطلة نهاية الأسبوع، عن نيتها إرسال مئات الجنود إلى بغداد وأربيل؛ لتدريب القوات المحلية، إشارة إلى أن هجوم الموصل سيتأخر.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى قول عضو البرلمان حنين القدو، الذي يمثل الشبك وهي أقلية شيعية، إن "الوضع في العراق لا يزال فوضويا .. وقياداتنا لا تعمل معا".