أطلقت جمعية جزائرية مبادرة "يوم بلا شراء" احتجاجا على "
غلاء الأسعار" بالبلاد، السبت، وهي مبادرة غير مسبوقة، وقد لقيت استجابة "خجولة" من
الجزائريين.
وتشهد أسعار المواد الغذائية بالجزائر ارتفاعا جنونيا، منذ أسابيع لأسباب غير محددة، وطالت الظاهرة البقوليات والخضار والفواكه، وسائر المواد الاستهلاكية.
ودعت "جمعية حماية وإرشاد المستهلك" بالجزائر، المواطنين إلى مقاطعة المحال التجارية، السبت، والامتناع عن الشراء احتجاجا على غلاء الأسعار وتضرر فئات واسعة من المجتمع من ارتفاع أسعار المواد ذات الاستهلاكية، وعلى رأسها الخبز والحليب.
لكن حجم الاستجابة لمبادرة "يوم بلا شراء"، لم يرقَ إلى توقعات أعضاء الجمعية، إذ لقيت استجابة محتشمة من قبل الجزائريين.
وقال مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، لصحيفة "عربي21"، السبت، إن "هناك ارتفاعا جنونيا في الأسعار، لكن الجنون له دواء، أما ارتفاع الأسعار فلم نتوصل إلى تشخيص دائها، هذه مشكلة لم تجد الحكومة لها حلا".
وحول المتسبب في غلاء المواد الاستهلاكية يجيب زبدي ردا عن سؤال "عربي21"، بالقول: "هناك عدة مسؤولين، لكن في النهاية المستهلك هو الضحية، فالفلاح الذي ينتج البطاطا يلقي بالمسؤولية على التاجر، والتاجر يرى الفلاح هو المسؤول".
وتابع زبدي: في الماضي، لم تكن أسعار المواد الاستهلاكية لترتفع سوى في الأعياد الدينية، حيث يقل الإنتاج، وسرعان ما تعود المياه إلى مجاريها، لكن هذه المرة، نشهد ارتفاعا جنونيا مستمرا، وهذا خطر على الجزائريين".
وارتفع سعر منتوج"البطاطا" الذي يشكل المائدة الرئيسية للجزائريين، بشكل غير مسبوق وصل إلى 100 دينار جزائري، ما يعادل دولارا واحدا.
وأفاد زبدي أن "ارتفاع سعر البطاطا ناتج عن تخزين الفلاحين منتوجهم، خلال فترة الصيف قصد بيعه في موسم الشتاء حيث ترتفع الأسعار، وهدفهم في ذلك مزيد من الربح".
وفي جولة إلى بعض الأسواق في العاصمة، الجزائر، لاحظ مراسل "عربي21"، استجابة خجولة للمبادرة، حيث لم يتوان مواطنون على قضاء حاجياتهم من المواد الغذائية رغم ارتفاع الأسعار.
لكن بعض المواطنين رفضوا دخول المحلات استجابة لنداء الجمعية.
وقال كمال جامل "قررت ألا أتبضع ومثلي كثيرون، لكن العديد من المواطنين، الذين رفضوا التبضع، قد سدوا حاجياتهم من السلع يوم أمس، خشية من غلق المحال التجارية اليوم".
وقال جلال بوعاتي، مسؤول القسم الاجتماعي بجريدة الخبر الجزائرية، لـ"عربي21" إن الاستجابة المحتشمة للمبادرة مردها "غياب الوعي الاستهلاكي لدى المواطنين، على اعتبار أن الجمعيات المنادية إلى ذلك بعيدة كل البعد عن اهتمام المستهلكين المنشغلين بمسائل أهم، كما أن ارتفاع الأسعار يرافق دائما الزيادات في الرواتب، سواء في الجزائر أو في غيرها".
وزادت الحكومة الجزائرية من رواتب الموظفين والعمال، لكن هذه الزيادة رافقها ارتفاع جنوني في أسعار المواد الاستهلاكية، ويعبّر الجزائريون عن هذه المفارقة بالقول "ما تأخذه اليد اليمني تقدمه اليد اليسرى".
ويرى بوعاتي أن "مثل هذه المبادرة كان مصيرها دائما الفشل، لأن مقاطعة الشراء لم يكن حكرا على سلعة معينة أو خدمة معينة، على سبيل المثال الخضروات أو البن أو الزيوت النباتية التي قفزت أسعارها بنسبة 20 في المئة خلال الشهر الماضي".
وينذر انحدار أسعار
النفط، بوضع أكثر خنقا بمعيشة الجزائريين، لأن ما نسبته 97 في المئة من مداخيل الجزائر تأتي من النفط.
وقال عبد الله جاب الله، رئيس "جبهة العدالة والتنمية"، لـ"عربي21"، السبت إن "الحكومة ستلجأ إلى شد الأحزمة مجددا، بعد تراجع أسعار النفط، وستزيد من الرسوم و
الضرائب على المواطن الجزائري".
وانتقد جاب الله ما أسماه "السياسات الفاشلة التي يدفع ثمنها المواطن الجزائري، بسبب عدم استثمار مداخيل النفط لما تجاوز سعر البرميل الواحد 120 دولارا في السوق الدولية، باقتصاد محلي منتج، يبعد البلاد عن التبعية للخارج".
وتوقع جاب الله، انفجارا اجتماعيا "إن لم تسارع الحكومة باحتواء الوضع والتفاوض مع أحزاب المعارضة من أجل إيجاد حلول لما وصفه " الوضع المتردي على كافة الأصعدة".