كتب
خالد الفاضلي: لا غرابة في عنوان المقالة، طالما تكاثرت مؤشرات خروج «
إيران الخميني» من دائرة وعودها لشعبها الأم، وشعوبها في ديار المهجر العربي؛ لأن «دودة العروش والتيجان» أوجعت خلال الأعوام الخمسة الماضية الريال الإيراني، حتى بات ثالث أضعف عملة عالمياً.
اسمعوني جيداً، أو تعالوا نستمع إلى المثل المصري: «اللي معاه قرش يسوى قرش، واللي ما معهوش ما يلزمهوش»، فحتى علاقة الشعب بدولته تتنافر في أزمنة الفقر، بينما استخدام القوى الدينية لسد ثغرات القوة الاقتصادية لا يدوم طويلاً، ويتحول رجال الدين إلى معاول هدم إن مكثوا أهل شعبية؛ لأن تمسك آحادهم بالنفوذ الشخصي أهم عنده من حيازة بلاده على استقرار داخلي، يأتي اليمن أنموذجاً بـ«حوثه وحرثه».
قدَّم صدام حسين تجربة قد تحذوها إيران قريباً، وهي الحرب غير المسببة، للخروج من مأزق دولته الاقتصادي؛ هرباً من ملامح ثورة شعبية كانت على باب شوارع العراق، أو على أفواه بنادق الجيش، وهما احتمالان قائمان حالياً في صدارة أيام إيران المقبلة، ذلك على رغم ما يقال عن أن الجيش الإيراني منصاع تماماً لمشروع الملالي.
مضت 35 عجافاً على أرض إيران، احتفظت بفكر الخميني وغيبت وعوده، وجرفت معها الريال الإيراني إلى مستويات توشك معها كلفة طباعته على تجاوز قيمته الشرائية، وهو ما يترك الخيارات مفتوحة بيد الجيش أو الشارع؛ لإنقاذ أحد أهم أمهات الحضارة العالمية من إعادة تجربة صدام.
توشك وسائل الإعلام على حيازة عناوين جديدة تتحدث عن مخيمات لاجئين، مشردين، أو غوث لأبناء الشعب الإيراني، المقبلة دولته إلى ثورة داخلية أو حرب خاسرة مع دول مجاورة، فوفق إحصاءات مراكز أبحاث عسكرية ستخسر إيران الحرب إذا قامت باعتداء، وتكسب فوضى داخلية.
كان تكرار الثورة الخضراء، ضد تزوير أحمد نجاد فترته الرئاسية الثانية في 12 تموز (يوليو) 2009 رهاناً قائماً خلال الأعوام الماضية، لكن ذكريات الشعب الإيراني عن شراسة قمع الحرس الثوري، حراس أرض المهدي، والباسيج أكبر من احتمال اللون الأخضر وشعار «من سرق صوتي؟» المنتشر حينها في ساحات طهران وكبريات المدن.
يوجد حالياً في إيران مقومات كافية لإعادة «جنبش شيز» أو التحرك الأخضر، يعززه انخفاض قيمة النفط بصفته باب تمويل الحكومة الإيرانية لأياديها داخل إيران أو خارجها؛ انسياقاً مع تاريخ عزلتها الاقتصادية، وثقافة الشعوب عالمياً تجاه حكومات تعلن تورطها في أزمات اقتصادية.
تجلب الأزمات الاقتصادية غضب الشعوب، ويجلب الخوف من غضب الشعوب قرارات خاطئة من الحكومات، تمتد من زيادة التضخم إلى القمع العنيف، أو الخروج إلى محاربة الجيران، وكلاهما -القمع أو الحرب- يؤدي إلى مخيمات، فإيران الملالي على باب خروج بيدها أو بيد عمرو.
يأتي الختام على شكل «لا شماتة»، فإذا الخيام نُصبت ذات يوم قريب، علينا أن نتذكر نحن جيران إيران أن شعبها وأرضها كانا، إلى نهاية السبعينات، من أخصب بلاد الله فكراً، إنسانية، ثقافة، أناقة، حضارة، وخضرة، وأنهم جميعاً أشبه بركاب طائرة اختُطفت، ثم هبطت اضطرارياً على مدرجات عدالة التاريخ ضد التعسف والتطرف.
(صحيفة الحياة اللندنية)