حلت عاصفة "
هدى" الثلجية؛ ضيفا ثقيلا على مواطني قطاع
غزة، وانجلت - بحسب وزارة الصحة - عن مقتل ثلاثة غزيين، بينهم طفلان، عدا عن مئات
البيوت المهدمة، والعائلات المشردة.
ولم تنجُ
حكومة الوفاق الفلسطينية من توجيه أصابع الاتهام إليها بـ"التقصير" و"ضعف التعاطي" مع حجم الكارثة التي ألقت بظلالها على مليوني إنسان يعيشون تحت الحصار، وخرجوا مؤخرا من حرب مع الاحتلال الإسرائيلي خلفت أكثر من ألفي شهيد، ونحو 11 ألف جريح، بالإضافة إلى 28 ألفا و366 وحدة سكنية متضررة أو مهدّمة بالكامل.
تجاهل حكومي
وقال رئيس بلدية
خزاعة جنوب قطاع غزة، شحدة أبو روك، إنه ناشد حكومة الوفاق مرارا أن "تقوم بمهامها تجاه بلدتنا المنكوبة، لكن دون جدوى"، مؤكدا أن تواصله مع بعض الوزراء، وزيارة العديد من المسؤولين لـ"خزاعة"، لم يأت بأي نتيجة.
وأضاف أبو روك لـ"عربي21" أن أغلب البيوت و"الكرفانات" المؤقتة في "خزاعة" أصبحت غير آمنه بسبب تسرب مياه الأمطار إليها، وتغيُّر مسار أودية المياه جراء الدمار الذي تسببت به
الحرب الأخيرة، مشيرا إلى أن
العاصفة "هدى" دمرت ألفا ومائتي (1200) بيت يقطنها آلاف المواطنين.
من جهته؛ قال الخبير في الأمن القومي الدكتور إبراهيم حبيب، إن قطاع غزة "غير موجود في حسابات حكومة الوفاق الفلسطينية".
وأضاف لـ"عربي21" أن هناك حالة إمعان في قتل أهل غزة، وممارسة أشد أنواع القهر والإذلال بحقهم، مؤكدا أن "الشعور الإنساني تجاه ما يحدث في غزة؛ منعدم تماما".
مشاركة بالقتل
واتهم حبيب حكومة الحمدالله بـ"المشاركة في أعمال القتل التي تتم حاليا في قطاع غزة، ولكن بطريقة غير مباشرة"، مشيرا إلى أن "الأطفال يموتون نتيجة البرد القارس بسبب عدم توفر الكهرباء".
وقال إن الحكومة "تريد فقط أن تحصّل الضرائب من سكان غزة الذين لا يجدون قوت يومهم" دون تحمل مسؤولية ما يحدث، مطالبا الشعب الفلسطيني بـ"محاسبة هذه الحكومة ومن يقف خلفها".
وأضاف حبيب أن "التقصير الكبير" في أداء الحكومة أثناء المنخفض الجوي والحرب الأخيرة "تسبب في تعريتها؛ لأنها لم تحرك ساكنا"، مؤكدا أن "حكومة الوفاق لا تتحمل مسؤولياتها تجاه شعبها في غزة، ويبدو أن وراء ذلك تعليمات واضحة".
وزاد: "الإجراءات والممارسات الحكومية على الأرض تقول بلسان الحال: فليذهب سكان غزة إلى الجحيم".
مسؤولية مشتركة
من جانبه؛ رفض وزير الثقافة الأسبق، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر الدكتور إبراهيم أبراش، تحميل حكومة الوفاق كامل المسؤولية تجاه تبعات العاصفة "هدى" على قطاع غزة.
وقال لـ"عربي21"، إن الحكومة لم تتمكن حتى الآن من عملها بشكل كامل في القطاع لعدة أسباب، أهمها "عدم توفر الأموال اللازمة"، مشيرا إلى أن جزءا كبيرا من الأضرار يعود إلى غياب البنية التحتية والظروف المناسبة للسكن، بسبب ما أحدثته الحرب الأخيرة.
وتابع: "كان من المفترض قبل توزيع الاتهامات؛ أن تتم معالجة البنية التحتية من خلال مشروع إعمار غزة الذي لم تلتزم به الجهات المانحة".
وأضاف أبراش أن قطاع غزة يدفع "على ما يبدو" ثمن الخلافات السياسية الحزبية، مؤكدا أن "التوافق الحقيقي" على الحكومة، يساعدها في مواجهة كل العقبات، ومن ذلك المنخفضات والعواصف الثلجية.
وقال إن الحكومة الحالية "هي أقرب إلى شاهد زور، ومن يتحمل المسؤولية الأكبر هي الفصائل وخصوصا
فتح وحماس؛ لأن المشكلة الأكبر في غياب توافقهما"، مستدركا بأن ذلك لا يعفي الحكومة من مسؤولية العمل على بعض القضايا الإنسانية التي تقع في نطاق إمكاناتها.
وتابع: "الحكومة تتحمل جزءا من المسؤولية، لا كاملها، فالفصائل تتحمل المسؤولية أيضا، والدول المانحة كذلك".
وأكد أبراش أنه "كلما كانت حركتا
حماس وفتح أكثر توافقا على الرؤية السياسية؛ كلما كانت الحكومة أكثر قدرة على العمل"، موضحا أنه "لا يمكن لحكومة وفاق وطني أن تعمل بدون توافق وطني حقيقي".