وصل وفد من محافظة
الأنبار إلى واشنطن بدعوة رسمية، بعدما حصل على موافقة مسبقة من الحكومة المركزية في بغداد، بهدف التباحث مع كبار المسؤولين الأمريكيين، من أجل الحصول على الدعم الذي سبق للولايات المتحدة أن أعلنت عن إصرارها على تقديمه لعشائر محافظة الأنبار، بحكم تجربتها السابقة معها في خوض معركة تحجيم
تنظيم القاعدة في
العراق.
وكانت الإدارة الأمريكية ربطت أي دعم لحكومة بغداد بالمدى الذي تذهب إليه هذه الحكومة في توسيع نطاق المشاركة في الحكم، أي بإشراك المكون السني على نحو فاعل في حكومة العبادي، وقال أكثر من مسؤول أمريكي إن واشنطن جاهزة لتقديم المساعدة في تدريب قوات الحرس الوطني بموازاة ما تقدمه من دعم للجيش.
ومن المعروف أن اسم الحرس الوطني ليس جديدا على الساحة العراقية، إذ إنه سبق للحاكم المدني الأمريكي بول بريمر أن أطلقه على الجيش الجديد الذي أمر بتشكيله بعد شهر من حل الجيش العراقي الذي تم في 24 أيار/ مايو 2003، وقوبل تشكيله بردود فعل متفاوتة بين القبول به بتحفظ أو رفضه وجعله هدفا لنشاط القوى المسلحة.
وقال ضابط من الذين التحقوا بالحرس الوطني، وتمنى لو أنه لم يعمل في صفوفه، إن "الإدارة الأمريكية لم ترغب عند تشكيل الوحدات الأولى للحرس الوطني، بالإبقاء على اسم الجيش العراقي متداولا على المستويات الرسمية والإعلامية، إلا عندما وجدت أن ضبط الأمن الداخلي كان يمثل عبئا ثقيلا على القوات الأمريكية التي لم تكن قد تدربت على هذا النوع من الواجبات".
وبيّن أن "مثل هذه المهمات ستؤثر كثيرا على انصرافها لمواجهة العمليات العسكرية التي أخذت تتصاعد بصورة لافتة، لذلك ارتأت تشكيل قوة شبه عسكرية تحتفظ بأقل قدر من الأسلحة الحديثة، فجاء الحرس الوطني مهلهلا ومخيبا لآمالنا نحن الذين انخرطنا فيه، لأننا عشنا ضمن مؤسسة عسكرية ذات تقاليد لها سمعتها العالية على مستوى جيوش العالم، ولهذا تهاوت سمعة الحرس الوطني وأصبح الاسم جزءا من الماضي لأنه جزء من حيثيات القرار الأمريكي".
وأضاف أن "فكرة تشكيل الحرس الوطني طرحت مرة ثانية مع بدء الانتخابات النيابية الأخيرة ومن قبل قوى كانت تنظر بكثير من الاشمئزاز إلى الدور السابق للحرس الوطني الذي ارتبط بسمعته كدرع بشري عراقي لقوات الاحتلال، ولكن فكرته هذه المرة تم تطويرها لتنسجم مع فكرة تقاسم السلطة في إطار حكومة شراكة وطنية".
وخضعت الفكرة لأكثر من قراءة سياسية وأمنية، تبعا لارتفاع وتيرة الحديث عن الإقليم أو الأقاليم السنية المقترحة على الورق، والتي تجد مقاومة من جانب التحالف الشيعي تارة ومن جانب المكون السني تارة أخرى.
أحد شيوخ عشائر محافظة الأنبار التي خسرت العشرات من أبنائها في مواجهات عنيفة مع
الدولة الإسلامية، تحدث في لقاءات مع بعض الفضائيات العراقية والعربية، وأعرب عن خيبة أمله الكاملة من طريقة اختيار الوفد وقال: "لا أحد يستطيع الزعم بأن هناك شيخا ضمن الوفد، الوفد يمثل الحكومة المحلية في الأنبار".
ولاحظ المراقبون المهتمون بهذا الملف أن الدكتور رافع العيساوي وزير المالية الذي استقال في بداية المواجهة بين المحافظات الست المنتفضة وحكومة نوري المالكي نهاية عام 2012، لم ينضم إلى الوفد من دون إعطاء سبب لذلك.. هل لأنه غير مقتنع بهذه السفارة أم إنه لم يشأ أن يربط سمعته باختبار على هذا المستوى من التحدي؟ وربما دفع هذا بكثيرين إلى خفض سقف التوقعات والآمال المعلقة على زيارة وفد محافظة الأنبار.
ويتوقع بعض المتشائمين أن الوفد الذي ذهب ليقنع الحكومة الأمريكية بتقديم السلاح والتدريب لحرس المناطق السنية مع تشريع قانون يمنحه استقلالية عالية، سيعود، وقد اقتنع بأن يصبح جزءا من الحشد الشيعي، لأن الإدارة الأمريكية ليست على استعداد للإقدام على خطوة تزعج تحالفا بدأ يفرض نفسه على الأرض وتدعمه إيران، ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية لما تريده واشنطن.