شنت الوزيرة السابقة في الخارجية البريطانية ليدي سعيدة
وارسي، هجوما حادا على استراتيجية الحكومة البريطانية تجاه الأقليات العرقية.
وانتقدت الوزيرة التي استقالت بسبب موقف رئيس الوزراء ديفيد كاميرون المتردد من حرب غزة، وزير التعليم السابق مايكل غوف، الذي فشل في التحاور مع المجتمعات، وهو ما أدى إلى زيادة مشاعر الحنق بين أبنائها.
وقالت وارسي إن استمرار الحكومة في سياستها الحالية سيزيد من شكوك المسلمين، ويضعف جهود مكافحة التطرف والحرب ضده.
ووصفت صحيفة "أوبزيرفر" تصريحات وارسي بأنها أول تعليق مهم حول علاقة المسلمين مع بقية المجتمع، ومنذ استقالتها من الحكومة قبل خمسة أشهر. وقالت إن فشل الحكومة في إشراك المجتمعات قد أدى إلى نوع من السخط تجاهها.
ففي مقال كتبته للصحيفة، قالت أهم مسؤولة مسلمة، تحتل منصبا بارزا في الحكومة، إن السياسة الحالية تجاه المسلمين تترك آثارا سلبية في وقت تعيش فيه البلاد حالة استنفار أمني. فقد حذرت وكالة الأمن الداخلي "إم إي فايف" من إمكانية حدوث هجمات على البلاد، خاصة بعد الهجوم على المجلة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو".
وتقول وارسي، التي كانت أول مسلمة تصبح عضوا في الحكومة وتدير حزب المحافظين، إن الحكومة تعاملت مع المنظمات الإسلامية والأفراد بنوع من الشك. كما ورفض كاميرون إعطاء وقت مماثل لبقية ممثلي الأديان البريطانية، وبينهم
المسلمون، أسوة بما يعطيه من الوقت عند لقائه بقيادات اليهود البريطانيين.
واتهمت وارسي زملاءها السابقين في الحكومة بالفشل في تفهم مظاهر قلق وخوف ثلاثة ملايين مسلم في الوضع الحالي المحموم.
وشجبت وارسي غياب تعاون الوزارات مع مجموعة العمل التي أنشأتها الحكومة، وجماعات العمل الأخرى، التي تقوم بمجابهة المشاعر المعادية للمسلمين. وانتقدت تحديدا وزير التعليم السابق مايكل غوف وتصرفاته أثناء التحقيق فيما يعرف بعملية "حصان طروادة"، حول نشاطات المتشددين في مدارس ببرمنغهام، حيث رفض رفضا قاطعا العمل مع مجموعة العمل التي كانت تشرف عليها.
وتكشف وارسي أن انقساما قد حصل داخل الحكومة حول عدم انخراطها وتعاونها مع المسلمين. فقد كان وزير العدل كريس غريلينغ من الذين حذروا من مخاطر عدم التعاون مع المسلمين وإشراكهم، ورأى أن ذلك يؤثر على جهود مكافحة التطرف.
وبينت وارسي أن قرار الحكومة بالتعاون مع مجموعة صغيرة من المسلمين البريطانيين، جاء على الرغم من دعوة خبراء مكافحة
الإرهاب لتوسيع قاعدة التعاون مع بقية المجتمع. وكتبت قائلة: "إن رد الحكومة على مخاطر التطرف اختصر عبر التعاون مع (مجموعة ضيقة.. عدد من الأشخاص من بين ثلاثة ملايين شخص)".
وتلفت الصحيفة إلى أن وارسي قررت الإدلاء بصوتها في الموضوع، بعد رسالة وزير المجتمعات إريك بيكلز، التي بعثها لألف إمام مسجد حول
بريطانيا، دعاهم فيها إلى العمل على مكافحة التطرف ومنع "دعاة الكراهية" من العمل داخل مساجدهم.
وتوضح "أوبزيرفر" أن بيكلز دعاهم إلى العمل على إظهار "الكيفية التي يكون فيها الإسلام جزءا من الهوية البريطانية". واتهم بيكلز بمعاملة المسلمين على أنهم جماعة مختلفة ومعزولة عن بقية المجتمع البريطاني. وترى وارسي أن رد فعل المسلمين يلخص الفجوة التي نشأت بين الحكومة والمسلمين.
وتجد أنه "في الواقع عندما لا تقوم ببناء جسور صداقة، ولا تعزز الثقة، فالرسالة للمساجد خلقت مناخا أصبح فيه التواصل محفوفا بالمخاطر".
ودعت وارسي قائلة: "نريد جلب العديد من الناس إلى الحوار، لا أن نتبنى مواقف تجعل الجماعات والأفراد على الهامش". مضيفة أن استراتيجية الحكومة تجاه المسلمين تعني أن الصلات الضرورية لمكافحة التطرف والتشدد قد انقعطت.
ويشير التقرير إلى أن مديرة المخابرات الداخلية "إم إي فايف"، البارونة بانينغهام بولر، عبرت عن شكوكها من الخطط التي تدعو إلى تشديد قوانين مكافحة الإرهاب، مؤكدة أن مكافحة التطرف يجب أن يقودها المسلمون المعتدلون.
وكتبت وارسي تقول: "سنقاتل التطرف أفضل لو شعرنا بأننا جزء من الفريق ذاته"، معبرة عن إحباطها من حكومة الائتلاف، التي رفضت تشكيل مجلس مسلم على غرار "مجلس القيادة اليهودية"، وهو المجلس الذي ينظم عملية اتصال قادة المجتمع مع رئيس الوزراء مباشرة، ويتيح التحدث له عن القضايا التي تخص المجتمع.
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى أن الوزيرة وارسي انتقدت موقف الوزراء من مجموعة العمل، التي أنشئت عام 2012، للتأكد من أن
الإسلاموفوبيا تحصل على الاهتمام والدعم مثل بقية الحملات لمكافحة العداء للسامية، والمشاعر المعادية للسود والمثليين.