أعربت شرائح واسعة من
العراقيين عن ارتياحها من إقرار
الموازنة المالية لعام 2015، لكنها في الوقت ذاته أبدت تخوفا من سياسة
التقشف التي ستتبعها الحكومة لاحقا لمواجهة الأزمة
الاقتصادية وتلبية متطلبات الأزمة الأمنية.
وصوّت البرلمان العراقي الخميس الماضي على موازنة عام 2015 بمبلغ وصل 119 تريليوناً و585 مليارا و322 مليوناً و783 ألف دينار، فيما بلغت قيمة العجز في الموازنة 25 تريليوناً و401 مليار و235 مليوناً و783 ألف دينار. وألزم البرلمان وزارة المالية الاتحادية باستيفاء 17 في المئة من قيمة الموازنة لإقليم كردستان. كما ألزم المشرعون وزارة المالية والوزارات كافة بصرف رواتب ومستحقات الموظفين في المناطق الساخنة، وكذلك بفرض ضريبة مبيعات على بطاقات تعبئة الهاتف النقال وشبكات الانترنت بنسبة 20 في المئة من قيمة التعبئة ونسبة 15 في المئة على شراء السيارات بأنواعها، فضلا عن تذاكر السفر.
وفي هذا السياق، أكد عضو اللجنة المالية النيابية عبد القادر محمد أن المتغيرات العسكرية والسياسية التي شهدها العراق مؤخراً، ومنها مواجهة "الدولة الإسلامية" منذ مطلع 2014 وحتى الآن، وضرورة شراء أسلحة للعراق، تركت أثراً على تحديد سقف قيمة الموازنة المالية لعام 2015.
وواجهت مسألة إقرار الموازنة خلال الفترة المنصرمة سياسة شد وجذب بين الكتل النيابية بالتزامن مع مختلف المشكلات الحزبية والسياسية والأمنية التي تراكمت داخل قبة البرلمان. لكن رئيسي البرلمان والحكومة أبديا تعاونا ومرونة واضحتين لأجل تمريرها وتجاوز عقبات السنوات الماضية، والانتباه لمستحقات المرحلة الحالية وما تعانيه من تحديات أمنية واقتصادية خطرة، وهذا ما حصل بـ"الانتصار" الذي تحقق في 29 كانون ثاني/ يناير المنصرم، على حد تعبير خبراء اقتصاديون ومواطنون عراقيون.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور علاء محمد إن عملية التصويت على موازنة عام 2015 جسدت مستوى الانسجام ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والإصرار على تجاوز إشكاليات وصفها بـ"المحنة" التي كانت تطبع علاقة هاتين السلطتين في الدورة الماضية (2010- 2014)، عندما كان نوري المالكي رئيسا للحكومة وأسامة النجيفي رئيسا للبرلمان.
وفيما هنأ رئيس الحكومة حيدر العبادي الشعب العراقي ومجلس النواب بإقرار قانون الموازنة الاتحادية واعتبره إنجازا للسلطتين التشريعية والتنفيذية للشروع نحو مرحلة البناء والإعمار والانتصار على "الدولة الإسلامية" وإعادة النازحين إلى ديارهم، قدم رئيس البرلمان سليم الجبوري تهانيه للعراقيين، وقال إن هذه المرة الوحيدة منذ عام 2003 تقر فيها موازنة البلاد العامة في في الشهر الأول من العام.
ورأى مواطنون في إقرار الموازنة خطوة لشروع الحكومة بتنفيذ المشروعات المعطلة منذ مطلع عام 2014، لكنها قد تسبب عقبات اقتصادية لهم تضاف إلى الأعباء التي عانوا منها في الفترة الماضية.
وقال المواطن أسامه عبد السلام الدليمي: "لا نريد من الحكومة والبرلمان أن يجعلا موازنة 2015 موازنة "شد الأحزمة على البطون" فنحن في ظروف اقتصادية متردية، وحياة معطلة من كل الفعاليات والأنشطة الاقتصادية.
وقالت المواطنة سعاد عبد اللطيف: "بقدر ما شعرنا بالسعادة من ولادة عسيرة لموازنة 2015، نشعر بالخوف من تبعات اقتصادية مؤجلة قد لا نعرفها، من فقرات وآليات تنفيذ الموازنة التي ربما تزيدنا فقرا ومعاناة تضاف لما نعانيه بالوقت الحالي".
وحصرت فقرات الموازنة الوظائف الجديدة في وزارات الدفاع والداخلية والتربية، مع خصم مبالغ ادخار من مخصصات الموظفين التي تزيد عن 500 دينار عراقي.
وكان العبادي قد أشار مطلع الشهر الحالي إلى أن تراجع أسعار
النفط الذي اقترن بتعطل الإنتاج في كركوك هذا العام، كان له تأثير مدمر على الإيرادات، في وقت تواجه فيه الحكومة تكاليف ضخمة في قتال "الدولة الإسلامية" للسيطرة على أنحاء واسعة من شمال وغرب العراق.
ويملك العراق رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، ويقدر بنحو 143.1 مليار برميل. ويعتمد على إيرادات النفط لتمويل ما يقرب من 95 في المئة من دخل الموازنة، بيد أن أسعار النفط تراجعت إلى نصف أسعارها منذ حزيران/ يونيو الماضي لتصل إلى نحو 55 دولارا للبرميل.