اعتبر خبيران يمنيان أن "الإعلان الدستوري"، الذي أصدرته جماعة "أنصار الله" المعروفة بجماعة
الحوثي، يفتح صفحة جديدة من العنف والفوضى والتشظي في البلاد.
وأضاف أن "حركة الحوثي ليست سوى مشروع لتوليد العنف والفوضى، وهي بذلك لا يمكنها أن تحكم، كما أنه لا يمكنها أن تتشارك مع أحد في الحكم، بما في ذلك من أيّدها وناصرها، أو تحالف معها، فهي مثلها مثل الحركات الشمولية".
وقال "عبدالناصر المودع"، المحلل السياسي
اليمني، "إن إعلان الحوثي الأخير، يفتح صفحة جديدة في اليمن عنوانها العنف والفوضى؛ فحركة الحوثي ليست سوى مشروع لتوليد العنف والفوضى، وهي بذلك لا يمكنها أن تحكم، كما أنه لا يمكنها أن تتشارك مع أحد في الحكم، بما في ذلك من أيدها وناصرها، أو تحالف معها، فهي مثلها مثل الحركات الشمولية ليس لها إلا خياران إما الكل أو لا شيء".
وتوقع "المودع"، في حديث لوكالة الأناضول، "سقوط دولة الحوثي، فالمسألة مسألة وقت ليس إلا، غير أن المشكلة هي عدد الضحايا الذين ستدفعهم اليمن لهزيمة مشروع الحوثي، القائم على فكرة السلالة والأسرية".
وتابع: "ما قام به
الحوثيون لم يكن تعبيراً عن إحساس بالقوة، ولكنه ناتج عن إحساس بالخوف والقلق، ولهذا فهي تهرب إلى الأمام كلما أحست بأنها في مازق، استنادا إلى خرافات وأوهام تتملكها، تجعلها تعتقد بأنها محروسة بعناية إلهية".
من جهته يرى "ياسين التميمي"، الكاتب والمحلل السياسي، أن "الإعلان الحوثي تم تنفيذا لإملاءات إيرانية واضحة، وعكس في مضمونه ضحالة سياسية وفكرية، ما يعزز الاعتقاد بأن المليشيا المسلحة هي أداة في لعبة الصراع الإقليمية، إضافة إلى عوامل عديدة وتدخلات خارجية غير محسوبة وخطة تصفية الحسابات والانتقام التي أعدها ونفذها الرئيس السابق علي عبد الله صالح".
وأضاف: "من الواضح أن الموقف الخليجي قد دفع بالبلاد إلى العزلة في ظل استمرار انقلاب الحوثيين، الأمر الذي سنرى له تداعيات خطيرة على الصعيد الاقتصادي والأمني، وقد تجر البلاد إلى مزيد من التشظي السياسي والاجتماعي والجغرافي".
ويعتقد "التميمي" أن "موقف حزب صالح يريد خلط الأوراق وتوريط الحوثيين، ما يعني أن اليمن أمام فصل مظلم من حياته ومن تجربته المرة للانتقال الديمقراطي".
وكانت ما تسمى بـ"اللجنة الثورية" التابعة للحوثيين، أعلنت مساء الجمعة، ما أسمته "إعلانا دستوريا"، يقضي بتشكيل مجلسين رئاسي ووطني، وحكومة انتقالية، لتسيير الفترة الانتقالية التي تدوم عامين.
وشكلياً سلّم الحوثيون مقاليد الأمور إلى هيئات تسير الفترة الانتقالية كالمجلس الرئاسي، والمجلس الوطني الانتقالي، وحكومة الكفاءات، لكنهم في حقيقة الأمر ربطوا مصير كل تلك الهيئات بـ"اللجان الثورية" التي ستحدد مهام كل هيئة، وستؤول إليها مقاليد حكم البلاد، ما يعني أن هذه اللجان ستتولى فعلياً إدارة أمور البلاد في حال لم يستجد جديد.
قنبلة واحتجاجات واشتباكات
وتصاعدت حدة التوتر في العاصمة صنعاء مع ظهور الحوثيين المسلحين قرب المباني الحكومية الرئيسة.
وقال شهود عيان إن قنبلة بدائية الصنع انفجرت أمام القصر الجمهوري بوسط صنعاء أمس السبت، وأصابت ثلاثة مقاتلين شيعة كانوا يحرسونه.
ولم تعلن أي جهة المسؤولية عن التفجير، لكن متشددين سنة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب اشتبكوا مرارا مع الحوثيين،ما أثار مخاوف من سقوط البلاد في أتون حرب طائفية شاملة.
من ناحية أخرى احتشد آلاف المتظاهرين في ثلاث مدن بوسط اليمن احتجاجا على سيطرة الحوثيين على السلطة. وأطلق مسلحو الحوثيين النار في الهواء لتفريق عشرات النشطاء قرب الجامعة الرئيسة بصنعاء.
وردد المحتجون هتافات تصف سيطرة الحوثيين بأنها انقلاب، وطالبوا الجماعة بسحب قواتها من المدن الرئيسة.
واجتاح الحوثيون صنعاء في أيلول/ سبتمبر، وبدأوا ينتشرون في مدن أخرى بجنوب اليمن وغربه. وأدى انتشار الحوثيين إلى زعزعة استقرار قوات الأمن اليمنية الهشة وأثار غضب مقاتلين قبليين متحالفين مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقتل أربعة مقاتلين حوثيين في هجوم يشتبه بأن التنظيم شنه في محافظة البيضاء الجنوبية الجمعة، فيما اشتبكت قوات الجيش مع رجال قبائل ومقاتلين في التنظيم بمنطقة مجاورة السبت.
إدانات واسعة
من جانبه اتهم
مجلس التعاون الخليجي الحوثيين بتدبير انقلاب للسيطرة على السلطة في اليمن، بعدما أعلنوا حل البرلمان وعزمهم على تشكيل حكومة جديدة.
وقد تشير معارضة مجلس التعاون الخليجي المكون من ست دول، إلى العزلة المتزايدة لليمن الفقير، وتعكس أيضا عداء السنة للحوثيين المدعومين من إيران.
وقال بيان صادر عن مجلس التعاون الخليجي: "هذا الانقلاب الحوثي تصعيد خطير مرفوض ولا يمكن قبوله بأي حال، ويتناقض بشكل صارخ مع نهج التعددية والتعايش الذي عرف به المجتمع اليمني ويعرض أمن اليمن واستقراره وسيادته ووحدته للخطر".
ورفضت أحزاب سياسية مختلفة في اليمن تأييد خطوات الحوثيين.
وقال حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يضم إسلاميين سنة وزعماء قبليين كبار يمثلون المعارضة الرئيسة في البلاد، إن الإجراءات تصل إلى حد "انقلاب" من طرف واحد، ودعا إلى الرجوع عنها.
وعبر حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم السابق بزعامة الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن "أسفه" في بيان رسمي، وقال إن ما حدث ينتهك خطة دولية للتحرك نحو الديمقراطية بعد تنحي صالح في 2011.
ورفض عدد من الحكام في محافظات جنوب اليمن المضطرب في بيان مشترك سيطرة الحوثيين.
وأثار انعدام الاستقرار في اليمن مخاوف دولية، إذ إنه يشترك في حدود طويلة مع السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، فيما تحارب البلاد أيضا أخطر أجنحة تنظيم القاعدة بمساعدة هجمات بطائرات أمريكية بدون طيار.
حزب علي عبدالله صالح يدين
أما المؤتمر الشعبي العام، وهو الحزب اليمني الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فقد أعلن معارضته للإعلان الدستوري الذي أعلنه الحوثيون الشيعة واعتبره "تعديا على الشرعية الدستورية".
وجاء في بيان صادر عن المؤتمر الشعبي العام، أن هذا الحزب يعبر "عن الأسف إزاء المسار الذي أخذته الأحداث في ضوء الإعلان الصادر عن أنصار الله، وهو ما يعتبر تعديا على الشرعية الدستورية، ومخالفا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها، واتفاق السلم والشراكة الوطنية".
وأضاف البيان أن المساس بالدستور هو "مساس بكل مكتسبات الوطن والشعب وفي مقدمتها الوحدة اليمنية، كما أن الدستور متكامل ومنظومة واحدة ولا يجوز فيه أو معه الانتقاص أو الانتقاء من مواده وإلغاء أخرى، حتى يتم التوافق على مشروع الدستور الجديد والاستفتاء عليه".
الحوثي: يدنا ممدودة للجميع
وفي كلمة أذيعت عبر التلفزيون اليمني الرسمي، قال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إن يديه ممدوتان لكل القوى السياسية للشراكة.
وأضاف الحوثي: "اليد ممدودة لكل القوى السياسية في هذا البلد... لكل المكونات لكل التيارات. القلوب مفتوحة واليد ممدودة، وبالإمكان أن يتكاتف الجميع بدلا من أن يتصارعوا".
لكنه حذر من "أي تحرك يستهدف هذا الشعب في اقتصاده أو في أمنه واستقراره، فهو تحرك غير مقبول. وفي مقابله سيتحرك شعبنا اليمني العظيم ويواجه أي مؤامرات من هذا النوع".