توصل القادة الأوروبيون والرئيسان الروسي والأوكراني إلى الاتفاق الخميس، في مينسك، على فرض وقف إطلاق نار اعتبارا من الأحد، وإقامة منطقة منزوعة السلاح موسعة في أوكرانيا، غير أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذرت من "عقبات كبرى" لا تزال قائمة في ختام مفاوضات ماراثونية.
والاتفاق الذي اعتبرت برلين أنه لا يزال بعيدا عن إحلال السلام في أوكرانيا، يستعيد الخطوط العريضة للاتفاقات السابقة الموقعة في مينسك في أيلول/ سبتمبر وتنص على وقف إطلاق نار وسحب القطع المدفعية وتبادل الأسرى.
غير أن إبرام الاتفاق على أعلى مستوى بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو بدعم من ميركل ومن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، يعطيه وزنا أكبر.
غير أن الرئيس الروسي لم يوقع شيئا عمليا واقتصر الأمر بينه وبين الأوروبيين وكييف على "إعلان دعم" للنص الذي وقعه المتمردون الانفصاليون وموفدو كييف برعاية
روسيا ومنظمة الأمن والتعاون في
أوروبا.
وقال بوتين: "تمكنا من الاتفاق على الأساسيات" فيما أفاد هولاند عن "تسوية سياسية شاملة" رغم "عدم إنجاز كل ما ينبغي".
لكنه أوضح أن الانفصاليين في شرق أوكرانيا يحاصرون قرابة ثمانية آلاف جندي، ويتوقعون منهم إلقاء السلاح قبل وقف إطلاق النار.
وأضاف استنادا إلى معلومات الانفصاليين: "إنهم بالطبع ينطلقون من فرضية أن هذه المجموعة ستلقي السلاح وتكف عن المقاومة".
من جهتها، أبدت المستشارة الألمانية تحفظا بشأن آمال التوصل إلى سلام فوري، فأعلنت أنه ليس لديها "أي أوهام"، مؤكدة أنه لا يزال هناك "عقبات كبيرة" ينبغي تخطيها قبل التوصل إلى حل للنزاع في أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إن الاتفاق ليس "حلا شاملا ولا اختراقا"، غير أنه أثنى على الاتفاق بالقول إنه "خطوة إلى الأمام تبعدنا من دوامة التصعيد العسكري".
لكنه أشار إلى أن هذا التقدم تم "بدون شعور بالفرح لأن الولادة كانت عسيرة".
واعتبر القادة الانفصاليون أن الاتفاق يبعث الأمل في "حل سلمي" للنزاع. وقال ألكسندر زاخارتشنكو قائد "جمهورية دونيتسك" المعلنة من جانب واحد مثل "جمهورية لوغانسك" للصحافيين: "وقعنا اتفاقا يعطي الفرصة لتحقيق تنمية سلمية في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك. هذا انتصار كبير لهما".
وقال رئيس "جمهورية لوغانسك" إيغور بلوتنيسكي: "لا يمكننا إلا أن نعطي هذه الفرصة لأوكرانيا".
وتنص خارطة الطريق الموقعة بين مجموعة الاتصال التي تضم موفدين أوكرانيين وروس وممثلين عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، على وقف إطلاق نار اعتبارا من الأحد وانسحاب المقاتلين مع أسلحتهم الثقيلة، ما يسمح بإقامة
منطقة عازلة عرضها 30 كلم بطول بين 50 و70 كلم على جانبي خط الجبهة.
وقال هولاند في إعلان مشترك إلى جانب ميركل، إن "كل هذه المسائل تمت معالجتها في هذا النص الذي وقعته مجموعة الاتصال والانفصاليون".
وتم توقيع الاتفاق بعد ليلة من المفاوضات المتواصلة بين هولاند وميركل وبوتين وبوروشنكو في مينسك.
وقبل القمة، تكثفت المعارك بين الطرفين بغية الوصول إلى موقع قوة خلال المفاوضات، ما أدى إلى مقتل 49 شخصا يومي الثلاثاء والأربعاء في أسوأ فترات النزاع الذي اندلع قبل عشرة أشهر وحصد أكثر من 5300 قتيل.
من جهة أخرى، قال متحدث عسكري أوكراني الخميس، إن خمسين دبابة ومعدات ثقيلة أخرى دخلت أراضي بلاده انطلاقا من روسيا ليل الأربعاء الخميس، خلال القمة التي بحثت خطة للسلام في أوكرانيا.
وأضاف أندريي ليسينكو خلال مؤتمر صحافي، أن "خمسين دبابة وأربعين منصة إطلاق صواريخ من نوع غراد وأوراغان وسميرتك ومدرعات، اجتازت الحدود الروسية الأوكرانية عبر معبر آيزفاريني" في منطقة لوغانسك الخاضعة لسيطرة الانفصاليين.
وفي بروكسل، أعلنت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الخميس، أن المؤسسة الدولية ستمنح أوكرانيا التي بات اقتصادها على شفير الانهيار قرضا جديدا بقيمة 17.5 مليار دولار (15.5 مليار يورو) على أربع سنوات مقابل تطبيق إصلاحات.
وقالت لاغارد خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد أسابيع من المفاوضات في كييف ما زال ينتظر موافقة مجلس إدارة الصندوق، متوقعة أن يتم ذلك "قبل نهاية شباط/فبراير".
من جهة ثانية، تأجل افتتاح القمة الأوروبية في بروكسل لساعتين على الأقل بسبب تمديد مفاوضات مينسك.
اقتصاديا، تحسن وضع الروبل الخميس بعد قمة مينسك، حيث بلغ سعر الدولار في الساعة 10:00 تغ 64.85 روبل مقابل 65.25 مساء الأربعاء. وتراجع اليورو إلى 73.61 روبل مقابل 73.95 روبل مساء الأربعاء.