نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" تقريراً يسلط الضوء على ممارسة عادة
التدخين داخل أراضي
تنظيم الدولة، ومحاربته هذه العادة، ومعاقبة من يمارسها، باعتبارها أمراً محرماً.
وتقول الصحيفة إن قطع الرؤوس يعد أمراً عادياً في المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة، لكن الرأس المقطوع، الذي عثر عليه الشهر الماضي في بلدة الميادين في شرق سوريا، كان مظهره مختلفاً، فقد وضعت بين شفتي القتيل سيجارة، وكتب أحدهم على الجثة المتعفنة عبارة "هذا حرام يا شيخ". وكما تبين فالرأس المقطوع يعود إلى مسؤول بارز في تنظيم الدولة.
ويوضح التقرير أن تنظيم الدولة يقوم بحملة شرسة ضد من يقبض عليه متلبساً بجرم ممارسة عادة التدخين أو تعاطي الكحول، وذلك محاربة للرذبلة داخل أراضي الدولة.
وتشير الصحيفة إلى أن من بين العادات التي يحرمها التنظيم، يظل التدخين المنتشر بشكل كبير، هو العادة التي يجد السكان صعوبة بالإقلاع عنها، فبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فنصف الرجال في سوريا يدخنون، ومن كل عشرة نساء هناك واحدة تدخن.
ويفيد التقرير بأنه بعد فترة قصيرة من سيطرة التنظيم على مدينة دير الزور، شرق سوريا، بدأ أفرادها بإغلاق محلات بيع السجائر ومقاهي الشيشة.
وتجد الصحيفة أنه بالرغم من أن الموقف الديني من التدخين، في بعض تفسيراته يتسامح مع هذه العادة، إلا أن معظم العلماء في الوقت الحالي يرون فيه انتحاراً بطيئاً، ولهذا يحرمونه.
والتحريم هو ما يتعامل معه تنظيم الدولة بنوع من الجدية. وبحسب الصحيفة، فإن أتباع التنظيم يقومون بتحميل صور على الإنترنت، تظهر فيها السيجارة مقترنة بالرجل الذي يلبس عباءة سوداء، في إشارة إلى ملك الموت، وصور لرجال ملتحين يقومون برمي صناديق السجائر في المحرقة. وتظهر لقطات أخرى مقاتلين، وهم يعرضون كميات من السجائر الممنوعة.
ويبين التقرير أن بعض من يعيشون تحت حكم تنظيم الدولة يجدون فرصة للتدخين خارج مناطق سيطرة الجهاديين.
وتنقل الصحيفة عن المواطن محمد خليل قوله: "أحاول الاستمتاع بالتدخين قدر الإمكان"، حيث كان يتحدث عند بوابة أكاكالي، المعبر الحدودي التركي إلى سوريا. وتظهر من المعبر بلدة تل الأبيض، التي تخضع لسيطرة تنظيم الدولة، ويعلق خليل قائلاً: "في اللحظة التي أجتاز فيها إلى هناك لا يمكنني التدخين بشكل علني".
ويورد التقرير أن سائقي الشاحنات، الذين ينقلون البضائع بين المناطق الخاضعة للمعارضة، يواجهون الكثير من القيود، وعليهم التعامل مع كل تنظيم وممنوعاته. ويقول مسؤول في وحدة تنسيق الإغاثة، وهي مجموعة سورية تعمل من تركيا، "في أي لحظة يصل فيها سائقونا لحاجز تفتيش تابع لتنظيم الدولة، يقفلون الموسيقى ويقومون بتشغيل الأناشيد، ويرمون ما لديهم من سجائر من نافذة الشاحنة".
وتجد الصحيفة أنه نظراً لتشدد التنظيم فإن بعض أفراده وجدوا قيوده صعبة. فلم يستطع مثلاً فلافين موريو (27 عاماً) الصبر دون تدخين، وبعد أسبوعين من انضمامه لتنظيم الدولة سلم الكلاشينكوف الذي بحوزته وعاد إلى فرنسا، حيث حكم عليه في تشرين الثاني/ يناير العام الماضي بالسجن لمدة سبعة أعوام. ونقل عنه راديو فرانس24 قوله: "لم أستطع العيش دون سجائر"، و "أحضرت معي لبان نيكوتين، ولكنه لم يكن كافياً" و "لهذا تركت بندقيتي مع قائدي ورحلت".
ويلفت التقرير إلى أن كل من ينتهك قانون منع التدخين في أراضي تنظيم الدولة، فإنه يواجه 40 جلدة، ومن يقبض عليه أكثر من مرة يواجه الجلد والسجن أيضاً، وأحياناً القتل، كما في حالة المسؤول الذي قُطع رأسه. ويقول ناشطون في الرقة إن العديد أعدموا بسبب إصرارهم على التدخين.
وتكشف الصحيفة عن أنه مع هذه المخاطر كلها، إلا أن التهريب لم يتوقف، حيث يتم نقل السجائر عبر تركيا إلى داخل مناطق تنظيم الدولة. ويقول أبو محمد، وهو ناشط من الرقة: "هناك الكثير من عمليات التهريب، وهناك العديد من الطرق لتهريبها"، أي السجائر، مثل حشوها في علب تنكية أو أكياس الطحين، وأحياناً أكياس من الخبز العربي.
ويذكر التقرير أن من الاختراعات الجديدة، التي ابتدعها سائقو الشاحنات الذين يتحركون بين القائم في العراق ومدينة الرقة السورية، حيث يمنع التدخين، فإنهم يقومون بتحميل الحمام الزاجل علب سجائر تنقل إلى بيوتهم في الرقة، بحسب مواقع إخبارية تابعة للمعارضة السورية.
وتختم "لوس أنجلوس تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه نظراً لتحريم التدخين فقد ارتفعت أسعاره بشكل كبير. ويعلق أبو محمد: "في الماضي كان سعر علبة (الغولاز) الأحمر 50 ليرة سورية، أما الآن فأصبح سعره 150 ليرة سورية".