اتهم حزبيون وإعلاميون ومراقبون
مصريون الأجهزة
الأمنية والجهات السيادية "المخابرات"، بأنها تتدخل في التحالفات الانتخابية الجارية حاليا، وتتلاعب بمرشحي الأحزاب المختلفة، من أجل تغليب كفة قائمة "في حب مصر" المدعومة من قِبلها؛ كي تفوز بالأغلبية الانتخابية، وتشكل الحكومة المقبلة، بحيث تكون ظهيرا لعبدالفتاح
السيسي، يستطيع من خلاله تنفيذ سياساته، ويتجنب أي معارضة تأتيه من داخل
البرلمان.
والأمر هكذا، حذر عدد من المراقبين من أن الطريق إلى البرلمان المصري المزمع بدء انتخاباته في شهر أذار/ مارس المقبل؛ مفروش بتزوير إرادة الناخبين، الذين سيشاركون في هذه
الانتخابات، قبل أن تبدأ، نتيجة هذه التدخلات من قبل تلك الأجهزة الأمنية، والجهات السيادية.
وتحظى قائمة "في حب مصر" بدعم كامل من الأجهزة الأمنية، ورئاسة الجمهورية، ويرأسها مدير مركز الجمهورية للدراسات السياسية والاستراتيجية، رجل المخابرات السابق اللواء سامح سيف اليزل، وتضم عددا من المحسوبين على الحزب الوطني المنحل، فضلا عن شخصيات داعمة للسيسي، بحسب مراقبين.
فقد كشف رئيس حزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي"، الدكتور محمد أبو الغار، عن وجود اتجاه داخل الحزب للانسحاب من الانتخابات على مستوى القوائم، والاكتفاء بخوضها على المقاعد الفردية فقط.
وعلل أبو الغار ذلك في تصريحات صحفية السبت، بأن السبب هو ما تسببه قائمة "في حب مصر" من مشكلة كبيرة داخل الأوساط السياسية، وتأكد الحزب من أن الدولة على أعلى مستوياتها، بالإضافة لبعض الأجهزة السيادية، تساند، وتتدخل في تكوين، وتشكيل تلك القائمة، على حد قوله.
وأوضح أن أجهزة الدولة تتدخل لصالح تلك القائمة من خلال اتصالات مع رموز المرشحين في بقية القوائم، إذ يتم الحديث معهم إما لضمهم على قوائم "في حب مصر"، أو مطالبتهم بعدم الترشح من الأساس على القوائم المنافسة، معتبرا أن هذه التصرفات ستؤدي إلى تشكيل مجلس نواب مشابه لمجلس 2010.
وأشار إلى أن من سيدخل البرلمان بهذه الطريقة سيكون أكثر من 50% من أعضاء الحزب الوطني (المنحل)، إضافة إلى أن ممارسات الدولة شجعت باقي رموز هذا الحزب على الترشح، مرجعا هذه التصرفات إلى وجود مصالح متبادلة بين أعضاء الحزب الوطني (المنحل) والدولة، وفق قوله.
وفي سياق متصل، اعتبر رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة"، الإعلامي عبد الحليم قنديل الداعم للسيسي، البرلمان المقبل انتقاما من الثورة والثوار، مؤكدا أن هذا البرلمان غير دستوري، ولهذا سيبقى تحت "سيف الحل"، وأن بعض الأجهزة الأمنية تدخلت في تشكيل قوائم انتخابية منها قائمة "في حب مصر"، وفق قوله.
وتوقع قنديل في لقاء بإحدى الفضائيات انخفاض نسبة المشاركة في التصويت بالبرلمان المرتقب، مؤكدا أن انتخابات البرلمان تحولت لمزايدة مالية كبرى، وليس لمنافسة سياسية، بحسب وصفه.
في سياق متصل، أكد القيادي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، باسم كامل أن قائمة "في حب مصر" تحظى بدعم من أجهزة الدولة الأمنية، وأن مكتب رئيس الجمهورية يساعد في تشكيلها.
وأشار إلى أن "هناك أجهزة أمنية تواصلت مع مرشحين للحزب، وحذرتهم من فشلهم، وعدم نجاحهم، إذا ما خاضوا الانتخابات باسم الحزب، ولم يخوضوها باسم قائمة "في حب مصر"، محذرين إياهم من عدم وجود أي فرصة لهم خارج تلك القائمة، مما سبب القلق لمرشحين كثيرين بالحزب"، وفق قوله.
وأضاف: "نرى أن هذا خطير جدا، حتى وإن كان الهدف من تلك التحذيرات مجرد إثارة الخوف والقلق لدى المرشحين، إلا أنه من المؤسف أن يكون الوضع بهذا الشكل، والتدخل الواضح للأجهزة الأمنية في تشكيل القوائم، واختيار المرشحين، لأن هذا يدل على أننا ما زلنا في دولة أمنية، وأشك أن يؤدي ذلك إلى أي تحول ديمقراطي"، على حد قوله.
وكان رئيس حزب الوفد الدكتور السيد البدوي قد لوح قبل أيام بعدم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، احتجاجا على ما وصفه بـ"تدخل أجهزة سيادية في العملية الانتخابية بتشكيل القوائم".
وقال البدوي إنهم أبلغوا اللواء سامح سيف اليزل، أحد قيادات قائمة "في حب مصر"، اعتراضهم على تدخل أجهزة سيادية في اختيار المرشحين.
وأضاف البدوي في بيان أصدره أنهم قدموا قائمة بأسماء مرشحين لسيف اليزل، وأن الأخير أخبره باختيار 20 فقط من مرشحي الوفد، ضمن القائمة.
وغير بعيد، أشار أمين عام حزب المؤتمر، اللواء أمين راضي، إلى أن مرشحي المؤتمر تلقوا اتصالات من جهات سيادية بضرورة انسحاب بعض مرشحيهم لصالح بعض رجال الدولة.
كما أكد مساعد رئيس حزب الوفد، طارق سباق، وجود تدخل من جهات سيادية وأمنية في تشكيل قائمة "في حب مصر".
ونقلت تقارير صحفية عن رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام قوله إنه سيراجع موقفه بشأن خوض الانتخابات البرلمانية، مشيرا إلى أن الأمن الوطني، هو من طلب منه الانضمام لـ"في حب مصر"، وأنه أصبح في موقف محرج.
وقال الدكتور هاني سرى الدين إنه طُلب منه كذلك الانضمام لتلك القائمة، وهو يدرس الآن عدم خوض الانتخابات.
في المقابل، قال مقرر عام قائمة "في حب مصر" اللواء سامح سيف اليزل، إن "الهجوم على قائمته، واتهامها بأنها قائمة الدولة يأتي في إطار الدعاية الانتخابية المضادة"!
وأضاف في تصريحات صحفية السبت، أن اللجنة التنسيقية للقائمة قررت عدم الرد على أي شائعات أو اتهامات تخص "في حب مصر".
كما نفى الدكتور أحمد سعيد، المتحدث باسم "في حب مصر"، وجود دعم من جهات سيادية، زاعما أنه لا صحة لما يقال عن أن هناك ضغوطا من جهات أمنية على المرشحين لضمهم إلى القائمة.
تلاعب أسوأ من التزوير
وتعليقا على المشهد، قال الكاتب الصحفي أنور الهواري في مقاله بعنوان "اخرجوا إلى العَلَن"، بجريدة المصري اليوم السبت: "إن أي أغلبية برلمانية تأتي بها الأجهزة الأمنية سوف تكون مؤيدة للأجهزة، ولكن تحت لافتة الرئيس".
وطالب الهواري بـ"أن يتواضع الرئيس، ويطلب من الشعب أن يسعفه، بأغلبية برلمانية تؤيده، فالمهم هو ألا تكون هذه الأغلبية كما كانت في العهود السابقة بالتزوير"، وفق قوله.
وأضاف الهواري: "نعم.. يكفي أن يتعهد الرئيس، وأن تتعهد الحكومة، بعدم التزوير، وهذا هو الإنجاز الممكن إضافته إلى المسار الديمقراطي".
واستدرك: "أما ما يجرى حاليا من إدارة في الظلام، إدارة بالغموض، إدارة من أشخاص قلائل لا نعرفهم، ولم ننتخبهم، فهذا أسوأ أنواع التلاعب بمصائر الشعوب، بل هو تلاعب أسوأ من التزوير الوقح الفج الرقيع"، على حد تعبيره.
وكان الهواري يعلق بذلك على ما صرح به الفقيه الدستوري محمود أباظة، القيادي الوفدي، مؤخرا، من أنه من حق الرئيس أن تكون له أغلبية تدعمه في البرلمان، "ولكن نُريدُ الشفافية، ولا نُريدُ أغلبيةً مُستترة أو مُختبئةً".
وحذر أباظة من أنه في جو الغموض القائم، قد تسعى بعضُ الأجهزة الأمنية لتشكيل أغلبية تعاون الرئيس، فتكون هذه الأغلبية البرلمانية مؤيدة للأجهزة الأمنية، أكثر من كونها مؤيدة للرئيس، فالأفضل أن يكون الأمرُ مُعلنا في النور، وأن يطلب الرئيس أغلبية تؤيده في البرلمان، على حد قوله.