هل ستغير
الدانمارك سياستها تجاه العائدين من سوريا، القائمة على منحهم الفرصة وتأهيلهم من جديد؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل تعتمد على الطريقة التي ستتعامل فيها الحكومة مع
الهجومين اللذين حدثا في العاصمة كوبنهاغن، حيث استهدف الأول مقهى عقدت فيه ندوة لمشاركة حرية التعبير، أما الثاني فحدث قرب
كنيس يهودي.
وفي الوقت الذي تقول فيه الشرطة الدانماركية إنها قتلت شخصا تشتبه بكونه الفاعل، إلا أن العملية ألقت بظلالها على مشكلة التعامل مع "الذئب الوحيد"، وكيفية منع هجمات من هذا النوع.
ويعتقد أن الهجوم على المقهى استهدف رسام الكاريكاتير الدانماركي لارس فيلكس، الذي رسم في الماضي رسوما مسيئة للنبي محمد، وشارك في الندوة السفير الفرنسي، ولم يصب أي منهما بأذى. وتم تنظيم الندوة في ذكرى إصدار آية الله الخميني الفتوى ضد المؤلف سلمان رشدي عام 1989.
وتذكر المصادر أن الفاعل لم يستطع الدخول إلى مقهى "كرودتوندين" في حي أوستربو القريب من مركز العاصمة.
وقد وصفت رئيسة الوزراء الدانماركية الحادث بـ"الإرهابي"، وقالت إن البلاد كلها في حالة تأهب. ويبدو أن الفاعل كان يريد القيام بعملية على طريقة "شارلي إيبدو"، التي قتل فيها 12 شخصا بداية الشهر الماضي.
ويعلق كيم سينغوبتا في صحيفة "إندبندنت أون صاندي" على الهجوم قائلا إنه يعد بمثابة "فقدان للبراءة بالنسبة للدانمارك الليبرالية، ومحاولتها تبني مدخل غير عقابي تجاه مواطنيها، الذين سافروا للقتال في سوريا والعراق".
ويضيف الكاتب: "سيكون هذا على الأقل هو رد فعل النقاد الذين هاجموا برنامج إعادة تأهيل الجهاديين الذي تبنته الحكومة".
ويوضح سينغوبتا أن "الهدف من البرنامج هو وقف دائرة التشدد، وبدأ البرنامج في مدينة أروس، وتم تبنيه في معظم مناطق البلاد. وجاء البرنامج نظرا لسفر العديد من الشبان المسلمين الدانماركيين إلى سوريا والعراق، بعدد يفوق غيرهم من الدول الأوروبية".
وتلفت الصحيفة إلى أن الدانمارك تعد الدولة الغربية الوحيدة التي تبنت برنامجا كهذا، وقد زار المشرفون على البرنامج عددا من الدول الأوروبية من أجل تقديمه وتوضيح فكرته للمسؤولين فيها، بالرغم من أن فرص تطبيقه في دول أوروبية أخرى أصبحت قليلة بعد هجمات باريس، وستكون أقل بعد هجمات يوم السبت.
ويقول سينغوبتا: "قابلت بعضا من الشباب الدانماركيين الذين انضموا للبرنامج. وبينهم شاب يدعى مهدي، وهو دانماركي من أصل مغربي، حيث قال إنه شعر بالخوف من الحديث عن الحرب، وقال: (سمعت أن الأشخاص يتعرضون للتحقيق وأنه يتم تفتيش بيوتهم بما فيهم من هم ضد
تنظيم الدولة، وهذا سيجعلهم يتحركون ضد بلدهم، وسأشعر بالأمر ذاته لو حدث هذا في الدانمارك)".
ويورد التقرير رأي أحد الذين شاركوا في تصميم البرنامج، وهو البروفيسور بيربين بيرتلسون، الذي يقول: "هذا هو الحل الوحيد، فعندما ستتم هزيمة تنظيم الدولة في ثلاث سنوات فإنه سيكون لدينا ستة آلاف شاب غاضب في أوروبا".
ويختم سينغوبتا تقريره بالإشارة إلى قول النائب في البرلمان عن حزب الشعب الدانماركي المحافظ، ماريا كراب، التي وقفت ضد البرنامج: "لم يتم التفكير جيدا في البرنامج، فهو يقوم بمكافأة العنف". ويقول سينغوبتا إنه بعد هجوم الليلة الماضية فسينتصر رأي أشخاص مثلها.