كتب رسول توسون: ما زال الترشح في الأحزاب السياسية مستمرًا، والأكيد هو أن الأحزاب تختار أعضاءها بحزم شديد، لتحصل على أعلى نسبة من الأصوات.
وفي هذه الأثناء فإننا نرى التصريحات الجديدة التي تدلي بها الأحزاب السياسية، والتي تسعى إلى لفت انتباه النساء.
نحن في مجتمع يسود فيه الرجال... هذا صحيح، ولا نعطي النساء القيمة التي يستحقونها، وهذا أيضاً صحيح.
وفي هذا الخصوص لا يوجد فرق بين جماعة "أتاتورك"، واليساريين، والعلويين، والسنيين، واليمينيين، والقوميين. المرأة مغدورة في جميع الاتجاهات، أما أكثر فئة مظلومة من النساء في ربع القرن الأخير فهي فئة المحجبات.
الآن تسعى جميع الأحزاب السياسية إلى قلب هذا الظلم الواقع على النساء، وبعض الأحزاب تسعى إلى زيادة شعبيتها عن طريق ملء بعض المقاعد بالنساء.
أنا لا أجد هذه الأدبيات النسائية للأحزاب السياسية صادقة أبدًا، ولا أجدها إيجابية... وليس فقط الأدبيات النسائية، بل حتى أدبيات النساء المحجبات لا أجدها صادقة.
هؤلاء النساء اللواتي كنّ قبل فترة يحاربن من أجل حجابهن، لا أجد استخدامهن لصفة "محجبة" في البرلمان لكسب الأصوات صادقة أبدًا، بل إني أعتبره استغلالاً!
هل ينبغي على النساء ألا يعملن في السياسة، وألا يصبحن نائبات في البرلمان؟
بالطبع تستطيع المرأة أن تعمل في السياسة، وأن تصبح نائبة في البرلمان. ولكن ينبغي فقط للنساء اللاتي يعملن في السياسة أن يصبحن نائبات في البرلمان. لا ينبغي لهن أن يعملن في السياسة فقط لأنهن نساء، وليحصلن على الشهرة!
فمثلاً، أحد الأحزاب السياسية جعل من إحدى النساء الفنانات نائبة في البرلمان فقط لأن رئيس الوزراء ذكر اسمها قبل أربع سنوات (لا داعي لذكر اسمها)، ويعلم جميع السياسيين أن هذه المرأة لم تقدم للسياسة أي خدمة طوال الأربع سنوات.
استخدام النساء اللاتي لا يعملن في السياسة كنائبات في البرلمان فقط لأنهن نساء ولأجل الشهرة أمر يضر أولاً بالنساء اللاتي يعملن في السياسية، وبالطبع يضر السياسة بشكل عام.
هل نجعل امرأة لم تدرس الطب تعمل طبيبة فقط لأنها امرأة؟
هل نسمح لامرأة لا تملك رخصة قيادة بأن تقود سيارة فقط لأنها امرأة؟!
بالطبع نحن لا نفعل هذا، إلا إنه الشيء نفسه حين نقوم بجعل امرأة لا تعمل في السياسة تعمل نائبة في البرلمان، فكأننا نجعل امرأة لا تملك رخصة قيادة تقوم بقيادة السيارة التي نركبها!
يجب على السياسيين التنبه إلى غضب الناس في دوائرهم الانتخاببة عندما يرشحون النساء اللاتي لا يعملن في السياسة بدل الشخصيات المعروفة. وهذا الوضع سارٍ على ترشيح النائبات المحجبات أيضاً.
ترشيح امرأة لا تملك أهلية فقط لأنها محجبة يضر أولاً بالنساء المحجبات اللاتي يعملن في السياسة.
أعتقد أنه ينبغي الاختيار بين النساء المحجبات أيضاً بعناية، وإن تم اختيار امرأة فيجب أن تقدم فائدة للسياسة مثل "فاطمة شاهين"، وإن تم اختيار امرأة محجبة فيجب أن تكون مثل "عائشة بوهورلار"، و"سيبال أراسلان"، و"أوزلام زنجين"... نساء محجبات خارجات من قلب السياسة.
باختصار، فإنه حين نختار أحدًا من بين المرشحين فينبغي ألا ننظر إلى كونه رجلاً أو امرأة، أو محجبة أو غير محجبة، أو كبير أو صغير، وإنما ينبغي النظر إلى تجربته السياسية وأهليته.
فنحن لا نختار عضواً لفريق الـ"فلكلور"! نحن نختار عضواً سيؤدي مهمة في البرلمان، وسيقدم الخدمات لإدارة الدولة، وسيدافع عن قضيته، وسيواجه معارضيه بالمعلومات والمعرفة... أليس كذلك؟
(عن صحيفة "ستار"- خاص لـ"عربي21": ترجمة وتحرير "تركيا بوست")