وقف رجل الدين الشيعي وهو يرتدي زيا عسكريا وعمامة بيضاء ليلقي كلمة عشية المعركة على مقاتلين مدعومين من إيران، يستعدون لمهاجمة
تنظيم الدولة في
تكريت. وأشاد بهم لدفاعهم عن عقيدتهم وحثهم على القتال بشرف.
أمامه جلست على العشب صفوف من المسلحين من منظمة بدر أكبر فصيل شيعي مسلح في
العراق، والعنصر الرئيس لقوة تتقدم الآن على الجانب الشرقي لتكريت لمحاربة تنظيم الدولة الذي يسيطر الآن على معظم شمال العراق.
والهجوم متعدد المحاور هذا الأسبوع هو أكبر هجوم منسق على تكريت مسقط رأس صدام حسين، منذ أن سيطر عليها مقاتلو تنظيم الدولة.
والهجوم كذلك، هو أوضح مثال على الدور المهم الذي تلعبه طهران وليس واشنطن في ساحة المعركة، في حرب تساند فيها إيران والولايات المتحدة الجانب نفسه ضد عدو مشترك.
وعلى عكس هجوم سريع وفاشل على تكريت في تموز/ يوليو، فإن هذه الحملة تبدو وكأنها تتبع استراتيجية عسكرية منهجية رسمها مستشارون إيرانيون في سوريا المجاورة التي ساعدت رئيس النظام السوري بشار الأسد على استعادة بعض من الأراضي التي خسرها.
ويشرف القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني مع اثنين من القادة الأمنيين العراقيين الشيعة على القطاع الشرقي من حملة تكريت.
وسليماني الجنرال في الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق القدس الإيراني الذي تعتبره واشنطن تنظيما إرهابيا محظورا، مسؤول عن تدريب وتسليح المتشددين الشيعة في أنحاء الشرق الأوسط.
ويشارك في التقدم في العراق 20 ألف مقاتل على الأقل من الفصائل الشيعية المعروفة باسم وحدات الحشد الشعبي. وهي مدعومة جوا بطائرات عراقية، وليس بشكل مباشر بقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة وتستهدف مواقع تنظيم الدولة في أماكن أخرى في العراق وسوريا.
وتحقق تقدم مطرد في الأيام الثلاثة الأولى من المعركة، رغم عوامل التعطيل من قناصة وقنابل على الطريق إلى تكريت في كثير من الأحوال.
وجرى الإعداد للهجوم بدقة من جرافات مدرعة تحفر سواتر لحماية القوات المتقدمة كل ليلة، ومن رجال الدين ووحدات "التوجيه العقائدي" التي تعمل على رفع الروح المعنوية.
وسبق للمليشيات العراقية الشيعية أن ارتكبت الكثير من السرقات والأعمال الوحشية، بعد السيطرة على مناطق، وهي تهمة تنفيها الفصائل.
لافتات شيعية
والقوة المهاجمة عبارة عن مجموعة من المركبات المدرعة والشاحنات الصغيرة والدراجات النارية.
والقافلة تضم مئات المقاتلين ومدافع محملة على سيارات جيب وعربات إسعاف وعربات شرطة مدرعة.
ويقود أعضاء منظمة بدر وقوات الجيش النظامي دبابات متشابهة، ولا يفرق بينها سوى شعار للجيش يوضح القوات النظامية من الفصائل الشيعية.
وفوق بعض مركبات الجيش المدرعة ترفرف صورة الحسين جنبا إلى جنب مع علم العراق.
وتقول الفصائل إن لديها معلومات مسبقة عن الأراضي حصلوا عليها من المخابرات العسكرية ومصادر في الأراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة. وفي بعض الأحيان يلجأون إلى طرق جانبية لتجاوز الشراك الخداعية المشتبه في أنها مزروعة في طريقهم.
ورغم ذلك، فقد تعرضت القوات المتقدمة لخسائر في اليومين الأوّلين من العملية. ويمكن رؤية ثلاث مركبات متفحمة تابعة للجيش وقوات الفصائل على الطريق.
ويوم الاثنين عبر المقاتلون منطقة جبال حمرين قبل النزول إلى سهل دجلة ليتقدموا ثمانية كيلومترات فقط. وفي اليوم التالي وبعدما اختفى مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية كان تقدمهم أقرب إلى 50 كيلومترا بحسب رويترز.
ومع تقدمهم تركوا وحدات للشرطة ومقاتلين من الفصائل للسيطرة على أراض خلف خط المواجهة.
وبحلول العصر خلال اليومين كانوا قد أقاموا قاعدة لقضاء الليل.
وتتحرك مع المقاتلين شاحنة صغيرة بيضاء عليها مكبرات صوت وترفرف فوقها لافتة شيعية وفيها رجال من وحدة التوجيه العقائدي لتقديم النصيحة في أرض المعركة، وتذيع أغاني عسكرية لرفع الروح المعنوية للمقاتلين.
والقوة الشرقية التي تستهدف بلدة "العلم" شمالي تكريت واحدة من ثلاثة محاور رئيسة للحملة، والاثنان الآخران يتقدمان على طول نهر دجلة من الشمال والجنوب.
واتصل مقاتلو الفصائل بالفعل بسكان "العلم" وأغلبهم من السنة، ليبلغوهم بأنهم سيعاملونهم معاملة حسنة إذا رفعوا أعلاما بيضاء.
وقال أحد المعممين الشيعة للمقاتلين الذين تجمعوا عند سد العظيم قبل القتال، إنه بدونهم ستصبح نساء كربلاء والنجف إماء، مشيرا إلى المدينتين اللتين تضمان أهم المزارات الشيعية.