يبدو أن وزير
النفط السعودي،
علي النعيمي، عندما قال إنه لا يريد أن تفقد المملكة مزيدا من نصيبها في السوق، فإنه كان يعني ذلك حقا.
فقد شهد العراق وفنزويلا وروسيا وكازاخستان جميعا الخام السعودي يحل محل جزء من نفطهم في آسيا والولايات المتحدة وحتى في أوروبا، مع تراجع الطلب هناك، وقال تجار إن المملكة عرضت على عملائها مزيدا من النفط، وبأسعار أقل.
ومن الصعب تتبع الإمدادات من
السعودية أكبر منتج للخام في منظمة "
أوبك"، حيث تصل إلى العملاء بموجب صفقات سرية مباشرة، وليس من خلال السوق الفورية.
لكن تأكيدا غير مباشر على زيادة الشحنات التي يتم تسليمها للزبائن جاء يوم الأحد من النعيمي، حيث قال إن المملكة تضخ الآن نحو عشرة ملايين برميل يوميا من الخام، مقتربة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، وبزيادة حوالي 350 ألف برميل يوميا عن رقم إنتاجها في شباط/ فبراير الماضي، الذي أبلغته لأوبك.
ولتأكيد الرسالة قال النعيمي إن المملكة لديها القدرة على زيادة الإنتاج إذا طلب العملاء كميات إضافية.
وقال جاري روس وهو رئيس ومؤسس بيرا للاستشارات -وهي أول من توقع أن إنتاج السعودية سيرتفع إلى عشرة ملايين برميل يوميا في آذار/ مارس الجاري- إن بحوث بيرا وحواراتها مع العملاء أظهرت تسليمات إضافية من شحنات النفط إلى الولايات المتحدة وآسيا.
وفي آسيا تحولت بعض المصافي الصينية من استخدام نفوط غرب أفريقيا إلى استخدام الخام السعودي الخفيف.
وفي الولايات المتحدة زاد بعض العملاء استخدام النفط السعودي، نظرا لأن سعره أقل مما يعرضه المنافسون.
وقال روس إن الإمدادات السعودية ساهم في ارتفاعها أيضا تراجع الشحنات من الخام العراقي، نظرا للطقس السيئ في شباط/ فبراير الماضي.
وأضاف أن "السعوديين قالوا إنهم مستعدون لزيادة الإمدادات إذا كان هناك مزيد من الطلب. ولذا فإنهم تلقوا على مدى الأشهر الماضية مزيدا من الطلبيات، وأمدوا السوق بكميات إضافية من الخام".
وتابع: "أعتقد أن السعودية راضية عن كميات إنتاجها الحالية، وهي سعيدة باستعادة نصيبها في السوق. من غير المرجح أن يتجاوزا كثيرا مستوى عشرة ملايين".
وقال النعيمي مرارا إن فقدان السعودية جزءا من نصيبها في الأسواق الرئيسية يشكل السبب الرئيسي وراء قرارها بعدم خفض الإنتاج في اجتماع "أوبك" السابق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014.
وساهم القرار في هبوط أسعار النفط بشكل حاد إلى أقل من 50 دولارا للبرميل في كانون الثاني/ يناير من 115 دولارا في حزيران/ يونيو 2014.
ويأمل السعوديون أن تؤدي تلك التطورات إلى خفض الإنتاج مرتفع التكلفة من جانب منتجين مثل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، وزيادة نصيب المنتجين ذوي التكلفة المنخفضة في السوق مثل السعودية.
وأظهرت الأسابيع الماضية أن الرياض لم تنتظر حتى يرتفع نصيبها في السوق بل اتخذت إجراءات استباقية لإدارة الموقف.
وقال متعامل مع شركة نفطية كبرى تشتري كميات كبيرة من الخام من السعودية وروسيا وكازاخستان: "طرح السعوديون كميات إضافية من الخام في أوروبا منذ شباط/ فبراير الماضي، وهو شيء لم أشهده منذ وقت طويل. وخلق ذلك مزيدا من الضغوط على نفط روسيا وكازاخستان".
وانخفضت إمدادات روسيا وكازاخستان إلى أسواق البحر المتوسط في كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير الماضي، نظرا للطقس السيئ.
وهبطت صادرات نيجيريا أيضا نظرا للانقطاعات.
وقالت أمريتا سين من "إينرجي أسبكت" التي توقعت أيضا في شباط/ فبراير ارتفاع الإنتاج السعودي لأكثر من عشرة ملايين برميل يوميا في آذار/ مارس: "بشكل أساسي.. أسعار البيع السعودية جذابة جدا بالمقارنة بأسعار المنافسين، ومن ثم فإن الطلب على خامهم قوي".
وأظهرت بحوث وتوقعات النفط لتومسون أن واردات الولايات المتحدة من الخام السعودي بلغت 30 مليون برميل في شباط/ فبراير متجاوزة الصين، بعدما خفضت المملكة الأسعار لأمريكا.
وقالت سين إن معدلات التشغيل الأعلى من المتوقع للمصافي والطلب على الوقود في آسيا وأوروبا أتاح للرياض أيضا بيع مزيد من النفط.
وقالت أرامكو السعودية الحكومية العملاقة إنها تتوقع زيادة الإمدادات إلى الصين مع مرور الوقت.
وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو، خالد الفالح، في مقابلة في بكين: "نتوقع تضاعف محتمل لإمداداتنا من الطاقة.. مع تنامي طلب الصين على الطاقة".
وتميل السعودية إلى زيادة الإنتاج دون زيادة الصادرات في أشهر الصيف، عندما يرتفع الطلب المحلي على الكهرباء لتشغيل مكيفات الهواء.
وارتفع الطلب المحلي أيضا مع نمو طاقة التكرير في المملكة.
ورغم ذلك، فقد استثمرت السعودية بكثافة في إنتاج الغاز، ولذا فإنها تستطيع توفير مزيد من النفط للتصدير بدلا من استخدامه في تشغيل محطات توليد الكهرباء.