يواجه بنيامين
نتنياهو إحدى أسوأ الأزمات التي عرفها رئيس وزراء
إسرائيلي في علاقاته مع البيت الأبيض، الذي لا يبدي أي استعداد لقبول اعتذاراته أو تفسيراته للتصريحات التي أدلى بها في سياق الحملة الانتخابية.
وجاء تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، الثلاثاء، ليزيد من حدة الأزمة، حيث يقول إن إسرائيل تجسست على المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى.
ونفت إسرائيل هذه الاتهامات على الفور، مؤكدة أنها "غير صحيحة"، وأنها لم تتجسس على الولايات المتحدة.
وأفادت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أمريكيين سابقين وحاليين أن الهدف كان اختراق المحادثات من أجل اعتراض أي مسودة اتفاق.
ولكن ما أثار غضب البيت الأبيض خصوصا هو أن إسرائيل أطلعت أعضاء في الكونغرس الأمريكي على معلومات سرية على أمل نسف أي دعم للاتفاق الذي يهدف إلى منع إيران من حيازة سلاح نووي.
ويعارض عدد كبير من الجمهوريين مثل هذا الاتفاق.
وتهدف المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين بالإضافة إلى ألمانيا) حول برنامج طهران النووي إلى التوصل إلى اتفاق سياسي قبل انتهاء المهلة المحددة في 31 آذار/ مارس، وبعد ذلك، من المفترض أن يعمل المفاوضون للتوصل إلى اتفاق نهائي يتضمن كافة المسائل التقنية بحلول الأول تموز/ يوليو المقبل.
وخلال حملته الانتخابية، توجه نتنياهو إلى واشنطن بدعوة من الجمهوريين، وألقى خطابا أمام الكونغرس للتنديد بالمفاوضات مع إيران، ما أثار غضب البيت الأبيض.
ومن جهته، أكد جوناثان رينولد، الذي ألف كتابا مؤخرا عن العلاقات الثنائية بين البلدين، أن العلاقات بين الحليفين لم تكن أسوأ مما هي الآن.
وقال: "الطابع العام لهذا العداء المتبادل (بين نتانياهو وأوباما) يمثل أدنى مرحلة (في العلاقات)،لا اعتقد أنه كانت هناك انتقادات شخصية عنيفة بشكل عام في السابق".
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية شككت بمصداقية نتنياهو، حيث أكدت أنه "عندما تقول شيئا، فإن الكلمات تهم، وعندما تقول شيئا مختلفا بعد يومين، ماذا ينبغي علينا أن نصدق؟ من يعلم؟ لا نستطيع قراءة أفكاره".
ويندرج هذا الموقف في إطار انتقاد واشنطن المستمر للمواقف التي أدلى بها نتنياهو في إطار حملته الانتخابية، التي أعلن فيها رفضه حل الدولتين، علما بأنه سارع بعد فوزه في انتخابات 17 آذار/ مارس التشريعية إلى تبديل خطابه، مؤكدا في مقابلات عدة مع وسائل إعلام أمريكية أنه لا يرفض في الواقع فكرة قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وأدلى نتنياهو أيضا بتصريحات تنتقد تصويت العرب في الانتخابات التشريعية.
وقبل ساعات على إغلاق مكاتب الاقتراع، وجه نتنياهو نداء لتشجيع أنصار حزبه الليكود على الاقتراع، وقال: "اليمين في السلطة في خطر، يأتي الناخبون العرب بأعداد كبيرة إلى مكاتب الاقتراع. الكتل اليسارية تنقلهم في حافلات".
واعتذر نتنياهو علنا الاثنين عن هذه التصريحات .
ودعا الأمين العام للبيت الأبيض، دنيس ماكدونو، في خطاب ألقاه في واشنطن نتنياهو إلى "إنهاء احتلال مستمر منذ خمسين عاما" للأراضي الفلسطينية.
ولم تخفف تصريحات نتنياهو من قلق البيت الأبيض الذي أعلن عزمه إعادة تقييم موقفه حيال إسرائيل في الأمم المتحدة، حيث إن واشنطن هي الداعم الأكبر لإسرائيل.
وقالت صحيفة "هآرتس" اليسارية إن كلمات الرئيس الأمريكي "تظهر بوضوح حجم الأضرار الدبلوماسية وغيرها من الأضرار التي لحقت بصورة إسرائيل في الغرب".
إلا أن صحيفة "إسرائيل اليوم" المجانية والمقربة من نتنياهو، قالت إن تدخل البيت الأبيض "تجاوز بالفعل كافة الحدود".
وبحسب الصحيفة، فإن "نتنياهو اعتذر، ماذا يريد البيت الأبيض أكثر من هذا؟"، مشيرة إلى أن
أوباما يرغب بحكومة يسارية في إسرائيل، ولكن الناخبين الإسرائيليين قرروا عكس ذلك، وفق الصحيفة.