السيسي قال لـ وول ستريت جورنال: إذا قدم لي العالم دعما، سأسمح بالمظاهرات، لا يتعلق الأمر بدستور يحمي حقوق المواطن في التظاهر السلمي، ومعارضة النظام، لدينا رصاص، ولدينا عجز في الموازنة، من يطالب يموت، الرصاصة أرخص من تكاليف معيشته، ومن يدفع، أو يجد من يدفع له، حلال عليه أيامه.
الجنرال يتعامل مع شعبه بوصفهم رهائن، ويبتز العالم، ويطلب عنا فدية، لدينا في
مصر "نكتة" شهيرة عن معتوه خطف ابنه وطلب فدية، فلم يسأل عنه أحد، وظنوه يمزح، فإذا به يقتل الطفل نكاية فيهم، منطق الهزل، والمبالغة، والعبث، قد يستوعب تصرفات من هذا النوع، أما منطق العسكر فيستوعب ما هو أكثر عبثا وتخريفا.
الجنرال مصاب مذ عرفناه مصاب بالتسرب اللاإرادي، سمعناه، ورأيناه، وهو يقول، لا شيء عندي مجاني، من أراد فليدفع، النظافة بفلوس، الخدمات بفلوس، الدولة للأغنياء فقط، أما الفقراء فالموت لهم ستر، الفقراء يدخلون الجنة، الجنرال لا يعرف سوى القتل والنقدية، خبأ علينا، لكن فضحته تسريباته، ومع ذلك سمعنا وأطعنا، صحيح لم ننتخب، لكننا تركناهم يخبروننا أننا فعلنا!
المعركة بالأساس، معركة دولارات، لا وطنية ولا يحزنون، 40 بالمئة من الموازنة العامة لمصر للقوات المسلحة، وتوضع كرقم واحد في الموازنة العامة، لا يخضع للرقابة، كان هذا هو أول شروط العسكر في دستور الإخوان، وما دونه قابل للتفاوض، بعد الانقلاب زاد الجنرال عن الـ 40 بالمئة، 41 مليار جنيه، مصروفات لا نعلم عنها شيئا، وليس من حقنا أن نعلم، النهب غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، أما الاعتراض فهو خيانة، وعمالة، وإرهاب، ومؤامرة قطرية تركية صربية أمريكية إسرائيلية.
من يدفع فدية دماء المصريين؟ سندس رضا ماتت لأنها إخوان، شيماء الصباع ماتت لأنها نحيفة، ممنوع التظاهر لغير المفطرين، الوايت نايتس ماتوا لأنهم لم يقطعوا تذاكر دخول في مباراة الحضور فيها كان مجاني، والمبررات هي المنتج المصري الوحيد المدعوم في عهد السيسي من الدولة ورجال الأعمال، أجهزة، وشاشات، و "التعريض"، بالضاد العارية، هو أعلى مصادر الدخل في أم الدنيا.
من يدفع فدية غاز المصريين؟، مصر تحولت في عهد السيسي من دولة مصدرة للغاز، إلى دولة مستوردة له، الأنابيب التي كانت تنقل الغاز المصري إلى إسرائيل، هي الأنابيب نفسها التي تنقل الغاز من إسرائيل إلى مصر، ما الذي حدث، نضب الغاز، بالعكس، زاد، اكتشفنا كنز من الغاز الطبيعي داخل حدود المياه الإقليمية المصرية في شرق المتوسط، لكننا تنازلنا عن جزء منها لإسرائيل والآخر لليونان، وسنشتري منهم "جاهز"، لماذا؟ لا أحد يعلم الإجابة سوى الجنرالات، إلا أن الواضح أن إسرائيل واليونان دفعوا، ما لم نستطع دفعه، في حينه، فلوس، وتزكيات تسمح سياسية بالمزيد من السلطة من أجل المزيد من تدفق الأموال!!
من يدفع فدية مستقبل المصريين؟ الشقاق الاجتماعي الرهيب، فساد العلاقات بين الناس، تسميم المجال العام، فتنة الناس عن دينهم، تشويه وجه الحياة، تزوير الواقع الذي سيصير تاريخ المستقبل، بيع الأراضي برخص التراب، رفع الدعم، انتحار الفقراء، كل يوم منتحر، آلاف الحالات العصبية والنفسية، زرع الأحقاد الطائفية، فرق تسد، صارت قديمة، احرق تسد، دمر تسد، فجر تسد، من يدفع ويفتدي نفسه، ومن معه؟
من يدفع فدية المعتقلين ظلما، المغتصبات في أقسام البوليس، المحكوم عليهم بالإعدام دون أدلة، المدنيين أمام المحاكم العسكرية، الممنوعين من السفر لغير سبب واضح، المصادرة أموالهم دون أي سند قانوني، المفصولين من الجامعات، الموقوفين عن العمل، المحرومين من الظهور، المطعونين في شرفهم الوطني، الهاربين من كل هذا في بلاد الغربة، من يدفع للمصريين، كي يتركهم السيسي لأيامهم؟ ادفعوا أو اخضعوا.