بعد فقدانه جميع المعابر البرية في الشمال مع تركيا، وسيطرة تنظيم الدولة على منطقة الشرق مع العراق، خسر النظام السوري معبري الجنوب مع الأردن، لتصبح البلاد مغلقة برا من جميع الجهات باستثناء الجهة الغربية مع لبنان.
وتأتي سيطرة الفصائل السورية المعارضة على معبر
نصيب، آخر معابر النظام السوري على حدود الأردن، بعد أقل من أسبوع على سقوط مدينة
بصرى الشام (جنوب شرقي
درعا) الاستراتيجية، لتحكم سيطرتها على الجنوب. فيما شهدت الأيام القليلة الماضية سقوط مدينة إدلب في الشمال بيد ما سمي "جيش الفتح"، ليضيق الخناق أكثر على نظام الأسد.
معارك ضارية.. وخيارات الأردن
ويرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري، أن إحكام القبضة على معبر نصيب جاء تتويجا للمعارك الضارية والمحاولات العديدة للسيطرة عليه على مدار العام الماضي.
ويختلف بذلك الدويري في حديثه لـ"عربي21" مع الكاتب السعودي جمال خاشقجي الذي قال، إن "معبر نصيب كان هدفا سهلا للمجاهدين منذ أكثر من عام، ولكن القرار الإقليمي كان يحول دون سقوطه".
وعلى الرغم من عدم اتفاقه مع النظام السوري في كثير من الأمور، إلا أن النظام الأردني أبقى معبر نصيب (واسمه جابر في الجانب الأردني) مفتوحا طيلة الفترة الماضية، لكنه بعد سيطرة المعارضة عليه بحسب الدويري "يريد جانبا سياديا للتعامل معه، ولذلك فإنه عندما سقط معبر الرمثا العام الماضي بيد الجيش الحر، أغلق الأردن المعبر من جهته، كما هو الآن".
وأوضح الدويري أن إغلاق الأردن للمعبر جاء كإجراء احترازي، حتى تتضح هوية الفصيل الرئيس الذي سيتسلم المعبر.
وكان الأردن أغلق قبل أربعة أيام مركز حدود "جابر"، في خطوة عللها وزير الداخلية الأردني بأنها تأتي درءا للخطر المتزايد في الجانب السوري.
وبين الدويري أنه إذا تولت جبهة النصرة إدارة المعبر، فلن يقدم الأردن على فتح المعبر، وإذا ما تولى ذلك فصيل من فصائل الجيش الحر المعتدل فإن الأردن سيقدم على فتحه.
وشاركت في العملية التي أطلق عليها "يا لثارات المعتقلين" عدة فصائل، بالإضافة إلى "النصرة"؛ منها: "لواء توحيد الجنوب، وفرقة فلوجة حوران، وفرقة 18 آذار، ولواء درع أسود السنة".
وعلى الرغم من أن أهمية السيطرة على المعبر السياسية أكبر من العسكرية بحسب مراقبين، فإن إحكام سيطرة المعارضة على جنوب سوريا، سيسهل تدفق الإمدادات من السلاح والعتاد إلى الثوار، كما أنها ستيسر الخدمات الطبية.
وسيؤثر الإغلاق اقتصاديا على النظام السوري الذي ستتوقف أنشطته التجارية مع الأردن.
سوريا تلقي باللوم على الأردن
من جانبها حملت الحكومة السورية الأردن مسؤولية "تعطيل حركة مرور الشاحنات والركاب".
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر في وزارة الخارجية والمغتربين، قوله إن "سوريا تحمل السلطات الأردنية المختصة المسؤولية عن تعطيل حركة مرور الشاحنات والركاب وما يترتب على ذلك اقتصاديا واجتماعيا".
وشن الإعلام المقرب من النظام السوري هجوما على الأردن، متهما إياه بتسليم المعبر لمسلحي تنظيم القاعدة.
واعتبرت صحيفة الأخبار اللبنانية الأمر "خطوة أردنية تشير إلى بدء هجوم بقرار خليجي ــ إسرائيلي على مواقع الجيش السوري في الجنوب".
وقالت الصحيفة المقربة من النظام السوري، إن النظام الأردني أغلق المعبر قبل هجوم الثوار وبعد "أيام على إعلانه البدء رسميا بتدريب أبناء العشائر في درعا، بحجّة مواجهة تنظيم داعش الذي يقتصر وجوده في الجنوب السوري على (صفحات تويتر). ونقلت عن مصادر أمنية معنية في الجنوب السوري قولها إن "الغاية الأردنية من إعلان تدريب أبناء العشائر، هي استقطاب جزء من بدو الجنوب السوري".
وذهبت الأخبار اللبنانية إلى اتهام إسرائيل بالتدخل لمنع "المصالحة" السورية التي كانت ستفضي بحسب الصحيفة إلى تسليم عدد من المقاتلين أنفسهم وأسلحتهم للنظام السوري.