انطلقت الدورة الثالثة من الحوار الإستراتيجي بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، بجدول أعمال تراهن فيه أمريكا على الأمن، فيما يراهن المغرب على تعزيز التعاون التجاري والإقتصادي.
وترأس كاتب الدولة الأمريكي جون كيري، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي صلاح الدين مزوار، الخميس، بالعاصمة الأمريكية واشنطن، أشغال الحوار الإستراتيجي بين البلدين في سنته الثالثة.
اللقاء الذي يندرج في إطار المسلسل الذي انطلق في أيلول/ سبتمبر 2012، عقب توقيع مذكرة تفاهم بين المغرب والولايات المتحدة، واتفق الطرفان بموجبه، على عقد اجتماع سنوي يترأسه وزيرا خارجية البلدين، بالتناوب بعاصمتي البلدين.
واعتبر رئيس "المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية"محمد بنحمو، في الرباط، أن الحفاظ على الانعقاد الدوري للحوار الإستراتيجي للسنة الثالثة على التوالي، مؤشر على أن هذا الحوار أخذ طريقه العادي، بما يعني أن "البلدين ماضيان في تعزيز العمل المشترك بينهما".
وتابع محمد بنحمو، في تصريح لـ"عربي21"، أن "الحوار الإستراتيجي فتحته أمريكا مع عدد جد محدود من الدول من بينها المغرب، وينعقد هذه السنة في سياق دولي وإقليمي يتميز بسيادة النزاعات، سواء في شمال أفريقا أو الساحل والصحراء أو الشرق الأوسط، ووصل حتى الخليج العربي".
وسجل الخبير الإستراتيجي، أن الحوار رغم أنه ينسقم إلى أربعة محاور أساسية ستتم مناقشتها في أربع مجموعات عمل، ويتعلق الأمر بالمجموعة السياسية، والمجموعة الأمنية، والمجموعة الاقتصادية والتجارية والمالية، والمجموعة الثقافية والتربوية، فإن الشق الأمني هو ما تراهن عليه أمريكا.
وأوضح الباحث، أن "أمريكا لم تعد ترغب في التواجد بشكل مباشر في المنطقة، وأن إدارة أوباما تبحث عن شركاء تتعاون معهم في حل مشاكل المنطقة، حتى لا تقع في أخطاء إدارة بوش والجمهوريين".
وقلل بنحمو من احتمال "التأثير السلبي للتقارب الأمريكي/ المغربي، على العلاقات المغربية/ الفرنسية"، مسجلا أن فرنسا وأمريكا لهما أيضا شراكات في مجالات أكبر وأوسع، "ولن يؤثر الحوار الإستراتيجي على العلاقات التاريخية المغربية/ الفرنسية".
هذه القراءة، اختلف معها الباحث في معهد "كارنيغي" للسلام في الشرق الأوسط محمد مصباح، حيث اعتبر أن "التقارب المغربي/ الأمريكي هو ما يفسر عوامل التوتر بين المغرب وفرنسا".
وقال محمد مصباح، في تصريح لموقع "عربي21"، إن "المغرب يريد تنويع شركائه الاقتصاديين والسياسيين، وهذا مسار ابتدأ منذ 2004 مع اتفاقية التبادل الحر وبرنامج الألفية الثالثة، الذي توصل بموجبه المغرب بـ 700 مليون دولار"، مضيفا أن "المغرب استفاد من تلك الأموال واستثمرها في البنية التحتية".
وسجل مصباح أن "الحوار استمرار للدورتين السابقتين، حيث انطلق في عهد وزيري الخارجية السابقين، سعد الدين العثماني، وهيلاري كلنتون، وهو مؤشر على موقع المغرب في السياسة الخارجية الأمريكية، وموقعه في العالم العربي وشمال أفريقيا".
وشدد مصباح، على أن "هذه الدورة تأتي والمغرب هو البلد العربي الوحيد الذي نجح في الحفاظ على استقرار نظامه السياسي في بيئة مضطربة، بفضل إصلاحاته السياسية، وأمريكا مستعدة أن تدعم هذا النموذج".
وزاد بأن "أمريكا تراهن على المغرب أفريقيا من خلال اعتمداه إسلاما معتدلا، والقيام بأدوار اقتصادية وسياسية في المنطقة الأفرقية".
وأوضح مصباح، أن "الحوار الجاري يتناول أربعة محاور: الأمن، والثقافة، والسياسية، والاقتصاد، فإذا كانت المحاور الثلاثة الأولى تتطور بشكل طبيعي، فكيف يمكن الارتقاء بالتعاون الاقتصادي؟"، متسائلا: "هل سيطلق البلدان دورة جديدة للتعاون الإقتصادي؟".
وأفاد مصباح، أنه في الدورة الماضية أُعلن عن دعم جديد للمغرب في إطار "برنامج الألفية الثالثة"، لكن السؤال هو هل ستفي أمريكا بتعهداتها، خاصة وأنها التزمت بالوفاء بـ"الأهداف العشرة" التي تدعم الفئات الهشة والفقيرة في المجتمع؟".
واتفق الباحث في معهد "كارنيغي"، مصباح، ورئيس مركز الدراسات الإستراتيجية، بنحمو بخصوص مستقبل الحوارالإستراتيجي بين البلدين، مسجلين أن "الحوار بين المغرب وأمريكا يحمل طابعا إستراتيجيا لأمريكا وليس استجابة لرغبة إدارة أوباما".
وكانت الدورة الأولى لهذا الحوار قد انعقدت في 13 أيلول/ سبتمر 2012 بواشنطن، وجرت الدورة الثانية بالرباط في 4 نيسان/ أبريل 2014، في ما تنعقد الدورة الثالثة بواشنطن في التاسع من نيسان/ أبريل الجاري.
وتعززت الشراكة الإستراتيجية بالزيارة الرسمية التي قام بها الملك محمد السادس إلى أمريكا، بدعوة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وكرس البيان المشترك الصادر عقب هذه الزيارة العلاقات الاستثنائية التي تجمع البلدين، كما سمح برسم خارطة طريق جديدة وطموحة للشراكة الثنائية، وأعطى زخما ملموسا للعلاقات العريقة، معبدا السبيل أمام تعاون أكبر.
وتعد الدورة الثالثة من الحوار الإستراتيجي بواشنطن مناسبة لاستعراض المبادرات المنجزة، وتقييم التعاون الثنائي، والوقوف عند التقدم الذي تم تحقيقه بكافة المجالات السالفة الذكر. كما ستسمح برسم التوجهات المستقبلية من أجل النهوض وتعزيز هذا التعاون من خلال استهداف إجراءات محددة لتنفيذها.