كتبت مراسلة صحيفة "فايننشال تايمز" من القاهرة هبة صالح، معلقة على قصيدة الداعية السعودي المعروف عائض القرني، التي وصف فيها الملك سلمان بن عبد العزيز بالأسد، والطيارين السعوديين بجنود الله.
ويشير التقرير إلى أن القصيدة موجودة على الإنترنت، وبغناء فهد القرني، وفيها يقول القرني: "دكوا معاقل عصبة الشيطان، عباد الوثن". وهاجم فيها المرشد الأعلى للثورة
الإيرانية آية الله علي خامئني، وجاء في القصيدة أن عليه أن يموت كمداً وحسرة؛ نظراً لانتصارات الجيش السعودي على الحوثيين.
وترى الكاتبة أن مزاج الفرح والاحتفال واضح في منطقة الخليج، خاصة في
السعودية، التي تقود الحملة الجوية في
اليمن، التي تقدم صورة عن حزم المملكة ضد وكلاء إيران في جنوب اليمن، وهم
الحوثيون.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن الكاتب محمد السعيد في جريدة الحياة يقول: "نحن نعيش في العصر السعودي باقتدار". ويقول المعلقون إن السعوديين يفضلون القيادة ضد التوسع الإيراني في المنطقة، بدلاً من الاعتماد على واشنطن.
وتلفت الصحيفة إلى أن عبد العزيز القاسم كتب في صحيفة "الوطن" السعودية أن الولايات المتحدة "طعنت المملكة في الظهر"، عندما اتفقت مع إيران حول ملفها النووي.
ويستدرك التقرير بأن هذا الاحتفاء بالحملة السعودية يأتي رغم ما يكتبه المعلقون في الخارج، بأن الحملة السعودية قد تنتهي إلى تدمير ما تبقى من الدولة اليمنية، وتوسع من قدرة تنظيم القاعدة الناشط في جنوب ووسط اليمن، إضافة إلى تنظيم الدولة في العراق والشام، الذي سجل حضورا في اليمن في الآونة الأخيرة. ولكن، هذا الكلام لا يسمع في منطقة تنظر إلى الدور الإيراني في تمرد الحوثيين.
وتذكر الصحيفة ما كتبه محرر صحيفة "السياسة" الكويتية أحمد الجار الله، مادحا العملية، وواصفا إياها بـ "الإعصار الذي سيقتلع الخطة الفارسية، خاصة في منطقة الخليج. وإذا ظنت إيران أن توسعها في المنطقة هو جائزتها على توقيع الاتفاق النووي، فإنها مخطئة".
وتجد الكاتبة أن هذه التصريحات لا تعكس مظاهر القلق الخليجي من التأثير الإيراني في اليمن فقط، بل عدم الثقة بالمنافس الإيراني الشيعي، الذي يغذي نزاعات السعودية، التي تقود المعسكر السني، ضد إيران الشيعية وحلفائها، ويبدو هذا النزاع واضحا في سوريا والعراق.
ويفيد التقرير بأن الاتفاق النووي أدى إلى زيادة المخاوف من صعود إيران، الخارجة من العقوبات والقوية، وزيادة نفوذها للتدخل في الشؤون العربية.
وتبين صالح أن البعض في خارج المنطقة العربية يجد أن التدخل السعودي في اليمن لا نهاية واضحة له، ودون عملية برية تتردد المملكة بشنها، فمن الصعوبة بمكان إجبار الحوثيين على التراجع.
وتنقل الصحيفة عن غريغوري غوس، الباحث في جامعة تكساس إي أند أم، قوله: "إن السعوديين ربما يورطون أنفسهم، فلو فشلوا ماذا سيحدث؟". ولكن المحامي والمحلل المستقل عبد العزيز القاسم يرى أن الهدف من العملية هو توفير الظروف لحل سياسي، وقال: "لأول مرة تظهر فيها القوة السعودية، وعليه يجب تغيير المعادلة على الأرض في اليمن".
وتوضح الكاتبة أن هناك مخاوف من أن تؤدي الحملة السعودية إلى زيادة التناحر القبلي والطائفي، وتعقيد الظروف على الأرض، وبالتالي زيادة الفوضى. مما سيقود في النهاية إلى تدمير ما تبقى من مظاهر الدولة، وهو ما سيفتح الباب أمام تنظيمات، مثل تنظيم القاعدة، لاستغلال الوضع.
وينقل التقرير عن فواز جرجس من كلية لندن للاقتصاد، قوله: "إن الخطر الحقيقي هو تغزيز قوة تنظيم القاعدة كلما طال أمد الحرب"، وأضاف: "هذا يذكر بما حدث في العراق، الذي يقود فيه القتال مئات من السجناء السابقين".
ويرى جرجس أن الحوثيين وإن تشاركوا في بعض الملامح مع الشيعة، إلا أنهم أقرب لسنة اليمن، ويظل كفاحهم سياسيا أكثر منه طائفيا.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول جرجس إن تصوير الصراع في اليمن من خلال منظور النزاع السني الشيعي، قد يكون نبوءة تنتظر التحقق، ويضيف: "أخشى ما أخشاه حصول تحول في الهوية، حيث يبدأ الكثير من الحوثيين بالنظر إلى أنفسهم على أنهم شيعة. والسؤال لماذا ندفع بعشرة ملايين حوثي إلى حضن إيران؟".