كتاب عربي 21

بانتظار الحل السياسي وإعادة الإعمار: دروس من أزمة اليمن

1300x600
بعد إعلان السعودية وقف عاصفة الحزم وردود الفعل السياسية اليمنية والعربية والدولية المرحبة بالإعلان، يبدو أن الحرب في اليمن في طريق النهاية بانتظار البدء بالحوار بين اليمنيين والعودة للحل السياسي، وتشكيل حكومة جديدة وانطلاق عملية إعادة إعمار اليمن.

لكن، هناك عدد من الأسئلة تطرح نفسها بعفوية: هل كنا بحاجة إلى كل هذا الدمار والقتل والصراع والموت حتى نعود إلى الحوار والحل السياسي؟ ألم يكن بالإمكان العمل لتطبيق الحلول السياسية قبل أن يحصل ما حصل من أحداث وتطورات أمنية وعسكرية؟ من يتحمل مسؤولية ما جرى وما سقط من دماء وما جرى من تدمير لليمن جيشا وبنية تحتية؟ لماذا دائما نصل إلى الحلول متأخرين ولا نعالج مشاكلنا بأنفسنا وقبل خراب البصرة؟ أي دور تتحمله الدول العربية والإسلامية وخصوصا إيران والسعودية عما جرى في اليمن؟ وهل كان المطلوب أن يدفع اليمنيون ثمن الصراع بين هاتين الدولتين تمهيدا للبحث عن تسويات سياسية لأزمات المنطقة؟ لماذا لا تتحرك الاتحادات العلمائية والمنظمات العربية والإسلامية والدولية والأهلية لمنع الصراع قبل حصوله، ومن يتحمل مسؤولية كل ما جرى؟.

هذه عينة من الأسئلة التي يمكن أن تطرح حول ما جرى في اليمن وما يجري في بقية الدول العربية والإسلامية من صراعات، تنتهي دائما بتسويات سياسية؛ لكن بعد أن يسقط عشرات الآلاف من الضحايا والجرحى وتدمر البلاد ويقتل العباد.

والمشكلة أننا لا نشهد مراجعات نقدية حول أداء مختلف الأطراف الداخلية، ولا يتم تشكيل لجان أو هيئات للمراجعة والنقد والتقييم، لكن على الأقل علينا اليوم وبعد التطورات التي حصلت في اليمن وما ستؤدي إليه هذه العملية العسكرية والسياسية، أن نستخلص بعض الدروس الأولية كي نستفيد منها في معالجة بقية الأزمات التي نواجهها في العالم العربي والإسلامي.

وأولى الدروس أنه لا يمكن لأي طرف سياسي داخلي أن يحكم البلاد وحده، وأن التعاون والمشاركة ضروريان لإدارة شؤون البلاد.

ثانيا: أن الاستعانة بالخارج لحل المشاكل الداخلية لا يخدم البلاد؛ بل يفيد الأطراف الخارجية، ويحول البلاد إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، ويدفع أبناء البلد ثمنا لهذا الصراع وهذا التدخل.

ثالثا: أنه لا يمكن بعد اليوم لأي طرف أن يدّعي أنه يمتلك الحق الحصري بتمثيل بلده، أو التعبير عن شؤون بلده، وأنه إذا لم تتوفر المشاركة السياسية والشعبية الحقيقية فإننا ذاهبون إلى الخراب عاجلا أم آجلا.

رابعا: أن الديكتاتورية سواء كانت ديكتاتورية الحاكم الظالم، أو ديكتاتورية القوى السياسية والحزبية أو ديكتاتورية القائد أو الزعيم الحزبي، ستؤدي حتما إلى الحرب الداخلية وأن لا حل إلا بالديمقراطية الحقيقية.

خامسا: أن علينا عدم إسقاط الخلافات المذهبية والطائفية والتاريخية على الصراعات السياسية والحزبية وأن لا نذهب بالصراع إلى آخره، ونشن الحملات الإعلامية والسياسية والفكرية على بعضنا البعض، لأننا سنعود ونجلس إلى طاولة الحوار والمفاوضات.

سادسا: نحن بحاجة إلى هيئة أو مؤسسة تستطيع أن تتوقع حصول الحروب والصراعات والأزمات، وتعمل لحلها قبل الذهاب إلى الحرب والقتال، وهذه هي مهمة الاتحادات العلمائية والمنظمات والمؤتمرات العربية والإسلامية، وليس فقط مسؤولية هذه الهيئات إصدار بيانات الاستنكار أو التنديد بما يجري.

وبالإجمال نحن بحاجة إلى وعي فكري وتنظيمي و سياسي جديد في عالمنا العربي والإسلامي، يؤسس لرؤية مختلفة ويساعدنا في وقف الصراعات والقتال والحروب على أسس سليمة، ولعل ما جرى في اليمن في الأسابيع الثلاثة الماضية يشكل رسالة واضحة للجميع؛ بأننا جميعا نتحول في لحظة ما إلى مجرد بيادق شطرنج تلعب فينا الأطراف الإقليمية والدولية، ونكون نحن الخاسرين فقط.