فجرت عودة مجموعة من الرموز الأمنية المحسوبة على نظام
بن علي للواجهة، بعد ضمهم لـ"مجلس حكماء المؤسسة الأمنية"، جدلاً واسعاً في الشارع السياسي والحقوقي
التونسي.
وأعلن اتحاد نقابات
الأمن الداخلي (مستقل) في تونس، عن إنشاء"مجلس حكماء المؤسسة الأمنية" ذات الطبيعة الاستشارية في الوظيفة الأمنية.
وقد سبق أن أدين بعض من هؤلاء الأمنيين بالمسؤولية في مقتل المتظاهرين، خلال
ثورة الياسمين سنة 2011، أيام قبل نهاية حكم الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين.
هذا الموضوع أثار جدلا في الشارع السياسي والحقوقي التونسي، بين من يدعو إلى القطع مع كل أشكال المنظومة الأمنية القديمة، وعدم إفساح المجال أمام عودة رموز العهد السابق إلى الواجهة، وآخرون يصرون على أن دور الهيئة سيكون استشاريا وليس فاعلاً في المشهد الأمني والسياسي.
ورفض الصحفي التونسي "أيمن الجلاصي" في تصريح لصحيفة "
عربي21"، تصنيف الهيئة على أنها "مجلس استشاري للأمن"، بل هي هيئة أحدثتها نقابة أمنية (أحد أبرز النقابات الأمنية في البلد)، أي أنها ليس لها أي صبغة رسمية.
ويرى الجلاصي أن "وجود مدير الأمن الرئاسي، ومدير الأمن، وأبرز القيادات الأمنية في عهد بن علي، يؤشر على أن هناك أطرافا في المؤسسة الأمنية -حتى وإن ارتدوا بدلة النقابة-، يريدون إعادة المنظومة السابقة".
وتابع أن ذلك يتأكد "من خلال التأثير المعنوي على الأمنيين، فالعناصر الأمنية حين ترى المسؤول الأول عن أمن الرئيس، والمسؤول الأول عن أمن البلاد في هيئة حكماء الأمن، تفكر في أنها تعيش في ظل النظام السابق، وتعتقد أنها إشارة للعودة إلى أساليب الماضي".
كما اعتبر الجلاصي أن "الخطوة، تطبيع عملي مع النظام السابق الذي كان يستعمل البوليس كعصا غليظة لفرض الدكتاتورية والاستبداد، وقمع المخالفين والمحتجين، وهي إشارة ضمنية مفادها أن نظام بن علي ليس نظاما مجرما".
وبخصوص القرار خلص الجلاصي في نهاية تصريحه إلى أن "قرار الهيئة ليس حكوميا أو إداريا ضمن وزارة الداخلية، أو أي مؤسسة من مؤسسات الدولة، فالأمر يقتصر على نقابة أمنية فقط، إلا أن هناك حالة من الاستنكار والرفض والتنديد بهذه الخطوة".
وقد أعلن اتحاد نقابات الأمن الداخلي (مستقل)، في وقت سابق عن بعث هيئة "حكماء المؤسسة الأمنية"، تهدف إلى إصلاح المنظومة الأمنية، برئاسة الجنرال علي السرياطي، مدير الأمن الرئاسي في عهد بن علي، الذي غادر السجن منتصف آيار/مايو الماضي.
وقال النقابي الأمني، الصحبي الجويني، في تصريحات لوسائل إعلام "قررنا بعث مجلس لحكماء المؤسسة الأمنية يجمع مختلف قيادات المؤسسة الأمنية السابقة، يضطلع بدور استشاري هام في تقديم النصح والمقترحات لإصلاح المنظومة الأمنية والمساهمة في استعادتها لعنفوانها وهيبتها".
وضمت الهيئة قيادات أمنية واجهت أحكاما قضائية فيما بات يعرف بـ"قضية شهداء وجرحى الثورة التونسية" من بينهم مدير الأمن الرئاسي السابق علي السرياطي، الذي حكم عليه في تموز/يوليو 2012 بالسجن 20 عاما من قبل المحكمة العسكرية بتونس بتهمة قمع تظاهرات ما خلف عشرات الضحايا، ليتمّ في نيسان/أبريل 2014 تخفيف الحكم إلى الحبس 3 سنوات مع وقف التنفيذ.
كما ضم المجلس قيادات أمنية سابقة على غرار مدير عام الأمن السابق عادل الطويري الذي واجه اتهامات بالمشاركة في قتل متظاهرين إبان الثورة قبل أن تتم تبرئته في نيسان/أبريل 2014.