باتت شهادة المعتقل الفرنسي السابق في
غوانتانامو،
مراد بن شلالي، تؤدي دورا في منع الشباب من سلوك طريق التطرف الجهادي من خلال روايته "رحلة إلى الجحيم"، بعد أن اعتبر لفترة طويلة من "المنبوذين".
ويبدو ابن شلالي (33 عاما) أكبر سنا بنظراته المتعبة، وهو يأمل أن "تساعد قصته في ألا يقع شبان في المعاناة التي عاشها"، قائلا: "هم لن يقولوا عندها إنهم لم يكونوا يعرفون مسبقا".
ودعي ابن شلالي الأربعاء الماضي إلى جونوفيلييه، الضاحية الشعبية لباريس، التي تحدر منها شريف كواشي، أحد منفذي الاعتداء على صحيفة "
شارلي إيبدو" في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأمام بوابة المدرسة، وقف ابن شلالي يروي قصته أمام الشبان، وكيف انتقل من مدينة فينيسيو (وسط شرق)
فرنسا ليخضع للتدريب في أفغانستان، قبل أن يعتقل في غوانتانامو.
ويثير اعتقاله فضول الطلاب الذين يسألون إذا كان "صعبا"، وإذا كانوا فعلا يرتدون الزي البرتقالي، "كما يظهر في الأفلام".
إلا أن واحدا منهم دخل في صلب الموضوع، وسأله: "ماذا تقول لابنك لمنعه من الذهاب إلى سوريا وإضاعة مستقبله؟"، فما كان من ابن شلالي إلا أن رد قائلا: "سأقول له في الحقيقة أنت لن تدافع عن السوريين، بل ستكون شريكا في التجاوزات، وستستغلك مجموعات سياسية، في حين ستعاني عائلتك مر العذاب. هل هذا يساعد الآخرين؟".
وقبل بضعة أشهر على اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، أراد ابن شلالي الذي كان لا يزال في الـ19 أن يعيش "مغامرة" في أفغانستان، خصوصا وأن شقيقه الأكبر الذي يمضي عقوبة طويلة بتهمة التحضير لاعتداءات في فرنسا، كان قد وعده بأن "الأمر سيعود عليك بفوائد".
وأضاف ابن شلالي: "في تلك الفترة لم يكن تنظيم القاعدة أو أسامة بن لادن يوحون بالسوء. لذلك لم تكن لدي نوايا سيئة، بل كنت متحمسا للتوجه إلى بلد في حالة حرب لا يسافر إليه أحد؛ لأفاخر بذلك لاحقا في الحي... لقد كنت ساذجا".
وفي قندهار، تحول شهرا "العطلة" إلى كابوس، ومرت الأيام بين تدريب على الأسلحة خلال النهار ومشاهدة أشرطة دعائية خلال الليل.
وقال ابن شلالي: "لم آت من أجل هذا، لكن حمل الكلاشنيكوف وسترة الذخيرة يعطي شعورا بالقوة يمكن أن يسعى إليه بعض الشبان".
وعند توقيفه من الجيش الأمربكي في 2002، أمضى 30 شهرا في غوانتانامو، ذاق فيها إساءة المعاملة، لكنه قرأ أيضا القرآن. وبعد عودته إلى فرنسا حكم عليه بالسجن 18 شهرا بتهمة "التواطؤ الإجرامي على علاقة مع منظمة إرهابية".
ومنذ إطلاق سراحه في 2007، أصدر ابن شلالي كتابا بعنوان "رحلة إلى الجحيم"، كما أنه يروي ما حدث معه في مدارس في سويسرا وبلجيكا.
إلا أن "النظرة إليه تغيرت" في فرنسا، بعد رحيل الجهاديين إلى سوريا، واعتداء كانون الثاني/ يناير الماضي على "شارلي إيبدو".
وتلقى ابن شلالي رسالة من والدة جهادي تطلب مساعدته، ومن نواب وجمعيات تريد التعاون معه.
واستُقبِل ابن شلالي من أجهزة رئيس الوزراء وأمام لجنة تحقيق تابعة لمجلس الشيوخ لمكافحة الشبكات الجهادية.
ودعت هذه اللجنة في تقريرها إلى "الاستناد إلى شهادات جهاديين أو متطرفين سابقين".
واعتبر خبير الشؤون الإسلامية، ماتيو غيدير، أن "هذه الشهادات لها وقع أقوى من كل الحملات الحكومية".
واعتبر فريد دياب الذي رتب اللقاء في جونوفيلييه أن "الأمر ليس تمثيلا بل واقع"، من أجل "إيصال رسالة إلى الشباب، ومنحهم وسائل تساعدهم على فهم الأمور".
إلا أن ابن شلالي يرفض أن يشار إليه على أنه "تائب"، فهو "لم يؤذ أحدا". لكنه إذا كان يعتبر "مشكلة" للسلطات فإنه مستعد حاليا ليكون "جزءا من الحل".