نشرت مجلة "فورين أفيرز" على موقعها تقريرا لإريك تراغر ومارينا شلبي، حول التغييرات التي تقوم بها القيادات الشابة في جماعة الإخوان المسلمين لتصبح أكثر جاذبية.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن عمرو فراج (28 عاما)، هو عضو بارز في جماعة الإخوان المسلمين، من سكان القاهرة، وهو أحد الداعين إلى أفكار الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحظى بأتباع كثيرين، ويقوم بإدارة موقع الجماعة الإخباري "رصد".
وتستدرك المجلة بأنه اليوم لم يعد يعمل من القاهرة، ففي 5 تموز/ يوليو بعد عزل الرئيس المدعوم من الإخوان محمد مرسي، طلب زعماء الجماعة من فراج الانتقال إلى إسطنبول ليتجنب حملة الحكومة ضد الإخوان المسلمين، وكي يقوم بإعادة إنشاء العمل الإعلامي للجماعة في المنفى.
ويلفت الكاتبان إلى أنه بسبب هروب عدد كبير من الإخوان إلى تركيا، فقد أنشئت هناك لجنة لتوفير السكن لهم، على أمل الحفاظ على الجماعة حتى تستطيع العودة إلى السلطة في
مصر، وهو ما وعدت أعضاءها بأنه سيحصل قريبا.
ويذكر التقرير أن الأشهر مرت وتزايد معها القمع للإخوان، "فقتل على الأقل 2500 شخص، وهناك 16 ألف معتقل، وحكم على مرسي مؤخرا بالإعدام".
وتبين المجلة أن عدم الصبر على التقدم البطيء، أدى إلى حدوث شرخ بين شباب الجماعة وشيوخها، فثار فراج وشباب الإخوان على القيادات الأكبر سنا، بسب إساءة تحليل الوضع السياسي، الذي أدى إلى الإطاحة بمرسي، ولاموهم أيضا لإساءة إدارة فترة ما بعد مرسي. كما أنهم رفضوا دعوات قياداتهم إلى مواجهة صابرة وطويلة مع الحكومة، التي يدعمها العسكر. ودعوا إلى أساليب ثورية عنيفة لهز الحكومة في أقرب وقت.
ويزعم الكاتبان أن قيادات الإخوان المسلمين فقدت سيطرتها على الجيل الشباب في مصر، الذي بدأ بتمرد صامت لتقويض الاقتصاد وإسقاط النظام الحالي.
وينقل التقرير عن فراج قوله في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2014 في مقابلة في إسطنبول: "هناك أشياء لا يسمح لنا بالحديث عنها، مثل العمليات التي يقوم بها مجهولون، ويتحدث عنها الإعلام المصري مثل إغلاق الشوارع ومهاجمة شبكة الكهرباء". ويفسر الكاتبان ما جاء في كلام فراج بأنه اعتراف "من الإخوان المسلمين صراحة بمسؤوليتهم عن مهاجمة شبكة الكهرباء".
وتجد المجلة أن هذه الصدوع في جسد الإخوان خفتت في الأشهر القريبة الماضية، وقد فاز الجناح الثوري الشبابي، الذي يمثله فراج في انتخابات الجماعة الداخلية، التي أقيمت في شهر شباط/ فبراير.
وبحسب القيادي في الإخوان أحمد عبد الرحمن، فقد قامت الحركة باستبدال 65% من قيادتها السابقة، وأن 90% من القيادة الجديدة هي من جيل الشباب. وقامت الحركة أيضا بتأسيس مكتب "المصريين في الخارج"، الذي سيقوم بإدارة عمل الجماعة في المنفى، ويحضر لنضال أكثر شراسة ضد نظام عبد الفتاح
السيسي، الذي يستمر في قمع الإخوان المسلمين. وقال عبدالرحمن في مقابلة على "الجزيرة": "لن يكون هناك حل سياسي قبل تحقيق مطالب الثوريين على الأرض، وسنستمر في ثورتنا حتى النصر".
ويورد التقرير أن أهداف الإخوان الرئيسة لا تنازل فيها، يجب تحطيم حكومة السيسي، وآخر بيان للجماعة بعد إصدار الحكم على مرسي حديثا يدعو إلى "الثورة لقطع الرؤوس عن الأجساد المتعفنة"، كما يشجع على "إبادة الظالمين كلهم".
ويقول الكاتبان إن هناك أثرين مهمين للوضع الثوري الذي اتخذه الإخوان، الأول، لتحقيق الثورة ضد حكومة السيسي تتبنى الجماعة
العنف صراحة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد نشر الحزب السياسي التابع للإخوان في شمال سيناء صورا لأعمال قام بها، مثل إطارات محروقة على سكة حديد، وحرق لمحول كهربائي.
وتنوه المجلة إلى أن الجماعة وعدت بأن "تستمر في إضعاف الانقلاب بالوسائل كلها". وفي الفترة ذاتها قام فرع جنوب القاهرة في حزب الإخوان بنشر صورة لشاب يلقي بقنبلة مولوتوف، ونبهت الجماعة مؤيديها: "إما أن تموت عبدا أو تصبح رجلا وتنضم للثوار". ونشرت فروع أخرى للإخوان المسلمين صورا لشباب يلقون بالزجاجات الحارقة، ويشعلون الشوارع ومحطات الشرطة. بينما كتب نائب الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة رفيق حبيب أن العنف يستهدف "أدوات الظلم"، ويعني البنية التحتية وليس "الأرواح"، وقال إن الجماعة دخلت مرحلة جديدة، وتنوي التصعيد نحو أعمال عنف أكثر حدة.
ويرى الكاتبان أن الجماعة في تحولها "للعنف"، قد تتشارك مع حركات ثورية أخرى ضد حكومة السيسي، كما أخبر القيادي في الإخوان محمد جابر شبكة "مكملين"، التي تبث من إسطنبول، حيث قال إن حركته "تسعى لاستخدام الخبرات كلها، من داخل الإخوان ومن الخارج، للتوصل إلى الأهداف في هذه المرحلة"، وتحدث عن انحياز ثوري كامل مع القوى السياسية كلها، التي تسعى لإنهاء حكم العسكر في مصر.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من أن الإخوان المسلمين معروفون بانعزاليتهم وعدم ثقتهم بالغرباء، فإن دعوتهم إلى تعاون واسع ضد نظام السيسي تعكس تدهورا في أهميتهم في مصر، وهذا جزئيا بسبب الحملة الكبيرة التي قامت بها حكومة السيسي ضد الإخوان، وأيضا بسبب تراجع شعبية الإخوان، بعد أن فشلوا في الحكم.
وتورد المجلة أنه بحسب تقديرات الإخوان المسلمين أنفسهم، فإن 70% من الأنشطة المضادة للنظام في مصر هي من غير الإخوان، ويبدو أن الجماعة تخشى من أن تأثيرها يتراجع حتى بين من هم معارضون للحكومة الحالية. وتحاول جماعة الإخوان أيضا أن تعيد السيطرة على أفرادها على الأرض، حيث فقد كثير منهم اتصاله مع قيادته السجينة، فتحول إلى
المعارضة عن طريق حركات معارضة أخرى. وبدورها تقوم صفحات التواصل الاجتماعي التابعة للإخوان بالترويج لمجموعات مثل المقاومة الشعبية وطلاب ضد الانقلاب، التي تتكون عضويتها من الفوضويين في أقصى اليسار إلى الإسلاميين من غير الإخوان، وعادة ما يشتبكون مع قوات الأمن.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه في الوقت ذاته فإن مكتب الإخوان للمصريين في الخارج يحاول تقوية الروابط مع المعارضين المصريين في الخارج، ولذلك تقلد مسؤولون كبار في الإخوان المسلمين مناصب في المجلس الثوري المصري، وهو تجمع لحركات ترفض تنحية مرسي، وقد انتخب حديثا اثنين ليسا من الإخوان، هما الزميلة السابقة في معهد "تشاتهام" مها عزام، والقاضي السابق وليد الشرابي، رئيسا ونائب رئيس على التوالي. وقد أرسل المجلس وفدا إلى آسيا، حيث طالب الوفد اتحاد دول جنوب شرق آسيا بمقاطعة مصر، وطلب من ماليزيا أن تستغل عضويتها في مجلس الأمن للضغط على مصر، ولذلك فإن المجلس يوفر مظلة أوسع للإخوان للاستمرار في حملاتهم الدبلوماسية الدولية ضد حكومة السيسي.
ويوضح الكاتبان أن قيادة الإخوان الشابة وتبنيها لأساليب ثورية قد ينجحان في استعادة كوادرها الشابة، التي تشعر بأن العنف ضد الانقلاب شرعي، وتعتقد أن على الإخوان العمل مع غيرهم من حركات المعارضة، ولكنها لن تساعد الإخوان في تحقيق هدفها الأسمى وهو العودة إلى الحكم في مصر.
وتخلص "فورين أفيرز" إلى أنه في المحصلة يعد كثير من المصريين الإخوان المسلمين جماعة إرهابية؛ بسبب اعتدائها العنيف على المتظاهرين وتهديداتها لشخصيات إعلامية خلال حكم مرسي. وتأييد الإخوان الصريح للعنف والتحالف مع حركات متطرفة أخرى سينفران الشعب المصري أكثر منهم، وسيزيدان من شعبية السيسي، وهذا يعني أن فراج وزملاءه الشباب يصعدون معركة بعيدة المنال.