استبشرنا خيرا بمعركة "عاصفة
الحزم"، وقلنا إنها نقطة البداية لانطلاق قوة عربية يقودها شباب مخلصون لأمتهم العربية الإسلامية، وقلنا إن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومن حوله ثلة من الشباب الأوفياء من أحفاد الملك عبد العزيز، مؤسس الدولة السعودية الثانية، يعينهم في ذلك إخوة لهم (قادة مجلس التعاون الخليجي) قد أخذوا زمام المبادرة لإعادة الكرامة لأمتنا العربية، بعد أن مزقتها الفتن والفرقة والحروب، واستهزأ بها من كنا نظن أنهم أصدقاء، أعنّاهم في كل حروبهم، حتى على الدول العربية، ومن المؤسف أن قادتنا الميامين كانوا على ثقة بأن لهم أصدقاء أقوياء سيقفون معهم في الأزمات، وقد خابت ظنونهم.
(2)
طالت
الحرب في
اليمن، وأظنها ستطول، ما لم تسارع "قيادة التحالف" لإنجاز المهمة العسكرية، ولا تحتاج المملكة العربية السعودية قائدة عاصفة الحزم أكثر من إعطاء القيادات العسكرية اليمنية أدوارا، وبعضها موجود في الرياض، والبعض الآخر في الدوحة، وغيرهما في الداخل.
لكنني أقول إن القيادة العسكرية الفاعلية القادرة على قيادة العمليات في الداخل اليمني وتوحيد المقاومة الشعبية والقبلية، كلهم في الرياض متعطشون لإعطائهم الفرصة للمشاركة في العمليات الحربية الميدانية، لتخليص اليمن الشقيق من تدهور الأوضاع.
في الأسبوع الماضي، وفي هذه الزاوية، ذكرت بالاسم نخبة من جنرالات الجيش اليمني الرافضين لانقلاب الحوثيين وعبد الله صالح على الشرعية، وقلت إن مثل هؤلاء حري بهم أن يكونوا في ميدان المعركة، لا في قصور الضيافة، فأهل مكة أدرى بشعابها.
(3)
صحيح أن القبيلة اليمنية محاربة، وأن هناك تركيزا على دور القبائل في الحرب الدائرة هناك، لكن حرب القبيلة لن تحقق نصرا عسكريا على "قوات مدربة تدريبا جيدا على حرب العصابات"، وهذه القوات (الحوثية) تدربت في العراق ولبنان، وخاضت معارك ميدانية فعلية هناك، وتدرب بعضها على يد الحرس الثوري الإيراني، فالقبيلة إن لم يكن لها قائد عسكري يعرف فنون القتال والقدرة على المناورة، فلن تحقق نصرا.
ومن هنا، فإن الحاجة ملحة إلى تعيين قادة عسكريين لقيادة القوات القبيلة، لأنهم أعرف بفنون القتال، خصوصا حرب العصابات.
إن الحرب القبلية لن تجد نفعا ما لم تكن تحت قيادة عسكرية صلبة.
(4)
كثرت الخروقات على الحدود السعودية اليمنية، واستطاعت قوى الحوثي والحرس الجمهوري الوصول إلى بعض قرى السعودية الحدودية، كما قال الناطق العسكري السعودي، وحققت إنجازا معنويا لجماهيرها ومؤيديها، وليس استراتيجيا، واستطاعت مدافع الهاون الحوثية وبعض قطع الكاتيوشا استهداف مدينة نجران، ونعرف أن طبيعة الحدود الجبلية بين الدولتين تتيح لحرب العصابات، وليس الجيوش، فرص تحقيق خروق حدودية خطيرة فترات قصيرة بهدف الإرباك وتشتيت قدرات الجيش السعودي على الحدود.
ومن هنا، أؤكد الدعوة إلى إشراك القيادات العسكرية اليمنية الموجودة في بعض العواصم الخليجية، ولها خبرة في معارك ميدانية مع الحوثيين في صعدة ومحيطها، وعلى الحدود السعودية اليمنية، وسيكونون أقدر على حسم المعركة.
لقد تم إنجاز مهمة الطيران الـ(إف 16) وغيرها في تدمير الأسلحة الاستراتيجية بعيدة المدى، وتم تحييد الطيران اليمني، وجاء دور استخدام طائرات أباتشي التابعة لدول التحالف وغيرها في استهداف الدبابات والأسلحة الثقيلة في
الجبهات الجنوبية والجبهات في وسط اليمن.
(5)
تقود أمريكا كل الجهود إلى تدويل الحرب اليمنية، مبتدئة بالعمل الجاد لإشراك إيران في تقرير مصير اليمنيين، وهذا المندوب السامي للأمم المتحدة، ولد الشيخ، في طهران، يتفاوض على تقرير مصير اليمن، وهذه إيران بدأت خلاياها النائمة في الجبهة الشرقية للمملكة السعودية بالعمل الفعلي، وكان فاتحته تفجيرات مسجد علي بن أبي طالب في القطيف، وأخشى أن تتطور تلك الأعمال لا سمح الله. ومن واجب كل حر في جزيرة العرب أن يدين ذلك الفعل الإجرامي الذي استهدف مصلين من أجل إثارة فتنة نائمة لعن الله موقدها.
في الجانب الآخر، تتناول القيادات العربية والدولية الشأن اليمني بأنه لا حل عسكريا على الأرض، وأن على جميع الأطراف اللجوء للحلول السياسية.
إنها كلمة حق، ولكن بعد أن تحقق قوى التحالف إنجازات جوهرية على الأرض.
إن القبول اليوم بالحلول السياسية التي لا تجبر الحوثي وعبدالله صالح بالانسحاب من كل المناطق التي يسيطرون عليها وتسليم سلاح الحوثي إلى معسكرات الجيش اليمني، سيؤدي إلى كوارث سياسية في المنطقة لا تحمد عقباها.
يؤسفني جدا القول، وأرجو أن يؤخذ قولي بحسن النية، إنه إذا قبل قادة عاصفة الحزم بالتفاوض مع الأطراف إياها وإيران قبل تحقيق أهداف جوهرية على الأرض، فإن ذلك القبول نذير شؤم على الخليج والجزيرة العربية وعلى هيبة القيادة السعودية الشابة التي استطاعت أن توحد أمة بقرارها الجريء في بدء عمليات عاصفة الحزم.
آخر القول: سارعوا، يا قادتنا الميامين، في إنجاز عمل عسكري على الأرض في اليمن قبل فوات الأوان.
(نقلا عن صحيفة بوابة الشرق)