فجأة، ودون مقدمات، انتشرت مؤخرا في عدد من محافظات
مصر ملصقات تحمل صور المرشح الرئاسي الأسبق الفريق أحمد
شفيق، تعلوها عبارة "أنت الرئيس"، معيدة إلى المشهد صور المرشح الذي خسر جولة الإعادة أمام الرئيس المطاح به محمد
مرسي، في أول انتخابات عرفتها البلاد عقب ثورة 25 كانون ثاني/ يناير 2011.
شفيق، الذي يعيش منذ نحو عامين في دولة الإمارات، كان له النصيب الأكبر في معظم البرامج الحوارية على الفضائيات المصرية خلال الأيام الماضية، حيث أحدثت تلك البرامج حالة من الصخب
الإعلامي، كان بطلها شفيق وعدد آخر من الوجوه التي برزت في تلك الانتخابات التي جرت في حزيران/ يونيو 2012، وفاز بها مرسي أول رئيس مدني منتخب لمصر.
تلك الحالة التي ظهرت قبل أيام من نهاية العام الأول من حكم الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح
السيسي في 8 حزيران/ يونيو المقبل، تخللها اتهامات إعلامية لشخصيات قالت إنها تسعى إلى تعطيل مسيرة السيسي، وتخوض صراعا ضده.
ورغم أن السيسي لم يلزم نفسه بتقديم كشف حساب بعد مرور عام من حكمه 8 حزيران/ يونيو المقبل، غير أن وسائل الإعلام المحلية انخرطت في انتقاده، في مشهد لافت على مدار الشهرين الماضيين، وهي ذاتها التي تكشف عن شخصيات تسعى لزعزعة استقرار حكمه، ولا تنبري في الإشارة إلى ما تعتبره "مؤامرة" تحاك ضده.
الإعلامي يوسف الحسيني، أحد الإعلاميين الذين صنعوا حالة الصخب الإعلامي هذه، حيث سلط الضوء عبر برنامجه "السادة المحترمون"، المذاع على فضائية "أون تي في"، على أربع شخصيات قال إنها "ترى في نفسها أحقية أن تكون رئيسا لمصر بدلا من السيسي"، مشيراً إلى أن "هدفها وضعه في موقف حرج وزلزلة حكمه"، على حد وصفه.
وفي حلقة برنامجه المذاع الثلاثاء، قال الحسيني: "من وجهة نظر المذيع، مصر فيها رئيس واحد منتخب، اسمه الرئيس عبد الفتاح السيسي"، لافتا إلى أن جهات أخرى ترى أن أربع شخصيات أحق بالرئاسة وهي: الفريق أحمد شفيق، وجمال مبارك، نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك، والفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، والذي أحاله مرسي للتقاعد في آب/ أغسطس 2012.
وواصل الحسيني حديثه قائلا: "أصبح هناك أربعة أسماء عمليا ترى في نفسها، ولديها بعض الأفراد من بعض الشخصيات العامة، ولديها بعض ممن يحترفون العمل السياسي والمتغلغلين في العمل الحزبي بيدعموا هذه الرؤى، لديهم بعض الناس في مؤسسات هامة وفاعلة في الدولة، وعليه متستغربش (لا تتعجب) أنه بيحصل محاولات حثيثة لوضع الرئيس الحالي، الرئيس الشرعي المنتخب الوحيد والأوحد (في إشارة إلى السيسي) في أي حرج.. محاولة زلزلة كرسي الحكم في مصر والانتقاص من شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي".
في الاتجاه ذاته، أشار الإعلامي عمرو أديب، في برنامجه "القاهرة اليوم" على قناة "أوربت" الاثنين الماضي، إلى أنه إضافة إلى شفيق، فهناك أربع أو خمس شخصيات كبيرة، من أبرز الوجوه التي أيدت مشهد 30 حزيران/ يونيو 2013، تسعى إلى الوصول للسلطة.
ولم يكشف عن أسماء هذه الشخصيات، لكنه أوضح أنه لا ينتمي أي منها لجماعة الإخوان المسلمين أو حركة 6 إبريل (ليبرالية)، وجميعها شارك في 30 حزيران/ يونيو 2013 (الذي عقبه أطاح قادة الجيش المصري عقب اجتماع مع قوى وشخصيات سياسية ودينية بمرسي)، وهي داخلة في معركة عنيفة مع السيسي.
واعتبر أديب أن تلك الشخصيات كان لديها مشكلة مع شخص لم يقدروا عليه (في إشارة إلى مرسي)، وهو ما دفعهم إلى دعم أحد من معسكرهم للتخلص منه (في إشارة للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي)، ومن ثم يسعى كل منهم الآن للاستئثار بما يرى نفسه أحق به.
وتابع أديب مفسراً: "سياسيا ده مفهوم، الهدف أي حد الوصول للسلطة، 4 - 5 شخصيات كلهم هدفهم الوصول إلى السلطة، وهو هدف غير عيب.. هناك صراع واضح جداً حامي داخل فيه سياسة وقوة ونفوذ وإعلام.. نرى تكسير عظام".
حالة الصخب الإعلامي هذه لم تقتصر فقط على البرامج الحوارية في الفضائيات المصرية، لكنها امتدت إلى الصحف الخاصة المؤيدة للسيسي.
ففي مقال نشره المحلل السياسي المعتز بالله عبد الفتاح، الأحد الماضي، في جريدة الوطن نقل فيه مقتطفات من حوار أجراه مع السيسي، قائلا: "تحدث السيسي عن صدمته من بعض السياسيين الذين لا يدركون حرج المرحلة، ويبحثون عن مصالح شخصية ضيقة جدا في ظروف صعبة جدا"، دون أن يذكر أسماء هذه الشخصيات أو طبيعة هذه المصالح.
فيما نقلت جريدة الشروق المصرية في عددها الصادر أمس الأول، عن مصادر سياسية رفيعة، لم تسمها، بأن "هناك رسالة وجهتها دوائر السلطة في القاهرة للفريق شفيق بأن عليه أن يوقف النشاطات التي يقوم بها التي يسعى من خلالها للبقاء على الساحة السياسية في مصر أو العودة إليها".
كما نقلت عن مصادر أخرى، لم تسمها، قولها إن "الأجهزة الأمنية رصدت اجتماعات لرجال الفريق أحمد شفيق مع رجال أعمال ومسؤولين إماراتيين وسعوديين وأمريكان؛ بهدف زعزعة شرعية الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وكان لشفيق رأي فيما يحدث؛ حيث ذكر محاميه، يحيى قدري، أن شفيق أبلغه أن كل ما ينشر عنه "كذب، ويأتي في إطار سياسة ممنهجة؛ بغرض محاربته ومحاربة الدولة المصرية، مستخدمين اسمه".
وأضاف قدري: "كان رافضاً لكل ما نشر، بما في ذلك توجيه رسالة له من السلطة، وأن لديه أي اتصالات ضد الدولة وضد الحكم المصري"، موضحاً: "سنتعامل مع الأمر قانونيا".
وحول عودة شفيق للبلاد، قال قدري إن "موكلي لا يواجه أي قضايا، وإن أمر عودته مرهون برفع اسمه من قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر"، لافتاً إلى أن "النائب العام لديه ملف بهذا الصدد لم يتصرف فيه بعد، وبناء على هذا التصرف يمكن لشفيق العودة إلى مصر".
ويعتبر النائب العام المصري هو المعني بمخاطبة الجوازات المصرية بشأن حذف أو إضافة الممنوعين من السفر، وفي حال رفع اسم شفيق من القوائم، سيحق له العودة إلى مصر دون توقيف له أو ضبط، كأي مواطن عادي.
ولا يعرف بعد ما إذا كانت الأيام المتبقية على مرور أول عام على حكم السيسي ستشهد تصعيدا إعلاميا ضد شفيق وغيره، بوصفهم "يهددون استقرار حكم النظام الحالي"، أم ستدفع هذه الشخصيات إلى الخروج عبر ذات الوسائل للدفاع عن نفسها.