وقعت خمسة
أحزاب يمنية، بينها الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري، على مشروع مشترك يهدف إلى إيقاف الحرب في
اليمن ومعالجة تبعاتها واستعادة العملية السياسية، تحت إشراف ورقابة دولية وإقليمية.
وإلى جانب الاشتراكي والناصري، وقعت على المشروع ثلاثة أحزاب أخرى هي التجمع الوحدوي اليمني (يساري) واتحاد القوى الشعبية (مقرب من
الحوثيين) والتجمع الوطني لمناضلي الثورة.
وتفيد المعلومات التي حصلت عليها "
عربي21"، بأن مداولات مكثفة خاصتها الأحزاب الموقعة استمرت لأيام قبل التوصل الأحد الماضي لصيغة مشتركة، والتوقيع على المشروع بصيعته النهائية الإثنين الماضي.
وبشكل عام، يهدف المشروع إلى "تكوين حامل مدني وشعبي موسع لمخرجات الحوار الوطني الشامل، وبأفق عمل مؤسسي يمتلك القدرة على الاستمرارية والتفاعل مع مختلف المعطيات في سبيل تنفيذ تلك المخرجات الى حقائق".
وتضمنت مقدمة المشروع، الذي حصلت صحيفة "
عربي21" على نسخة منه، ثلاثة أهداف رئيسية، أولها "إيقاف الحرب الداخلية والخارجية لمنع انهيار الدولة، وتحويل اليمن إلى ساحة للفوضى والإرهاب والتمزق على أسس جهوية ومذهبية وتصفية حسابات اقليمية ودولية".
ونص الهدف الثاني على "استعادة العملية السياسية لإنجاز تسوية مستديمة تجدد الثقة بالمشروعية السياسية التوافقية للشراكة الوطنية في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني ووثيقة الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة الوطنية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
أما الهدف الثالث والأخير، فيعنى بـ"منع الانهيار الاقتصادي، وإعادة بناء العلاقات المتكافئة والمتوازنة بين اليمن ومحيطه الإقليمي والدولي".
وخصص المحور الأول من البنود، لـ"البنود العسكرية والأمنية"، التي تكونت من ثماني فقرات، أبرزها "الإيقاف الفوري للحرب" في كافة الجبهات الداخلية، وجميع العمليات العسكرية لقوى التحالف العربي، والشروع فورا "في انسحاب المليشيات المسلحة والقوات العسكرية والأمنية" في مختلف مناطق الاقتتال، مع سحب الأسلحة منها، وتحديد معسكرات خاصة خارج إطار المدن لتجميع القوات الأمنية والعسكرية المنسحبة"، ومباشرة تطبيع الأوضاع السياسية والعسكرية والأمنية والإدارية المأزومة في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية، وإلغاء كافة الاجراءات الانفرادية التي اتخذت بعد اتفاق السلم والشراكة والمخالفة له، والشروع فورا بمعالجة تبعات الحرب وتداعياتها وضحاياها.
وتضمن هذا المحور أيضا "تشكيل نواة للمؤسسة العسكرية والأمنية من الضباط الوطنيين غير الملوثين بالفساد أو المتورطين في الحروب الداخلية الراهنة"، على أن "تنهض الحكومة بإجراءات إعادة تموضع القوات المسلحة ومخازن الأسلحة خارج المدن والتجمعات البشرية، وإعادة بناء مؤسستي الجيش والأمن فقا لمخرجات الحوار الو طني".
ويجرم المشروع أية محاولة للجوء إلى استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية خاصة، أو اتخاذ إجراءات انفرادية فيما يتعلق بالشأن الوطني العام -خارج التوافق والشراكة الوطنية - خلال المرحلة الانتقالية.
وخصص المحور الثاني لـ"البنود السياسية"، وتضمنت في مقدمتها إصلاح مؤسسة الرئاسة بما يحقق الشراكة الوطنية التوافقية، وعودة حكومة الكفاءات لممارسة مهامها، على أن يترتب استمرارها من عدمه على نتائج التوافق السياسي الذي سيسفر عنه الحوار، الذي نصت إحدى الفقرات على استئنافه في المكان الذي يحدده المبعوث الأممي، وبحضور جميع الأطراف السياسية المشاركة في الحوار الوطني الشامل، مضافا إليها فصائل وأطراف الحراك الفاعلة في الجنوب، مع اشتراط أن يكون الممثلون في هذا الحوار "مفوضين رسميا من مكوناتهم باتخاذ القرار، لاستكمال عملية نقل السلطة، وإنجاز مهام المرحلة الانتقالية والانتقال إلى الديمقراطية وفق جدول زمني لا يتعدى العامين".
ونص المشروع أيضا على "استبعاد القيادات العسكرية والأمنية المتورطة في عرقلة التسوية السياسية، وإشعال الحرب (..) من المشاركة في العملية السياسية القادمة وفي التشكيلات العسكرية والأمنية الجديدة، ورفع الحصانة عنها، وتنفيذ الإجراءات العقابية الصارمة بحقها وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
كما دعا إلى "الشروع فورا بمعالجة القضية الجنوبية، وفقا لآلية تنفيذية مزمنة، وبإجراءات عملية ملموسة، وفقا لمضامين وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية، ومخرجات الحوار الوطني والنقاط ذات العلاقة المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني". وكذا "البدء بتنفيذ الإجراءات والمعالجات الوطنية المحددة لقضية صعدة، وفقا لمخرجات قضية صعدة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل"، مع "الشروع في التنفيذ الفوري لمخرجات الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية، وملحقها الأمني"، وتصحيح وضع بقية الهيئات الضامنة لتنفيذ مخرجات الحوار للقيام بمهامها المزمنة والمحددة لها وفقا لورقة الضمانات في مخرجات الحوار، ومبدأي التوافق والشراكة الوطنية. ويدخل في ذلك مناقشة وتصويب مسودة مشروع الدستور الاتحادي وفقا لمخرجات الحوار الوطني.
وتطرقت أيضا إلى تهيئة البيئة القانونية والأمنية الملائمة، لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة، وفقا لمضامين الدستور الجديد المستفتي عليه، واعتماد استراتيجية وطنية شاملة بشراكة وطنية واسعة لمحاربة الارهاب، وتجفيف منابعه، والبيئة الحاضنة له، وكذا انتهاج سياسة خارجية متوازنة ومتكافئة مع دول المحيط الاقليمي، تجسد المصالح الحيوية المشتركة، وترتقي بالعلاقات الثنائية المتبادلة، بما يخدم المصالح المشروعة لبلدان وشعوب المنطقة.
وخصص المحور الثالث والأخير من المشروع لتفصيل "الآليات والضمانات" الكفيلة بتنفيذ كل ما سبق.
وأقترح بهذا الخصوص بندين، الأول: أن تتولى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومجلس التعاون لدول الخليج العربي والجامعة العربية تشكيل "لجنة عسكرية أمنية (عربية/ يمنية) مشتركة مشكلة من دول عربية محايدة، وشخصيات عسكرية وطنية لم تكن طرفا في الحرب للإشراف على التنفيذ الفعلي لوقف الحرب والعمليات العسكرية، وإجراءات سحب الأسلحة من المليشيات واللجان الشعبية المسلحة، وتحديد معسكرات خاصة لتجميع القوات الأمنية والعسكرية المنسحبة، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بتحقيق الأمن والسلم الأهلي، وتطبيع الأوضاع العسكرية والأمنية".
أما الآخر، فدعا إلى ضرورة أن تلتزم كل الأطراف السياسية الاجتماعية المنخرطة في هذه التسوية، بوساطة وإشراف المؤسسات الدولية والإقليمية المذكورة آنفا، ببنود ومضامين هذه التسوية، والتوافقات والاتفاقيات السياسية السابقة، ودعوة المجتمع الإقليمي والدولي للوفاء بالتزاماته تجاه التسوية اليمنية، وضمانات تنفيذها بصورة أكثر فاعلية، تحول دون الالتفاف عليها أو إعاقة تنفيذها، ودعم كل الجهود الرامية لإنجاحها، مع تحديد آليات عقابية صارمة كفيلة بكشف المعرقلين ومعاقبتهم وفضحهم أمام الشعب اليمني والمجتمع الإقليمي والدولي، وتحميلهم كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تلك الممارسات التي لا ينبغي أن تمر دون مساءلة، حسب الوثيقة.