تلعب اللجنة الإستشارية للأونروا دوراً محورياً في التأثير على مسار عمل المنظمة الأممية ورسم سياسات واستراتيجيات عملها. تشكلت "اللجنة" وفقاً للبند الرابع من قرار تأسيس الوكالة رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 1949، وعيَّنت الجمعية العامة خمس دول أعضاء في اللجنة هي أمريكا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وشمال إيرلندا، انضمت سوريا والأردن ومصر في نفس شهر التأسيس، ثم انضم لبنان وبلجيكا في العام 1953، فاليابان سنة 1973، وانضمام 11 دولة في العام 2005 هي أستراليا، كندا، الدانمرك، ألمانيا، إيطاليا، هولندا، النرويج، السعودية، إسبانيا، السويد، سويسرا، بالإضافة إلى انضمام كل من
فلسطين والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية كأعضاء مراقبين في العام نفسه، ثم عادت وانضمت كل من فنلندا وإيرلندا في العام 2008 والكويت في العام 2010 فلوكسمبورغ في العام 2012 إلى أن وصل تعدادها الآن إلى 25 دولة، بالإضافة إلى الثلاثة أعضاء المراقبين..!
انضمام العدد الأكبر من الدول في العام 2005، جاء متوافقاً مع مُخرجات سياسية كانت حاضرة وبقوة، أولاً من خلال انعقاد قمتيْ شرم الشيخ في مصر، والعقبة في الأردن بتاريخ حزيران 2003 والإعلان حينها عن التفهم الأمريكي ليهودية دولة الاحتلال، وعملياً شطب حق العودة.. وثانياً التوقيع على وثيقة جنيف البحر الميت في 1/12/2003 لـ "حل القضية الفلسطينية" وُصفت بأنها "أخطر مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية" ولاقت دعماً وتأييداً دوليين؛ فقد تم التوقيع بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر ورئيس الاتحاد الأوروبي والمنسق الأعلى السابق للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافير سولانا، والممثل الخاص لرئيس وزراء بريطانيا لورد ليفي، ووزراء خارجية أوروبيين.. حول "
الأونروا" دعت الوثيقة التي وقعها عن الجانب الفلسطيني ياسر عبد ربه وعن الجانب الإسرائيلي يوسي بيلين، إلى تشكيل لجنة دولية خاصة مهمتها إنهاء عمل الوكالة مكونة من الولايات المتحدة و"الأونروا" والدول العربية المضيفة والاتحاد الأوروبي وسويسرا وكندا والنرويج واليابان والبنك الدولي وروسيا وغيرها، جاء في الوثيقة "على الوكالة أن تكف عن الوجود بعد خمس سنوات من بداية عمل اللجنة. تعرض اللجنة جدولاً زمنياً لنهاية نشاط الوكالة ونقل وظائفها إلى الدول المضيفة"!
حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة مهمة اللجنة الاستشارية منذ إنشائها بتقديم النصح ومساعدة المفوض العام للأونروا في تنفيذ مهام ولاية الوكالة، وبالتالي قرار "الأونروا" ليس ذاتياً نابعاً من الوكالة نفسها، وإنما هو خاضع ومستمد مما يقرره الأعضاء بعد أن تكون اللجان الفرعية قد استوفت تقاريرها ونصائحها، إذ تلتقي اللجنة الاستشارية مرة كل ستة أشهر بحضور عدد من الدول كمراقبين!
يأتي التحضير لعقد اللقاء القادم للجنة الاستشارية في القاهرة بتاريخ 15/6/2015 في مرحلة مفصلية، يتم فيها تقليص المزيد من خدمات الأونروا بشكل لم يسبق له مثيل، ويشمل جميع القطاعات وعلى وقع حراك تصاعدي مستنكر شعبي وفصائلي، لا سيما في لبنان، تتذرع الوكالة أن سبب التقليص يعود لعجز في الميزانية وصل إلى 100 مليون دولار كما ذكر المفوض العام للوكالة بيير كرينبول منتصف الشهر الماضي، في المقابل بتقديرنا لن تعجز 193 دولة في العالم عن تغطية العجز! وكذلك المساهمة في الضغط على الوكالة لترشيد الإنفاق!
واضح بأن التقليص منهجي سياسي يمر عبر اللجنة الاستشارية للأونروا، لكن ربما ما لا يدركه أعضاء "اللجنة" والمجتمع الدولي، أن تقليص الخدمات كمحاولات للضغط على اللاجئ للقبول بأية حلول، ممكن أن تُعرض عليه مقابل إنهاء خدمات الوكالة كمقدمة لشطب حق العودة سيكون مصيره الفشل، عدا عن أنه سيُدخل تلك الدول إلى قائمة دول العار التي ستذكرها الأجيال بالتواطؤ التاريخي على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وسيُدخل المنطقة في دوامة من ردات الفعل والمزيد من التهجير وحالة من اللاإستقرار. سخونة الحدث وتداعياته لن تكون محصورة في منطقتنا العربية فقط، بل ستصل شظاياها إلى جميع الدول الأعضاء وغيرها من دول العالم!