قال خبراء سياسيون إن تقديم
حكومة التوافق استقالتها، دون توافق فلسطيني، يعمق الانقسام، و"ينسف" أية جهود لإتمام المصالحة الفلسطينية، ويترك "فراغا سياسيا"، وخاصة إذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة بالتوافق بين الفصائل الفلسطينية.
ومن المتوقع أن تقدم حكومة التوافق برئاسة رامي الحمدالله، استقالتها الأسبوع الحالي، حيث أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس الثلاثاء الماضي، أن حكومة الوفاق التي شكلت بموجب اتفاق المصالحة، ستقدم استقالتها خلال "ساعات"، ما دفع الحمدالله للتأكيد على أن مصير حكومته سيتقرر غدا الاثنين، خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي تعقيبها على ما سبق؛ اتهمت حركة المقاومة الإسلامية "
حماس" على لسان الناطق باسمها القيادي صلاح البردويل، في تصريح سابق لـ"
عربي21"، عباس؛ بأنه يسعى لـ"إفراغ" الساحة الفلسطينية.
قرار خاطئ
وعقّب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر ناجي شراب، على تصريح عباس حول
استقالة الحكومة، بقوله إنه "قرار مفاجئ وخاطئ، وله دلالات سياسية خطيرة".
وأوضح شراب لـ"
عربي21" أن خطوة عباس من شأنها أن "تنفي صفة التوافق الوطني عن الحكومة، ما سيعقد عمل أية حكومة في قطاع غزة"، مشددا على أن "استمرار السلطة بالتفرد بالقرار السياسي؛ سيؤدي إلى مزيد من التوتر والاختلاف".
وانتقد "التفرد" بالقرار دون إبداء مبرراته أو توضيحه، قائلا: "إذا كان الهدف توسيع عمل الحكومة؛ فهي لا تحتاج إلى استقالة وإعادة تشكيل، بل من الممكن إضافة عدد من الوزراء بالتوافق"، لافتا إلى أن "احتكار السلطة لتشكيل الحكومة بالكامل؛ ينبئ بتعميق الانقسام الفلسطيني، ويضع علامات استفهام كبيرة أمام رؤية الرئيس الفلسطيني لحالة الوفاق وتداول السلطة، وخاصة في ظل تعطل المؤسسة التشريعية وامتلاكه السلطة التنفيذية".
وقلل من إمكانية "تجاهل أي حكومة جديدة لحركة حماس باعتبارها منظومة راسخة في القرار السياسي الفلسطيني، ولها بنية أمنية واقتصادية وسياسية مفروضة بقوة على الواقع السياسي الفلسطيني في قطاع غزة"، منوها إلى أن "تشكيل أي حكومة دون موافقة حماس؛ يدفع باتجاه استمرار الانقسام".
وحذر شراب من خطورة تشكيل حكومة جديدة حال استقالة حكومة الوفاق "وفقا للبعد المكاني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، واستئثار الضفة ببعض القوى والمؤسسات السياسية؛ بعيدا عن مشاركة غزة".
لا قيمة للقرار
وتبدو الصورة أكثر تشاؤما لدى الخبير السياسي
عبدالستار قاسم، الذي أكد أن استقالة الحكومة أو بقاءها "لن ينفع أو يضر المواطن الفلسطيني، وخاصة في ظل تفرد الرئيس عباس بقرار التشكيل والإقالة وفقا لرؤيته السياسية مع العدو الإسرائيلي".
وقال لـ"
عربي21" إن "دور الفصائل الفلسطينية في رفض تشكيل الحكومة من عدمه؛ لا قيمة له، كونها سلمت نفسها للرئيس، وأوكلته في إدارة الأمور بموافقتها على شرطيه في استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال، والاعتراف باتفاقية أوسلو".
وحول
التداعيات السياسية المحتملة لإقدام الحكومة على الاستقالة دون توافق وطني؛ فقد أكد قاسم أن ذلك "سيترك فراغا سياسيا، خاصة إذا لم يتم تشكيل حكومة أخرى بالتوافق بين الفصائل الفلسطينية"، مشيرا إلى أن "الواقع السياسي الفلسطيني سيكون أسوأ، وسيبقى التعامل مع غزة جامدا"، على حد وصفه.
ونفى وجود "رؤية وفلسفة سياسية حكيمة" في قرارات رئيس السلطة، مؤكدا أن "الهدف الأول لعباس والمنظومة العربية التي تسانده في قراراته هو القضاء على المقاومة".
وأضاف: "فشل عباس في القضاء على المقاومة يدفعه لمثل هذه القرارات الفردية، بهدف إيجاد حكومة تدين بولاء أكبر لطموحه السياسي، الذي يتمثل باستمرار التفاوض مع الاحتلال، والبقاء في السلطة".
ووقعت حركتا حماس وفتح في أواخر نيسان/ إبريل 2014، اتفاقا يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتشكيل حكومة وطنية، وتفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني، والإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية، ولم يتم تنفيذ أي من تلك المخرجات؛ باستثناء تشكيل حكومة التوافق في مطلع حزيران/ يونيو الماضي.