قبل الإفطار في رمضان ساقني قدري لكي أرى برنامجا جديدا لعمرو خالد، وقررت أن أتابع بعضا منه؛ لأقف على كيفية تجديد الخطاب الديني التي أوصاهم السيسي بها مرارا، فكان يتحدث
عمرو خالد عن الإبداع في المصحف؛ حيث كان مكتوبا بلا نقاط فوق الحروف إلى أن جاء أبو الأسود الدؤلي ووضع تلك النقاط.
ويتناسى عمرو خالد أن أبا الأسود الدؤلي كان تابعا جليلا، ومن حافظي القرآن، ومن أصحاب علي رضي الله عنه. ويكمل كلامه وسمومه ويقول إن الكتابة في المصحف استمرت بهذا الشكل إلى أن جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي أبدع أيضا، فوضع تشكيلا على تلك الكلمات، وينهي كلامه....
أما وضع الأجزاء والأحزاب، فقد جاءت بعد ذلك على يد نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، بأمر وإشراف من الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق، ويختم عمرو خالد فقرته بكلمة الإبداع، ولولا إبداع هؤلاء لما أصبح المصحف بشكلة الحالي.
ونزلت علي كلمة الإبداع كالصاعقة! إبداع؟ أي إبداع هذا؟ وهل يقصد الاجتهاد؟ هل تجديد الخطاب الديني يجعلنا نغير كلمة ونهجا أصيلا للدين الإسلامي يسمى الاجتهاد (له أجران من أصاب، وله أجر من أخطا) إلى مسمى آخر، ليواكب التطور والتجديد في الخطاب كما أمر به السيسي في خطاباته وهو الإبداع !!؟؟ فقررت وقتها غلق هذا الهرج والمرج، وأي عاقل يستطيع أن يعي الفرق في المعنى لكلمتي إبداع وكلمة اجتهاد ومشتقاتهما من معجم المعاني فنجد الآتي:
اجتهادَ / يجتهد ، اجتهادًا ، فهو مُجتهِد ، والاسم مُجتهَد وهي تعني بذلَ ما في وُسْعه
إبداع / أَبْدَعَ , يُبدع ، إبداعًا ، فهو مُبدِع ، والاسم بِدعه وهي تعني استحداث وخلق
أي أن الاجتهاد محمود، وله شروط يجب أن تتوافر من يقوم بهذا الاجتهاد. بينما الإبداع شيء آخر تماما، وتناسى عمرو خالد أن الأذان نفسه كان رؤيا جاءت في منام أحد الصحابة وألقاه سيدنا بلال رضي الله عنه، كما نسي أو تناسى عمرو خالد قول الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9].
و هنا تجعل كلمات عمرو خالد أي شاب أو شخص عقيدته الدينية متزعزعه أن يفكر فيما قاله العلمانيون وبعض متشددي الأديان الأخرى، بأن القرآن ليس بوحي، ولكن هو عمل بشري؟
و هنا يظهر خطورة ما يروج له عمرو خالد على عقول شبابنا، فأخطر ما يكون هو أن يتم تغيير فكرك وعقيدتك بضحكه مصطنعة، كما يفعل هو وبعض من هؤلاء الدعاة، الذي لولا نعمة الانقلاب ما انفضحوا وانكشفوا لنا جميعا وسقطوا هذا السقوط، وحينما نجري مقارنه سريعة بين
إسلام البحيري وعمرو خالد نجد أن إسلام البحيري قدمت ضده عشرات البلاغات، وأغلق برنامجه، واتهم بأنه يزدري الدين الإسلامي، لأن إسلام البحيري بأسلوبه المنفر في الطعن في الأئمة والصحابة والتابعين جعل الجميع يأخذ حذره، ومن هنا كانت خطورة عمرو خالد أكثر بآلاف المرات من إسلام البحيري.
نعم، كلاهما شيطان لم يسلسل في رمضان؛ لأن السيسي الأعظم يحكم أكبر دولة عربية في العالم العربي، فقريبا يسلسل الجميع هم وشيطانهم الأكبر، فكلاهما لا يملك من اسمه شيئا، لا هذا عمرو، ولا هذا خالد، ولا هذا إسلام.