رغم الماضي السياسي المليء بالمواقف المحرجة التي تطارده باستمرار، ومنها الإطاحة به كرئيس لجهاز أمن فتح في غزة في 2007، والطرد من الحركة بتهم الفساد في 2011، والاتهامات بالتآمر على الرئيس، يرى مراقبون أن القيادي
الفلسطيني محمد
دحلان يعد نفسه للعودة إلى المسرح السياسي الفلسطيني.
وفي التقرير الذي أعده "جوناثان براون" لصحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية، نقل الكاتب عن أحد أعضاء فريق الدفاع عن دحلان أن قرار القضاء في رام الله باعتبار القيادي المفصول بريئا من تهم الفساد "نصرا عظيما لمستقبل فلسطين السياسي".
واعتبر قرار البراءة الذي تنبأ به سيفاغ تورسيان، واحدا من سلسلة مؤشرات على أن دحلان يعد نفسه للعودة للمشهد الفلسطيني مجددا.
المقربون من دحلان ومنهم الدكتور سفيان أبو زايدة يرى في الأول شخصا مؤهلا للعب دور في السياسة الفلسطينية، والدليل على ذلك العلاقات التي أقامها مع كل من الإمارات العربية المتحدة ومصر خلال تواجده خارج الأراضي الفلسطينية.
ويقول أبو زايدة: "السيسي يحبه، ومحمد بن زايد يحبه، وكلاهما يثقان به، ويدعمانه حتى في معركته مع
عباس. لقد حصل على مال الإمارات وعلى نفوذ مصر، فماذا عساه يحتاج أكثر من ذلك؟".
من جهة أخرى يوافق الدكتور غسان الخطيب، نائب رئيس جامعة بير زيت والسياسي المتقاعد، على أن دحلان أصبح لاعبا مهما في المنطقة إلا أنه لا يعتقد أن دحلان لا يتمتع بالشعبية المطلوبة في بلاده، ويقول: "نعم، لديه نفوذ ولكن لا شعبية له، دحلان لا يتمتع بأي شعبية على الإطلاق حيث يحتاجها".
وبالنسبة للبعض الآخر فإن دحلان لا يختلف كثيرا عن الرئيس محمود عباس، وإن كان مؤهلا لخلافته.
ويتفق كل من أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس عبدالستار قاسم، والمحلل السياسي الفلسطيني المقيم في واشنطن غرانت رملي، على أن أجندة دحلان في حال وصل للرئاسة لن تختلف عن أجندة "أبو مازن" من حيث "محاربة حماس، والتنسيق أمنيا مع
إسرائيل".
وفي حين اعتبر الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء عدنان الضميري في حديث لـ"ميدل إيست آي" أن دحلان فشل سياسيا في فلسطين، قال محافظ نابلس أكرم الرجوب إن دحلان ليس بديلا مقبولا بالنسبة للسلطة الفلسطينية رغم أن القدرة على الانسحاب واحدة من نقاط القوة السياسية لديه.
الدكتور الخطيب، الذي ينظم استطلاعات للرأي ضمن نشاطه داخل مركز القدس للإعلام والاتصالات، قال إن دحلان لا يحظى إلا بالحد الأدنى من الدعم حتى بين عامة الناس. ويصف دحلان بأنه "مبغوض جدا بين الفلسطينيين وبين النشطاء، وفي داخل فتح وفي خارجها".
ويضيف: "من خلال استطلاعات الرأي نستدل على تمتع دحلان ببعض الشعبية في غزة، ولكن غزة الآن خارج المعادلة لأنها تحت سيطرة حماس، ولذلك فإن قوته في غزة لا تساعده كثيرا في الضفة الغربية. فحيث يتطلب الأمر لا يتمتع دحلان بأي شعبية على الإطلاق، ففي استطلاعات الرأي لا يحصل على أكثر من جزء بسيط في المائة. نعم لديه نفوذ، ولكن لا شعبية له على الإطلاق".
في آذار/ مارس من عام 2014، وبعد تهم الفساد التي وجهها الرئيس عباس ضد دحلان، أظهر استطلاع للرأي نظمه مركز فلسطين للسياسة واستطلاعات الرأي أن ما لا يزيد على سبعة بالمائة من الذين استطلعت آراؤهم أعربوا عن اعتقادهم بأن دحلان بريء من التهم التي وجهت إليه، وذلك بالرغم من أن هذه التهم ما لبثت فيما بعد أن أسقطت عنه. ولم تختلف عن ذلك كثيرا النتائج التي تمخضت عن استطلاع للرأي نظمه مركز القدس للإعلام والاتصالات.
وبعد ثلاثة شهور، أجرى مركز فلسطين للسياسة واستطلاعات الرأي استطلاعا حول رأي الجمهور حول من يصلح لأن يعين نائبا للرئيس عباس، وكانت النسبة التي حصل عليها دحلان واحدة من أدنى النسب، حيث جاء في ذيل قائمة تصدرها كل من مروان البرغوثي ورامي الحمد الله وصائب عريقات ومصطفى البرغوثي.
وعن خطر الارتباط بدحلان أو تأييده، يقول أبو زايده: "لقد كانت السلطة، أي القيادة، قاسية على دحلان وعلى كل من له ارتباط به، حتى بات الارتباط به أمرا مرعبا. ولهذا السبب فأنت ترى الناس يخفون تأييدهم له"، ولفت إلى النيران أطلقت على سيارته عشرين مرة بعد أن تجرأ على انتقاد عباس بسبب معاملته لدحلان.
أما الخطيب فيقول: "هناك حالات عديدة كان مجرد الشك في وجود ارتباط بدحلان مكلفا جدا بالنسبة لبعض الناس. نعم، الارتباط بدحلان يمكن أن يكون ضارا".
ومن واشنطن يقول رملي إن هذا الخطر يتهدد أيضا أعضاء نشطين داخل
السلطة الفلسطينية، حيث يمكن أن يفقد كل من يعلن تأييده لدحلان وظيفته داخل السلطة. ويخلص إلى القول بأن "الدعم الذي قد يتمتع به دحلان يصعب قياسه كما أو نوعا، فلا يمكنك معرفة كم له من الأتباع، وإلى أي مدى هم على استعداد للثبات على دعمهم له".