نشرت صحيفة "هافنغتون بوست" الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول إستراتيجيات
تنظيم الدولة، قالت فيه إن هذا التنظيم يسعى إلى مهاجمة الغرب باسم المسلمين، حتى يجر الطرفين إلى مواجهة مباشرة، ويحقق نظرية
صراع الحضارات.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أن العالم يشهد اليوم حربا من نوع جديد، تتطلب فهما للاستراتيجيات الجديدة التي يتم اعتمادها، "فتنظيم الدولة يعتمد بالطبع على الحجج الدينية في حربه المعلنة ضد الغرب، ويوجه خطابه للفقراء والمهمشين الذين يعانون من الظلم، ويشعرون بالنقمة، ولكنه يمتلك أيضا تكتيكا خاصا وخطيرا، أكثر فاعلية من الطرق التقليدية".
وأوضحت أن ما حدث مع بداية شهر رمضان في
فرنسا وتونس؛ يستحق فعلا المشاهدة والتحليل، "فتنظيم الدولة يسعى لتحضير الأرضية الملائمة لشن حرب ضد من يعتبرهم أعداءه، ولكي ينجح في ذلك يجب أن لا يكون معزولا، بل على العكس يجب أن يتغلغل وسط حاضنة شعبية واسعة، وكما يقول الزعيم الصيني ماو تسي تونغ: يجب أن يتمكن من التحرك كالأسماك في الماء".
وذهبت إلى أن التنظيم يسعى لخلق أعداء له، وإقناع من يريد استقطابهم بوجود هذه العداوة، عبر اعتماد مجموعة من المخططات؛ أولها تكوين نظرة سلبية لدى المجتمعات الغربية حول الإسلام، من أجل خلق هوة سحيقة بين الطرفين، عبر انتهاك أبسط قواعد حقوق الإنسان التي يتبناها الغرب، وإظهار أكبر قدر من الهمجية باسم الإسلام، بالإضافة إلى جعل حياة المسلمين في الغرب أكثر صعوبة، عبر تبديد الثقة بينهم وبين بقية الناس.
وتابعت: "هذه الرسالة كانت واضحة في العملية التي قام بها سائق الشاحنة في إيزار، الذي قطع رأس مديره، وحاول تفجير مصنع الغاز، فأهم نتائج هذه العملية هو أن أي مشغّل سيفكر في المستقبل ألف مرة قبل أن ينتدب حارسا أو سائقا أو نادلا مسلما؛ لأن صورة رأس مدير الشركة ستسيطر عليه".
وأشارت الصحيفة إلى سعي تنظيم الدولة لنشر الفوضى؛ من أجل دفع عدد كبير من المسلمين إلى الهجرة من أفريقيا والشرق الأوسط نحو أوروبا، مع التركيز على الماضي الاستعماري لهذه الدول، ومسؤوليتها الأخلاقية تجاه المهاجرين، لخلق أزمة بين الطرفين، تتواصل حتى بعد وصول المهاجرين وتسوية وضعياتهم، حيث يقومون بإنشاء تجمعات مسلمة منعزلة عن المجتمع، وتبقى الهوة قائمة بينهم وبين الغرب.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الأساليب التي يعمل تنظيم الدولة على تنفيذها، نجحت في خلق حالة توتر دائمة، وخوف متبادل بين الجانبين، وبالتالي قتل أي إمكانية للتعايش بين المسلمين والغرب، وهو ما يمكن تنظيم الدولة من
استقطاب أعداد متزايدة من المسلمين من كافة أنحاء العالم.
وأضافت أن التنظيم يأمل في تزايد هذه الأعداد مع اشتداد المعركة بين الجانبين، حيث إنه يرى أن حالة الخوف ستضمن له ولاء عامة المسلمين، وخاصة أولئك الذين لا يشعرون بالرضا عن أوضاعهم، لأنهم يعانون من العنصرية أو الحرمان، ولا يرون بديلا آخر يخلصهم من معاناتهم، "وهكذا، فإنه يمكن تجنيدهم لهذه الحرب المقدسة التي يسعى التنظيم للدفع نحوها".
وفي ختام تقريرها؛ حذرت "هافنغتون بوست" من أن مفهوم العيش المشترك بصدد التهاوي، أمام سيطرة نزعة العنف والدموية والخطاب العدائي، "وبالنسبة لتنظيم الدولة؛ فإن انقسام الغرب والمسلمين إلى معسكرين متحاربين؛ سيضمن له دورا قياديا في العالم الإسلامي، وربما يضمن له الانتصار في حربه الشاملة".