نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتبة كريستين ماكتاي، تتحدث فيه عن رد فعل الجيش
المصري على هجمات
سيناء، حيث قالت إن الجيش هاجم الإعلام الأجنبي.
ويشير التقرير إلى أن الجيش المصري زعم بشكل مؤكد أنه يسيطر على شبه جزيرة سيناء، التي عانت من اضطرابات بعد قيام التنظيم الموالي "للدولة الإسلامية" بسلسلة من الهجمات المنسقة، التي خلفت وراءها مئة قتيل، واتهم متحدث باسم الجيش الصحافة الأجنبية بتشويه الحقائق للتأثير على معنويات الجيش المصري.
وتنقل الصحيفة ما صرح به الجنرال محمد سمير للصحيفة المملوكة للدولة "الأهرام"، حيث قال إن الجيش المصري يقاتل في سيناء منذ عامين، ولكن عددا من الصحف والقنوات الإعلامية المصرية وقعت في "مصيدة" الإعلام الأجنبي.
وتورد الكاتبة أن وكالة أنباء "أسوشيتد برس" قد ذكرت نقلا عن مصادر أمنية أن عدد قتلى الجيش هم 64 جنديا، مع أن الجيش قدر العدد بـ 17 جنديا. واتهم سمير وكالات الأنباء الأجنبية والصحف بنشر هذه الأرقام "عن قصد"، في محاولة "لتحطيم معنويات الشعب المصري".
ويلفت التقرير إلى أن هذه الاتهامات جاءت بعد أسبوع من العنف المتكرر في مصر، حيث أظهر المتشددون فعالية وقدرة في الهجمات، واستهدفوا مسؤولا كبيرا في العاصمة، وكذلك قوات الأمن المصرية في سيناء. وزادت حدة التوتر عندما دعت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة أفرادها إلى الانتفاض ضد عبد الفتاح
السيسي، بعد مقتل تسعة من عناصرها، بينهم عنصر سابق في البرلمان، وقد قتلوا في مداهمة الشرطة بيتا في القاهرة ليلة الأربعاء.
وتبين الصحيفة أن محللين يقولون إن انتشار العنف وقوة المتشددين، يجعلان من حصول مواجهات جديدة أمرا محتوما، مشيرين إلى عدم قدرة حكومة السيسي على جلب الأمن للبلاد.
وتنقل ماكتاي عن المحاضر في جامعة جون هوبكنز، والخبير في الجماعات الإسلامية خليل العناني، قوله إن الموجة الأخيرة من الهجمات أظهرت أن نظام السيسي ضعيف وفي حالة خطرة، ويضيف: "هناك أزمة منذ عام 2013، ولن يكون نظام السيسي قادرا على الانتصار ضد الإرهاب في سيناء دون الوصول إلى حل مع الإخوان المسلمين".
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن السلطات تقول إنه لا فرق بين الإخوان والجماعات المتشددة. ويقوم الإعلام المصري ببث تقارير منتظمة عن اعتقال أفراد من جماعة الإخوان المسلمين، الذين تقول السلطات إن بحوزتهم أسلحة متفجرة، أو لدعوتهم إلى العنف ضد القوات الأمنية.
ويقول العناني للصحيفة إنه من خلال إلقاء اللوم المتكرر على الإخوان المسلمين، وتحميلهم مسؤولية الهجمات مبررا لمواصلة القمع ضدهم، فإن الحكومة تقاتل في المكان الخاطئ، وتخلق مشكلات جديدة. ويضيف: "ما يحدث هو عبارة عن مشكلة سياسية عميقة، ودون حلها فإن الوضع سيستمر بالتدهور إلى الأسوأ".
وتفيد الكاتبة بأن الإخوان أكدوا وبشكل مستمر أن لا علاقة لهم بالعنف، ولكن موقف الجماعة النابذ للعنف يتعرض للتحدي من الجيل الشاب، الذي يرد على حملات القمع التي تقوم بها الحكومة. وقالت الجماعة في بيان لها يوم الأربعاء: "انهض للدفاع عن وطنك وروحك وأرواح أبنائك". ودعا البيان عناصر الحركة إلى تدمير قلعة الظلم، واستعادة مصر من جديد.
ويذكر التقرير أن الجيش المصري قام بشن سلسلة من الغارات الجوية يوم الخميس في شمال سيناء، وقتل 23 متشددا، بحسب ما أعلنت عنه المصادر الأمنية. ويخوض الجيش حربا مع المتشددين منذ وقت، حيث قتل المئات من عناصر الجيش المصري والشرطة، وفي المقابل فقد قتل المئات من المتشددين.
وتنوه الكاتبة إلى أن سياسة اليد الحديدية وتنظيف مناطق حدودية، التي تتنهجها الحكومة، يرى مراقبون أمنيون ومحللون أنها غير ناجعة. ويقول المحلل أتش إي هيلر: "أساليب الجيش في سيناء لا تقوم بالحد من المشكلة، ولكنها تسهل على المتشددين عملية التجنيد".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول هيلر إن "أساليب مكافحة الإرهاب هي مزيج من اللين والتشدد، مع الأخذ بعين الاعتبار كسب دعم السكان. وما نراه في سيناء أن الإجراءات المتشددة هي المستخدمة، أما غير ذلك فهو قليل".