سياسة دولية

ما تأثير مكاسب إيران المالية من "النووي" على سياستها الخارجية؟

ما يزال القادة الإيرانيون يرغبون في رؤية حدوث تحسن بالاقتصاد - أرشيفية
تساءل مدير الأبحاث في معهد واشنطن، باتريك كلاوسون، عن تأثير التحسن والمكاسب الاقتصادية التي ستجنيها إيران من الاتفاق النووي، على صعيد سياستها الخارجية.
 
وقال كلاوسون في تقريره الذي نشر على الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن أنه "ما يزال القادة الإيرانيون يرغبون في رؤية حدوث تحسن في الاقتصاد. وربما كان ذلك الدافع الرئيسي للتنازل في المحادثات النووية، فالأضرار التي ألحقها الغرب بالاقتصاد المركزي الإيراني كانت في صلب عملية إقناع طهران بالتفاوض بجدية، لكن في الوقت نفسه، استطاعت إيران أن تشق طريقها وسط صدمة العقوبات التي فُرضت عليها في عام 2012، كما أن مشاكلها الهيكلية ليست كبيرة جدا مقارنة مع مثيلاتها في بلدان أخرى، بما فيها الولايات المتحدة". 

ولفت كلاوسون إلى أن مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي له رأي آخر مهم، وهو أن خامنئي "لا يعتقد أن تخفيف العقوبات مهم بشكل خاص من الناحية السياسية أو حتى الاقتصادية. ويقوم جزء من هذا التفكير على قناعته الأيديولوجية بأن مقاومة "الغطرسة" الغربية أهم من الازدهار، ولكن الجزء الآخر يستند إلى حد كبير إلى وجهة نظره الصحيحة والقائلة بأن مسار إيران نحو الازدهار يكمن في التنويع ومحاولة الابتعاد عن الاعتماد على النفط فقط".

ورأى الباحث كلاوسون أن "الربح الاقتصادي المفاجئ الذي ستجنيه إيران من الاتفاق النووي سيؤدي إلى خلق فرص جديدة لطهران. إلا أن فهم تأثير ذلك التدفق على السياسة الخارجية يتطلب بعض التدقيق في السياق المرتبط بالاقتصاد الإيراني وبنشاطات النظام في الخارج".

ونوه إلى أنه من أجل فهم النسبة التي قد تُخصص من الربح الاقتصادي في أعقاب التوصل إلى اتفاق نووي لتلبية الاحتياجات الإيرانية المحلية الملحة، فإنه "من المفيد أن ننظر إلى ما فعلته الولايات المتحدة بوارداتها ذات القيمة الأكبر بكثير، والناتجة عن الطفرة في إنتاج النفط والغاز خلال السنوات القليلة الماضية. فبدلا من إيجاد طرق للاستفادة من هذه الأموال لمعالجة عدم المساواة الاقتصادية والبنية التحتية المتهالكة، أنفق الأمريكيون غالبية هذه الأموال بشكل مماثل للنفقات السابقة، ويعني ذلك الإنفاق بشكل محدود على الاحتياجات الاجتماعية أو الاستثمارات الحكومية".

ورأى مدير الأبحاث في معهد واشنطن، باتريك كلاوسون أنه "إذا اتبعت إيران المسار نفسه الذي تتبعه في الوضع الراهن، فإن الغالبية العظمى من عائداتها ستستخدم للأغراض الداخلية، ولكن يمكن أيضا أن تنفق نسبة معينة من هذه العائدات على اتخاذ القرارات المتسرعة والمخاطرة خارج البلاد. فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أنفق صانعو القرار الإيرانيون مليارات الدولار في سعيهم إلى النفوذ الإقليمي على الرغم من كونهم مقيدين بإحكام بسبب العقوبات، مما يبيّن الأولوية العالية التي أولوها لهذا الهدف. وربما تتغيّر أولوياتهم بمجرد التوصل إلى اتفاق نووي، ولكن هذا الافتراض هو أكثر من مجرد تفاؤل بسيط".

واعتبر أن "إيران تشكل قوة اقتصادية كبيرة طورت طرقا غير مُكلفة لتحدي الفريق المقرب من الولايات المتحدة، بدءا من نشر القوة الناعمة والرشاوى، وصولا إلى أدوات الحرب منخفضة التكلفة مثل الإرهاب والميليشيات المتطرفة؛ لذلك، فإن القيود المفروضة على سياستها الخارجية لم تكن، وليس من المرجح أن تكون اقتصادية بالدرجة الأولى؛ فحسابات طهران حول ما إذا كان يجب أن تكون أكثر حزما في الخارج، هي أقل عرضة للتأثر بالحسابات الاقتصادية من تأثرها بآفاق النجاح السياسي التي تراها بشكل أو بآخر، مثل زيادة نفوذها في البلدان التي تتدخل فيها أو توفير تعزيز داخلي لموقع القيادة. كما أن إطلاق العنان للموارد الإضافية إثر التوصل إلى صفقة نووية، ستضع إيران في وضع أفضل لإنفاق المزيد على اتخاذ القرارات المتسرعة والمخاطرة خارج البلاد، إلا أن العوامل الأساسية التي تحدد نطاق هذه النفقات وطبيعتها تبقى سياسية وليست اقتصادية".

وختم الباحث باتريك كلاوسون تقريره بقوله إنه "يمكن القول إن إيران، مثلها مثل الولايات المتحدة، تعمل على تلبية احتياجاتها المحلية بشكل جيد، حتى في ظل العقوبات التي تخضع لها، على الرغم من أن مشابهة الأداء الأمريكي الضعيف في الآونة الأخيرة ليس بالانجاز الكبير. وقد يعتبر خبراء الاقتصاد أنه من الأنسب المقارنة بين إيران ومصدّري النفط الآخرين، ولكن نادرا ما يضع الإيرانيون أنفسهم في الفئة نفسها مع السعودية والكويت، فهم يقارنون أنفسهم بالدول الغربية المتقدمة. إلى جانب ذلك، فإن الوضع الاقتصادي للدول المصدّرة للنفط ليس جيدا هذه الأيام مع انخفاض سعر البرميل؛ فالعديد من هذه الدول تحافظ على نموها الاقتصادي فقط من خلال تحمّلها عجزا هائلا في الميزانية.