تناول رئيس الاستخبارات السعودي السابق، الأمير
بندر بن سلطان،
الاتفاق النووي الإيراني، حيث انتقد في رسالة له تعْرضها "
عربي21" تعليق بعض النقاد السياسيين في الإعلام، القائلين بأن الاتفاق الأخير الذي عقده الرئيس الأمريكي باراك
أوباما مع إيران هو نسخة طبق الأصل عن الاتفاق النووي الذي عقده الرئيس الأسبق بيل كلينتون مع كوريا الشمالية.
وأوضح الأمير بندر أنه لا يتفق مع رأي النقاد، "فكلينتون اتخذ قراره آنذاك على أساس تحليل استراتيجي للسياسة الخارجية الأمريكية، وعلى معلومات استخبارية سرّية".
وتأتي هذه الرسالة كأول موقف يدلي به بعد عزله من منصبه رئيسا للاستخبارات السعودية، حيث يقرأ الأمير بندر الاتفاق النووي الإيراني تحت عنوان "طبق الأصل ثانية".
وقال الأمير بندر إن الاتفاق الذي خرج به كلينتون حينها كان "على رغبته ونواياه الحسنة، لإنقاذ شعب كوريا الشمالية من مجاعة تسببت بها قيادته. واتضح بعد ذلك أن ذلك التحليل الاستراتيجي للسياسة الخارجية كان خاطئا، إلى جانب فشل استخباراتي كبير، لو عرف به الرئيس كلينتون قبل اتخاذه قراره لما اتخذه، وأنا واثق تماما من ذلك".
في حين يرى الأمير بندر الذي يعدّ من أقوى الشخصيات السعودية التي خدمت في الرياض وواشنطن أن الرئيس أوباما اتخذ قراره بالمضي قدما في الصفقة النووية مع إيران "وهو مدركٌ تمام الإدراك بأن التحليل الاستراتيجي لسياسته الخارجية والمعلومات الاستخبارية المحلية وتلك الآتية من استخبارات حلفاء أمريكا في المنطقة لم تتنبأ جميعها بالتوصل إلى نتيجة الاتفاق النووي ذاتها مع كوريا الشمالية فحسب، بل تنبأت بما هو أسوأ، إلى جانب حصول إيران على مليارات من الدولارات".
وقال إن "الفوضى ستسود الشرق الأوسط، الذي تعيش دوله حالة من عدم الاستقرار، وتلعب فيها إيران دورا أساسيا".
وتساءل الأمير السعودي: "لماذا يصر الرئيس أوباما على عقد مثل هذه الصفقة، على الرغم من أنه يعرف ما لم يعرفه الرئيس كلينتون عندما عقد صفقته مع كوريا الشمالية؟".
وأجاب بأن الرئيس أوباما ليس لأنه غير ذكي بما فيه الكفاية، ولكن لأنه ذكي بما فيه الكفاية، "فالسبب الحقيقي وراء عقد هذه الصفقة هو أن الرئيس أوباما صادق ومتصالح مع نفسه، ولأنه مقتنع تماما بأن ما يفعله هو الصحيح".
ويعتقد الأمير بندر أن أوباما يرى أن كل ما يمكن أن يكون كارثيا بسبب قراره حول الاتفاق النووي هو ضرر جانبي مقبول.
وأشار الأمير بندر -الذي شغل منصبا من أهم المناصب الحساسة في المملكة زمنا طويلا- إلى أن تحليله الذي خرج فيه هو من بناء على خبرته الطويلة مع المسؤولين الأمريكيين.
وقال: "بكل تواضع، أنا رجل عمل مباشرة مع رؤساء الولايات المتحدة من جيمي كارتر حتى جورج دبليو بوش. وبكل تواضع، أنا رجل مثّل بلاده في الولايات المتحدة الأمريكية العظيمة 23 عاما، وقضيت 17 عاما من حياتي أخدم في جيش بلادي".
واستدرك بالقول: "إن كان كل هذا لا يؤهلني للإدلاء برأي مستند إلى معلومات أكيدة بشأن هذه المسألة، يمكنني أن أضيف أنني منذ 2005 وحتى 2015، شغلت منصب مستشار الأمن القومي لقادة بلادي، ورئيسا للاستخبارات، ما مكنني من الاطلاع مباشرة على قرارات قيادة بلادي، وعلى التحليل الذي يقدمه الرئيس أوباما".
واستند الأمير بندر في رأيه الذي قدمه في رسالته إلى المعلومات التي أمده بها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، موضحا: "علي أن أعترف بأنني لم يسبق لي أن عملت مع الرئيس أوباما، كما لم ألتق به شخصيا رئيسا ولا قبل ذلك. والمعلومات الوحيدة التي أستند إليها في تقويمي للرئيس هي التي أمدني بها الملك الراحل عبد الله، أو تلك التي طلب نصيحتي بشأنها، حين كان يستدعي الأمر التعامل مع الرئيس أوباما. وهذه المسائل كلها كانت تمر، ذهابا وإيابا، من خلال السيد عادل الجبير، سفيرنا في واشنطن آنذاك ووزير خارجيتنا راهنا".
وقال الأمير بندر متمسكا برأيه: "ثق بي حين أقول إن سياسة الرئيس أوباما بشأن الشرق الأوسط عموما، وفي سوريا والعراق واليمن خصوصا، هي سياسة مفاجئة في تنويرها، ويمكن مناقشتها في وقت آخر. أما الآن، وبكل تأكيد، أنا أكثر اقتناعا من أي وقت مضى بأن صديقي العزيز، الثعلب القديم هنري كيسنجر، كان مصيبا حين قال: على أعداء أمريكا أن يخشوا أمريكا، لكن على أصدقائها أن يخشوها أكثر".
وختم بالقول: "يعتمد الناس في منطقتي اليوم على الله، وعلى تعزيز قدراتهم وتحليلهم للوضع بالتعاون مع الجميع، باستثناء حليفنا الأقدم والأقوى".
يشار إلى أن الأمير بندر شغل منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية بين العامين 1981 و2005.
ويذكر أنه أعفي من منصبه رئيسا للاستخبارات العامة السعودية، بقرار ملكي في 15 نيسان/ أبريل العام الماضي.