أكدت مجلة "روز اليوسف" الحكومية
المصرية أن "
السعودية باعت مصر"، وأن "عودة العلاقات المصرية - الإيرانية أكثر من ضرورة"، مشددة على أن "استقبال الملك سلمان لخالد مشعل ومد الجسور مع إخوان اليمن يهز الجسر بين الحليفين"، وأن الإعلام السعودي بات يهاجم مصر، حتى إن صحفيين سعوديين وصفوا 30 يونيو بـ"الانقلاب"، وفق قولها.
وقال مراقبون إنه لا يمكن التعامل مع ما نشرته المجلة في عددها لهذا الأسبوع، على أنه موضوع عادي، بل يجب ربطه بعلاقة المجلة بالأجهزة المخابراتية المصرية التي لا تستطيع المجلة تجاوز الخط المرسوم لها من قبلها في سياستها التحريرية، والحديث عن دولة عربية بحجم السعودية، دون التنسيق مع هذه الأجهزة، وأخذ رضاها، وإلا صادرتها فورا، ومنعت ظهورها بالأسواق.
وأبدى المراقبون اندهاشهم مما نشرته المجلة، واعتبروه تصعيدا إعلاميا مفاجئا، يأتي بعد 48 ساعة فقط من لقاء وزيري خارجية مصر والسعودية في المملكة، التي قللا فيها من شأن ما تردد حول وجود أزمة في العلاقات بين البلدين، ومن شأن زيارة مشعل إلى السعودية مؤخرا.
ورجحوا أن قيادة الانقلاب في مصر تجهز لإعادة علاقتها مع إيران، وأنها بالفعل اتخذت قرارا بذلك، وأنها تمهد بهذه المواد والحملات الصحفية، لهذا القرار، في انتظار اللحظة المناسبة لإعلانه، طمعا في "الأرز" الإيراني، بعد توقف "الأرز" الخليجي، وذلك في إشارة إلى تعبير السيسي الذي ورد على لسانه، في أحد تسريبات قناة "مكملين" له، وقتما كان يتجهز للترشح للرئاسة، مشيرا إلى الدعم المالي الخليجي لنظامه.
أدلة قوية على الفتور بين مصر والسعودية
وفي موضوعها عددت المجلة أسبابا اعتبرتها أدلة قوية على وجود شوائب في العلاقات بين مصر والسعودية، وفتور يخيم عليها، منها أن المملكة لم تجد مناصا من أجل القضاء على النفوذ الحوثي، ولم تجد مفرا بعد الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة ورفع العقوبات الاقتصادية على طهران.. من ضرورة تكوين حلف سني كبير ليواجه النفوذ الإيراني الشيعي في المنطقة العربية، ومن هنا أتى لقاء الملك سلمان بخالد مشعل.
وأضافت أن هذه أسباب كافية جدا لتوتر العلاقات بين مصر والسعودية، لكنها ليست الوحيدة، فلا يزال هناك الكثير من الأسباب، أهمها أن مصر تنظر إلى الأزمتين السورية والليبية من زاوية مختلفة عما تراه السعودية.
وتابعت بأن المملكة تدعم منذ اليوم الأول المعارضة السورية المكونة من إخوان وسلفيين ونصرة وخلافه، وترى أن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد -الحليف الإيراني الأهم في المنطقة- هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة في سوريا.
أما مصر -بحسب المجلة- فترى أن من الممكن التوصل إلى اتفاق سلام في سوريا يحفظ مكانا لبشار الأسد في الفترة الانتقالية، وترى أن التهديد الرئيس في الوضع السوري ليس الأسد، ولكن الجهاديين. والموقف الثنائي من ليبيا لا يختلف كثيرا عن سوريا.
واستطردت المجلة بأن "التقارب المصري الروسي لا يأتي أيضا على هوى المملكة في عهد الملك سليمان، وأن التقارب السعودي التركي يتسبب في غصة لدى النظام المصري بعد موقف أردوغان من ثورة 30 يونيو، ووقوفه ضد الإدارة المصرية لصالح جماعة الإخوان"، وفق وصفها.
ومشيرة إلى ما تنشره وسائل الإعلام السعودية عن مصر، وما يكتبه الإعلامي جمال خاشقجي الذي يصفه البعض بصوت القصر الملكي، أكدت "روز اليوسف" أن ما ينبغي التوقف عنده هو مقال الكاتب زياد الدريس بجريدة الحياة الأربعاء الماضي تحت عنوان "في مصر دولة عميقة وشعب عميق"، إذ إنه وصف ما حدث في 30 يونيو 2013 بشكل غير مباشر، بـ"الانقلاب"، علما بأنه يشغل منصب المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة اليونسكو في باريس.
وقالت روز اليوسف: "إن السعودية باتت تعتبر الإخوان حليفا محتملا في المعركة ضد التوسع الإقليمي لإيران، وإما أن تصبح مصر على نفس الخط مع المملكة بجانب الإخوان وقطر وتركيا، رغما عنها، وإلا فلتذهب العلاقات (مع مصر) إلى الجحيم".
وانطلقت -بعد الاستعراض لأسباب الخلاف المصري السعودي- للقول، إنه لا ينبغي أن نلوم المملكة على تغير موقفها من الإدارة المصرية، وهذا حقها، وهذه هي السياسة التي لا تعرف سوى لغة المصالح.
العلاقات مع إيران ضرورة ملحة
وتساءلت روز اليوسف: "ما المانع في أن نبحث عما يحقق مصالح الدولة المصرية؟ وما المانع في إذابة الجليد المتراكم منذ سنوات بين مصر وإيران؟ ولماذا نستمر في اعتبار مسألة العلاقات المصرية الإيرانية خطا أحمر لا يجوز الخوض فيه؟ وما الضرر من إعادة العلاقات بين القاهرة وإيران؟".
وأشارت المجلة إلى أنه بعد الاتفاقية التاريخية بين الولايات المتحدة والدول الخمس الأخرى مع طهران حول البرنامج النووي، فإن الدولة المصرية تستطيع على هامش هذا الاتفاق الاستفادة بشكل كبير.
وتابعت: "لا يوجد أي مبرر لعدم وجود تبادل دبلوماسي كامل بين البلدين"، مشيرة إلى أن إعادة العلاقات المصرية الإيرانية لا يعني مطلقا التحالف مع طهران ضد دول الخليج، على حد قولها.
واختتمت المجلة مقالها مؤكدة أن "العلاقات المصرية الإيرانية أصبحت ضرورة ملحة في المستقبل القريب من أجل تحقيق مصالح أكبر للدولة المصرية، والعلاقات مع طهران ستسمح لمصر -الدولة الأكبر والأهم في المنطقة العربية- بإنهاء حالة الصدام المستمر بين إيران وبعض دول المنطقة، وتفويت الفرصة على كل من يخططون لإشعال حرب طائفية في المنطقة بين السنة والشيعة للقضاء على المنطقة بالكامل".
وأعرب كاتب المقال، أحمد شوقي العطار، في خاتمته، عن تمنياته في "أن تستجيب الإدارة المصرية لذلك في أسرع وقت"، قائلا إنه "لا مجال للتردد بغد الآن، فالكل يبحث عن مصالحه، ومصلحة الوطن فوق الجميع، ومصر هي الأكبر والأهم، وستظل كذلك"، وفق قوله.
هجوم منهجي متسلسل على السعودية
ويأتي المقال السابق بعد الهجوم الحاد الذي شنه كل من الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، ورئيس تحرير الأهرام محمد عبدالهادي علام، على السياسة السعودية، ووصف الأول نظام حكم المملكة بأنه غير قابل للبقاء، وبأنه يتصرف بطريقة متخلفة، وهامشي، منتقدا الملك سلمان بن عبد العزيز شخصيا، قائلا إنه "ليس حاضرا بما يكفي".
وهاجم الثاني السياسة السعودية قائلا إن فيها تقوية لشوكة جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي، وترويجا لسياسة التحالف معها، في إشارة إلى اللقاء الأخير للعاهل السعودي مع رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
وهاجم المقال حركة حماس مدعيا أنها "باعت مصر من أجل سوريا وإيران، ثم باعت إيران وسوريا من أجل حماية مشروعها والدعم الأمريكي الصهيوني لمشروع الفوضى الإقليمية"، وفق مزاعمه.