المؤتمر العالمي الذي عقده الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في بيروت تحت عنوان "متحدون من أجل
فلسطين وزوال
إسرائيل حقيقة قرآنية وحتمية تاريخية"، يومي الثلاثاء والأربعاء 82 و29 تموز/ يوليو، يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح من أجل إعادة الاهتمام العلمائي والشعبي والسياسي والإعلامي بالقضية الفلسطينية وللتذكير بالثوابت الأساسية بشأن الصراع مع العدو الصهيوني. لكن هذه الخطوة كانت ناقصة نظرا لغياب العديد من القوى والحركات والهيئات العلمائية عن المؤتمر، وثانيا لأن المهم ليس عقد المؤتمر فقط والدعوة لإعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية ووقف الصراعات في الدول العربية، بل لأن المطلوب تحويل الأفكار والطروحات التي قدمت في المؤتمر وخصوصا في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى خطوات عملية، وأن لا يكون المؤتمر مجرد إطلالة إعلامية فقط.
فالمؤتمر الذي انعقد في بيروت بحضور حوالي 300 عالم ومفكر وناشط سياسي وديني من 55 دولة عربية وإسلامية ومن بعض دول أوروبا، هو المؤتمر الأول للاتحاد العالمي لعلماء المقاومة والذي يرأسه إمام مسجد القدس في لبنان الشيخ ماهر حمود، ويحظى المؤتمر بدعم
إيراني كبير وكذلك بدعم من
حزب الله، وشارك فيه العديد من المفتين والشخصيات الإسلامية من العالم العربي والإسلامي، كما حضر حفل الافتتاح ممثلون لحركة حماس والجهاد الإسلامي والقوى الفلسطينية، وتضمنت أعمال المؤتمر الموضوعات التالية:
أولا: القرآن الكريم وزوال إسرائيل، نصوص التوراة في زوال إسرائيل، شهادات حية.
ثانيا: ثوابت القضية الفلسطينية: وحدة التراب والشعب، الوحدة الوطنية والإسلامية أساس مبدأ، العودة حق مقدس، المقاومة.. الطريق الوحيدة للتحرير.
ثالثا: فلسطين ودور العرب والمسلمين: دور الحركات الوطنية والإسلامية. دور المرأة اتجاه قضية فلسطين، دور القوى النقابية والشبابية ومؤسسات المجتمع الأهلي، دور النخب والمثقفين وتأثيرهم في قضية فلسطين.
رابعا: فلسطين ولعبة الأمم: وهم الدعم الدولي وخطر لعبة المصالح على قضية فلسطين، التقسيم والتكفير، حلقة من حلقات المشروع الصهيوني في إضعاف الأمة، الدعوة لوحدة الأهداف بين الدول والشعوب في العالمين العربي والإسلامي، فلسطين من البحر إلى النهر وعد إلهي مقدس.
خامسا: العلماء وفلسطين- التأصيل والتوجيه الصحيح لمبدأ الجهاد في استنهاض الأمة، أهمية توحيد القوى العلمائية ضمن إطار علماء المقاومة، خطاب العلماء القدوة في مواجهة الخطاب التحريضي، أثر الخطاب في التفريق والتوحيد حيال فلسطين (مقولة الإمام الشافعي: رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب).
وأتت أهمية هذا المؤتمر من كونه قد حظي برعاية ودعم من القيادة الإيرانية ومشاركة شخصيات إيرانية بارزة فيه وبعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، ما يشكل رسالة واضحة من القيادة الإيرانية على استمرار دعمها لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين كما أعلن قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي مؤخرا وبعد توقيع الاتفاق
ومع أهمية النقاشات والموضوعات التي طرحت في المؤتمر وخصوصا ما طرحه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله من ضرورة الاتفاق حول مشروع المقاومة بغض النظر عن الخلافات حول بقية الملفات السياسية ورفض أي محاولة صهيونية لاستمالة الأقليات الدينية والمذهبية، لإبعادها عن الصراع مع العدو الصهيوني والتأكيد على الاستمرار في دعم قوى المقاومة، كل ذلك أكد على أنه مهما كانت الخلافات بين القوى والحركات الإسلامية فإن القضية الفلسطينية تبقى هي الأساس وهي القضية الجامعة، لكن من المهم العمل للتعاون مع بقية القوى والحركات الإسلامية في عقد المؤتمرات الجامعة وتقديم خطوات عملية لوقف الصراعات السياسية في المنطقة، ومن هنا تقع مسؤولية إيران وحزب الله وحلفائهما في هذا المجال، فلكي تعود فلسطين إلى أولوية القضايا فإن المطلوب أيضا أن نعمل جميعا لوقف الصراعات القائمة وليس فقط إطلاق المواقف السياسية والإعلامية وعقد المؤتمرات مع أهمية هذه الخطوات أيضا.