قال القيادي البارز في
حركة النهضة المعارضة بالجزائر محمد حديبي، إن التغييرات التي أجراها الرئيس
بوتفليقة بالجيش، تندرج ضمن توازنات أجنحة النظام.
وأوضح حديبي، في هذه المقابلة مع "
عربي21" أن
الجزائر تواجه خطرا كبيرا بسبب عدم المعرفة بمن يتخذ القرار بالبلاد، وأن حالة الشغور تجاوزت السلطة إلى الدولة ككل.
من جهة أخرى جدد حديبي موقفه الرافض لتدريس العامية بالجزائر، معتبرا قرار وزيرة التعليم القاضي بتدريس العامية، "إحدى أوجه انهيار مقومات الدولة الجزائرية".
ما رأيكم بالتغييرات الأخيرة التي أجرها الرئيس بوتفليقة على مناصب حساسة بالجيش؟
التغيرات الأخيرة التي شملت المؤسسة العسكرية تندرج ضمن إطار التموقع والتوازنات بين أجنحة السلطة المتجاذبة فيما بينها، ولا علاقة لها بأجندة وطنية أو الأوضاع الإقليمية والدولية، وهي رسالة قوية على أن السلطة لم ترسي بعد قواعد ممارسة التسيير ضمن ثقافة الدولة وأعرافها، ومازالت الأمور تخضع لمنطق الفعل ورد الفعل كل هذا بعيد عن اهتمامات الشعب ومعاناته وآماله في التغيير. إن ما يحدث هو نتيجة حتمية لارهاصات سوء التسيير بمؤسسات الدولة.
كيف تصفون المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد حاليا وهل نحن في حالة شغور بالسلطة فعلا كما ترى المعارضة؟
أعتقد أننا تجاوزنا مرحلة الشغور الفعلي والميداني لمنصب رئيس الجمهورية، الآن الجزائر تتجه إلى مرحلة شغور دولة بأكملها بهياكلها ومؤسساتها، لاندري من يصنع القرار، ومن هي المؤسسة التي تتحمل الوضع الحالي، فقد أصبح رجال المال الذين جمعوا أموالهم من امتيازات ونفوذ جماعات السلطة يقررون في مصير دولة وشعب، بينما ليس لهم أي سلطة أو توكيل شعبي ورسمي. والآن مؤسسات الدولة تتخلى عن واجبها في إتخاذ القرار وتسيير الشأن العام ليتدخل الكل من يجد منفذ ليدلي بدلوه بعيدا عن الإرادة الشعبية .
لكن من المسؤول عن هذه الوضعية في وقت تتقاذف السلطة والمعارضة الاتهامات عما وصلت إليه الجزائر؟
لا توجد جهة تتحمل المسؤولية السياسية أمام الشعب عما يجري في البلاد، لكن السلطة ككل مسؤولة، هذا الوضع المأساوي والكارثي الذي أريد للجزائر، بلاشك ليس صدفة وليس وليد اليوم، بل هو نتاج تخطيط خارجي بسبب طموح ورغبات أشخاص وجماعات تصبوا للاستمرار بالحكم في الجزائر، خارج شرعية الشعب. ونخشى أن تتطور الأمور لا قدر الله بدوافع خارجية متربطة بمصالح أفراد وجماعات تضر بوحدة الجزائر وباستمرارية الدولة الجزائرية.
طرح زعيم جبهة الحرية والعدالة، عبد الله جاب الله، وهو حليفكم بتنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، المعارضة، مبادرة لتوحيد عمل التيار الإسلامي، ما رأيكم بالمبادرة؟.
هي مثل باقي المبادرات الحزبية التي تطلق هنا وهناك، نحن لا نرى مانعا في وجود مثل هذه المبادرات لإثراء الساحة الوطنية بالجزائر، لكن أي مبادرة سياسية يجب أن تتوفر لها شروط النجاح ولا يمكن أن توجه للاستهلاك الإعلامي.
تقصدون أن مبادرة جاب الله موجهة للاستهلاك الإعلامي فقط؟
أتحدث عموما وليس عن هذه المبادرة بالذات، أعتقد أن الوضع الحرج الذي تمر به الجزائر خطير جدا يتجاوز مرحلة إطلاق المبادرات الحزبية، الوضع الآن يتطلب أن نتخلى عن ذواتنا وقبعاتنا الحزبية ونتمدد أكثر ونربط جسور تقوية أكثر مع التيارات السياسية الجادة لإنقاذ البلد، ولابد من وضع أولويات المرحلة وتحيين أولويات أوراقنا النضالية.
وما رأيكم بردود الفعل إزاء هذه المبادرة؟
أعتقد أن ردود الفعل للطبقة السياسية لم تكن رافضة للفكرة بل تحفظت على عدم العلم بها، وبخلفيات أجندتها في التوقيت ونوعيتها، هل هي سياسية أو دعوية أم خيرية أم اجتماعية أم فكرية.
أعلنتم حالة النفير بعد قرار وزيرة التربية القاضي بتعليم اللهجة العامية بالمدارس، ما سبب اعتراضكم الشديد؟
إعلان وزيرة التربية عن عدة إجراءات منها تدريس العامية، هي إحدى أوجه انهيار مقومات الدولة الجزائرية النوفمبرية، أعتقد أن الشعب الجزائري يدفع ثمنا غاليا حاليا بعد الثمن الذي دفعه خلال العشرية الدموية. لقد تمت معاقبة الشعب الجزائري على خيارات نهجه النوفمبري، والآن يتم تهجينه بالعنف المؤسساتي والسلطوي.
القضية ليست في تعليم اللهجات العامية، وإنما تكمن بجل الإصلاحات التربوية المزعومة، التي جرى تقديمها للرئيس بوتفليقة ليطبقها حتى يجنبهم، حسبهم، التطرف الإسلامي والقومية العربية ويحرر لهم المرأة ويعيد مجد اللغة الفرنسية وحلم المشروع الفرنسي الاستعماري المتجدد على شكل إصلاحات قاعدتها عودة الفرنسية لواجهة الحكم والنخبة والشارع، ومن ثم ضمان استمرارية مصالح الفرنسية بالجزائر.