قبل ساعات من افتتاح
قناة السويس الجديدة، شهدت قائمة المدعوين عدة مفارقات، من بينها غياب أبرز الزعماء الذي ساندوا انقلاب عبد الفتاح
السيسي على الرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.
ووجه نظام الانقلاب الدعوات لزعماء كل دول العالم تقريبا، من بينهم حكام طغاة، في محاولة لإقناع أكبر عدد منهم بالحضور للحصول على دعم سياسي يثبت أركان عرشه.
داعمون غائبون
ومن بين الزعماء الذين وصلوا إلى القاهرة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وعدد من المسؤولين الأفارقة.
ولكن مجموعة أخرى من قادة الدول التي دعمت السيسي طوال العامين الماضيين، لم تحضر الافتتاح، وعلى رأسها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الذي فضل عدم قطع إجازته الشخصية في المغرب، وأوفد بدلا منه ولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان ممثلا لبلاده.
وحظي نظام السيسي بدعم سعودي قوي منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، حيث قدمت الرياض للقاهرة حزمة مساعدات زادت على 10 مليارات دولار حتى الآن.
ويغيب عن الافتتاح الرئيس الإماراتي خليفة بن زايد، دون إبداء أسباب، حيث سيمثل الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي.
أما ملك الأردن عبد الله الثاني فأرسل بدلا منه وزير خارجيته ناصر جودة.
وعلى المستوى الدولي، يغيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ساند السيسي كثيرا، وأرسل رئيس وزرائه ديمتري ميدفيديف بدلا منه، ويغيب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي الذي أرسل سفير بلاده في
مصر لحضور الاحتفال.
وكما هو متوقع، فإنه يغيب أيضا الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن الحدث، بينما يمثل الولايات المتحدة وفد من الكونغرس برئاسة النائب "دارل عيسى".
طغاة مدعوون
ووجه السيسي الدعوة لعدد من أبرز الطغاة في العالم، على رأسهم "كيم جونج أون" زعيم كوريا الشمالية، الذي قرر إيفاد رئيس هيئة رئاسة الجمعية الشعبية العليا للبلاد كيم يونج نام ممثلا لبلاده.
ويبدو أن السيسي لم يتوقف طويلا عند الفظائع التي يرتكبها جونج أون بحق شعبه بل وأفراد حكومته وعائلته، وقتله الآلاف من الأبرياء لأسباب تافهة، وقرر التعامل معه على أنه زعيم سياسي ووجه له الدعوة لحضور الحفل.
ووجه السيسي الدعوة للرئيس السوداني عمر البشير الذي قاد انقلابا عسكريا قبل 26 عاما، وهو المتهم بارتكاب جرائم حرب.
ويتعرض البشير لملاحقات قانونية وحقوقية منذ سنوات بسبب اتهامه باتكاب مجازر جماعية في إقليم دارفور غرب السودان.
ومن أبرز الزعماء الغربيين المشاركين في الحفل، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يترأس وفد بلاده في الاحتفال، في خطوة وصفت بأنها مجاملة فرنسية لمصر بعد شراء القاهرة لصفقة طائرات "الرافال" التي قدرت بنحو 40 مليار دولار.
ويقول مراقبون إن فرنسا تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية، في مقابل بيع مزيد من الأسلحة للأنظمة القمعية كنظام السيسي.
ووجه السيسى الدعوة لأمير قطر تميم بن حمد، لحضور افتتاح القناة الجديدة، لكن قطر أرسلت نائب وزير المواصلات ليمثلها في الحفل، في موقف يعكس التوتر في العلاقات بين البلدين. وفي ذات الوقت، لم يرسل السيسي دعوة لتركيا بسبب التدهور الحاد في العلاقة بين الدولتين.
منافسان غائبان وكومبارس حاضر
وعلى المستوى المحلي، فقد وجهت الرئاسة الدعوة لعدد من السياسيين، من بينهم حمدين صباحي، المرشح الرئاسي الذي نافس السيسي في الانتخابات الأخيرة، والذي كان كثير من النشطاء والسيسايين يؤكدون أنه لم يكن سوى "كومبارس" للسيسي في الانتخابات ولم يكن منافسا حقيقيا له.
أما الرجلان اللذان يهددان عرش السيسي بشكل جدي، وهما أحمد شفيق رئيس حزب الحركة الوطنية وحسني مبارك الرئيس المخلوع، فتجاهل السيسي دعوتهما تماما، نظرا لكونهما يمثلان منافسين حقيقيين له على منصبه، بحسب مراقبين.
ولم تكتف الرئاسة بعدم توجيه دعوة لمبارك، بل حرصت على إزالة اسمه وصورته من الجداريات واللوحات الفنية المتعلقة بقناة السويس.
وفي تعليق له على هذا التجاهل، قال يسرى عبد الرازق المحامي عن مبارك، إن الرئيس الأسبق سعيد فقط بافتتاح قناة السويس الجديدة، ولا يهتم بوضع صورته في مشاهد الاحتفال.
الملك الأخير
أما أبرز المدعوين المثيرين للجدل، فكان مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك الذي دخل - وما زال - في معارك كلامية مع كثير من الرياضيين والسياسيين في مصر، واستخدم فيها الشتائم والاتهامات اللاأخلاقية.
وانتقد نشطاء تلقي ملك مصر السابق أحمد فؤاد الثاني، ابن الملك فاروق وآخر ملوك أسرة "محمد علي" دعوة لحضور الحفل، مؤكدين أن حضوره يعني الاستهانة بإرادة الشعب المصري الذي ثار على الملكية قبل أكثر من 60 عاما في ثورة 1952.
وبعد جدل استمر عدة أيام، قالت أسرة الملك فاروق إن الأمر لم يتعد اتصالا من الشركة المنظمة للحفل لدعوة الملك أحمد فؤاد الثاني لحضور افتتاح القناة الجديدة، وأكدت أن الملك لم يتسلم دعوة رسمية من الرئاسة لحضور الحدث.
وأعلنت الأسرة أن الملك لن يسافر إلى مصر نظرا لعدم تلقيه دعوة رسمية، متمنيا لمصر وشعبها كل التوفيق.