كتب سيردار سيفين: إن موقفنا الداعم لحزب العدالة والتنمية بشكل كلّي، لا يدعونا للقول بأن كل ما يفعله الحزب صحيح، ولا يمنعنا كذلك من إرسال بعض التحذيرات للحزب.
وإذا أردنا أن نقارن بين السلبيات والإيجابيات في
حزب العدالة والتنمية، فإن الإيجابيات خلال 13 سنة ترجح بكل تأكيد.
تولى حزب العدالة والتنمية حكم الدولة في مرحلة كان اقتصاد الدولة فيها غارقا في الديون، وأمل الشعب منقطع في النمو والازدهار.
عند استلام الحزب للسلطة كان وضع الحكم في
تركيا في الحضيض، حيث كانت السلطة الحاكمة هي السلطة العسكرية. حتى إن القادة العسكريين لم يخضعوا ولم يحترموا إرادة ممثلي الشعب.
وهذه المؤسسة العسكرية لم تنجِز أي شيء في سبيل تقدم تركيا، بل عملت كمعارضة في طريق تقدّم تركيا، ولعل أبرز دليل على ذلك هو الانقلاب الناعم المسيّس في 28 شباط.
استمر العسكر بسوء معاملتهم و ظلمهم للشعب التركي، ومنع المراكز القرآنية في تعليم القرآن، ومنع ارتداء الحجاب. حيث تم التخطيط لإيصال حزب العدالة والتنمية إلى حالة من الجمود السياسي عن طريق إسقاط "شرعيتهم" في الدولة.
فقد كان رئيس الجمهورية التركية آنذاك أحمد نجدت سيزير "قائد لحزب المعارضة الرئيسي" يتآمر ضد حزب العدالة والتنمية، فلم يترك أي وسيلة لإعاقة أهداف الحكومة التركية.
لقد استطاع حزب العدالة والتنمية النجاة من العديد من المؤامرات العسكرية ذات التاريخ المليء بالأحداث، مثل الهجوم على مجلس الأمة التركي، وأزمة 367، والانقلاب العسكري الناعم عام 1971، ومحاولات الانقلاب المستمرة، ودعوى إنهاء سلطات الحزب، والأزمات الاقتصادية العالمية، والضغوطات السياسية على الحزب لإجراء اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي، ومحاولات إفساد الرأي العام بالحزب، ومحاولات اغتيال رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وخيانات التنظيم الموازي، وأحداث حديقة كيزي، والكمين الذي نُصِب في 17-25 كانون الأول، وإرهاب حزب العمال الكردستاني هي محاولات للقضاء على حزب العدالة والتنمية.
مع تغلّب الحزب على تلك المؤامرات وحكمه وحده طوال المدة السابقة، لا يمكننا وصف نسبة الـ 41% التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية بالفشل والضياع.
لماذا لم يَفُز في الانتخابات؟
مع كل هذا، فإن حزب العدالة والتنمية كان بإمكانه الحصول على نسبة أفضل في الانتخابات الأخيرة.
وحتى مع تجاوز حزب الشعب الديمقراطي للحاجز، فإن حزب العدالة والتنمية كان بإمكانه إذا راعى بعض الجوانب المهمة أن يحصل على عدد مقاعد تؤهّله لتشكيل الحكومة بمفرده.
مع كل هذا، لم يُظهِر حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التي مررنا بها إمكانية لتحصيل نتيجة أفضل، وهكذا لا يكون الحزب قد تجاوز الامتحان بشكل جيد.
كان بإمكان الحزب الهيمنة على الحكم مرة أخرى، وحتى لو رضي بهذه النتيجة، لأننا في مرات كثيرة كتبنا تحذيرات للحزب ونبهناهم لما يحصل، ولكن مع الأسف لم نجد لكلماتنا آذانا صاغية، وأتمنى أن يكون الحزب قد أدرك خطورة الأمر، وأن يعمل على تلافيها.
فالحزب في فترة حكمه لم يأخذ على محمل الجد بشكل كاف موضوع المطالبة بجثث الضحايا، وردّة فعل المتقاعدين الذين يعيشون تحت خط الفقر في تركيا، وردة فعل العمال الذين يعملون بحسب القانون الدستوري، و ضباط الشرطة الذين يعملون مجبرين بأجر زهيد... إلخ.
فقد كانت الفواتير المصروفة على العملية الانتخابية ثقيلة على الميزانية، وقد صُرف على العملية الانتخابية من ميزانية الدولة أكثر مما يصرف على المواطنين الأتراك، وقد كنا نبّهنا من قبل أنه إن حدثت أي مشكلة في نتائج الانتخابات، فإن هذا الأمر هو نتيجة الإنفاق الكبير على الانتخابات.
يجب على حزب العدالة والتنمية في العملية الانتخابية المُنتَظَرة أن يتَّخذ خطوات جادَّة في الأمر المتعلق بجثث الضحايا.
ويجب عليهم مراجعة المنهج الذي يتم اختيار مرشحي الحزب على أساسه.
وفي هذه الحالة وخاصة في الأماكن التي فقدنا فيها المقاعد بفارق بسيط في الأصوات، أن نستعيد تلك الأصوات بقوائم جديدة إذا وجد الأفضل.
جهود السلام
أرى أن منطق عملية السلام صائب، لكن كانت هناك مشاكل وأخطاء في التطبيق، وكنا نبّهنا مرارا إلى أهمية منع الأسباب التي تؤدي إلى النزاع والشقاق في المنطقة.
كنا قد قلنا عدة مرات: "إن المحور الوحيد الذي يجب منعه من خلق أجواء النزاع والشقاق في ظل البنية المتأزمة للمنطقة هو
الإرهاب".
وعلى الرغم من التأخّر في التصرف في هذا الأمر، فقد اتُّخِذت إجراءات تحل هذه المشكلة؛
فكان من الخطوات التي يجب عليهم الاستمرار بها، هي افتتاح قسم من "المنظمات الممثلة للشعب والمجتمع".
الحزب والشباب
يجب على الحزب أن يكون داعما كبيرا لكل الجمعيات والمنظمات الممثلة والمساعدة للمجتمع مثل: جمعية نشر العلم، وقف نشر العلم، وقف أنصار، وترجف، وقف عزيز محمود هدى...
الشباب عامل مهم في الانتخابات. فبسبب عدم قدرته على المقارنة بين الماضي والحاضر فإنهم يدلون بأصواتهم للأحزاب الموجودة.
وعلى هذا المنوال حتى لو فاز الحزب في إحدى الانتخابات، فستكون هناك مشاكل كثيرة في الانتخابات التالية.
إن رفع حزب العدالة والتنمية من إيجابياته، ولم يكرر الأخطاء التي وقع فيها، فإنه سيرتقي بأهداف تركيا بخطوات واثقة.
(خاص بـ"عربي21" ، ترجمة وتحرير تركيا بوست)
(عن صحيفة يني عقد)