* قيام دولة فلسطينية مستقلة بات صعبا للغاية
* حماس ليست عدوا.. وتواصلي معها لم ينقطع
* عباس يعتقد أن حماس غير جادة في تحقيق الوحدة
* مصر والأردن رفضتا عقد جلسة للمجلس الوطني على أراضيهما
كشف القيادي البارز في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "
فتح" وعضو اللجنة المركزية للحركة، نبيل
شعث، أن رئيس السلطة الفلسطينية
محمود عباس طلب من قيادات الحركة أن تعمل على "ترتيب أوضاعها؛ حتى لا تفاجأ يوما ما أنه غادر تلك الحياة للقاء وجه ربه". لكن شعث أوضح في حوار خاص مع "عربي21"، أن ذلك "لا يعني أن الرئيس عباس يريد مغادرة العمل السياسي"، لكنه يريد "أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات".
وحول استحداث منصب نائب الرئيس، أوضح القيادي الفلسطيني أن هذا "يتطلب اجتماع المجلس التشريعي الفلسطيني؛ لأنه الجهة المكلفة بذلك"، لافتا إلى أن المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية من "الممكن أن يوصي بهذا" خلال جلسته القادمة.
وفي الوقت الذي يكثر فيه السؤال حول من هو خليفة عباس على رأس السلطة الفلسطينية، حال غيابه، قال شعث: "لو كلفت من قبل حركة فتح برئاسة السلطة سأوافق، وأقوم بهذا التكليف"، مؤكدا أنه "لا يوجد مرشح واحد من فتح حتى الآن"، بحسب شعث الذي كان يتحدث في مقابلة أجرتها "عربي21" عشية اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح.
ومع تعثر مشروع التسوية بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، أدرك الرئيس عباس أن قيام دولة فلسطينية مستقلة "بات صعبا للغاية"، بحسب شعث الذي يرى أن "على فتح أن تعيد تشكيل ذاتها، وتستخدم استراتيجيات جديدة تغير هذا الواقع".
وبين أن أولى خطوات حركة فتح بقيادة عباس هي "انتخاب لجنة مركزية ومجلس ثوري وبرنامج سياسي جديد"، مؤكدا أن عباس "يريد أن يسترجع شرعية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
وفي سياق متصل، رأى شعث أن حركة حماس، من خلال موقفها الرافض لعقد جلسة الوطني، "ما زالت مترددة في مسألة تحقيق الوحدة الفلسطينية"، معتبرا أن "ثمن" المفاوضات غير المباشرة بين حماس والاحتلال هو "هيمنة" الاحتلال على قطاع غزة.
وفيما يلي نص الحوار:
* يدور الحديث حول عزم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على مغادرة الحياة السياسية، ما حقيقة ذلك؟
- الرئيس عباس تحدث في ذلك في أماكن عديدة، ولكن هذا ليس معناه أنه يريد مغادرة العمل السياسي، وإنما يريد أن يذكرنا أن عمره تخطى الثمانين، وبالتالي عليكم في حركة فتح أن تعملوا على ترتيب أموركم وأوضاعكم؛ حتى لا نفاجأ يوما ما أنه غادر تلك الحياة للقاء وجه ربه. وهنا لا يمثل تهديد الأخ أبو مازن لنا بشكل مستمر أنه يريد مغادرة الحياة السياسية، فهو ملتزم بعمله الوطني الذي أفنى حياته من أجله، لكن تقدمه في العمر يجب أن يدفعنا -بحسب رؤيته- أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات.
* ما هي أهم الترتيبات التي يعكف عباس على إنجازها فيما يخص منظمة التحرير الفلسطينية أو حركة فتح؟
- أولى تلك المهام هي عقد مؤتمر فتح السابع، وانتخاب لجنة مركزية جديدة، ومجلس ثوري جديد، وبرنامج سياسي جديد، هذه أولى الخطوات. والرئيس عباس له رؤية خاصة بهذا الشأن لن أتحدث عنها، وهي التي سيتم نقاشها اليوم في اجتماع اللجنة المركزية، مع التأكيد أن الرئيس عباس يريد أن يسترجع شرعية منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت دائما الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. من أجل ذلك يريد أن يعقد المجلس الوطني الفلسطيني، وهو يسعى إلى تحقيق وحدة وطنية فلسطينية، لكنه يرى حتى الآن أن حركة حماس غير جادة في ذلك، وهي لا تستجيب لكل البدائل التي عرضها عليها، وبالطبع يريد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكنه يرى أنه لم يعد بالإمكان الحصول على دولة فلسطينية حرة مستقلة من خلال عملية السلام التي رعاها منذ الثمانينيات، من هنا كان لا بد من البحث عن إطار جديد وعمل جديد من أجل تحرير الوطن، فهو يطرح ذلك في كل زمان ومكان.
* ما هي رؤية الرئيس لمستقبل الشعب الفلسطيني في ظل هذه المعطيات؟
- الأخ أبو مازن يشعر أن قيام دولة فلسطينية مستقلة وتحقيق حق العودة بات صعب المنال في ضوء القيادة الإسرائيلية الحالية، والاستراتيجية الصهيونية الاستيطانية، ويعتقد أن الأمر بات صعبا للغاية، وعلينا أولا أن نعيد تشكيل أنفسنا وترتيب أمورنا، وثانيا يجب أن نستخدم استراتيجيات تستطيع أن تغير هذا الواقع. وهذا هو سبب حراكنا الدولي من أجل مواجهة "إسرائيل" في كل مكان؛ مثل محكمة الجنائيات وغيرها، وهذا ليس مطمعه هو فحسب، وإنما مطمعنا جميعا.
* عباس يصر على عقد جلسة المجلس الوطني، ورئيس المجلس الوطني سليم الزعنون أكد "أنه لا يجوز عقد المجلس بشكل استثنائي"، كيف يمكن التوفيق بين هذا وذاك؟
- التوفيق يتم بأن نسعى جميعا لكي يحضر كل الأعضاء بنصاب كامل، وهنا لا يكون الاجتماع استثنائيا وإنما عاديا، الفرق بين الاستثنائي والعادي هو النصاب، ونحن نعمل جميعا الآن من أجل توفير هذا النصاب.
* ما هي بدائلكم في حال منع الاحتلال وصول بعض الأعضاء لمكان المؤتمر الذي يعقد في رام الله بالضفة المحتلة؟
- هناك البديل الإلكتروني، وهو ما يعرف بنظام فيديو كونفرس، وذلك على غرار إدارة المجلس التشريعي الفلسطيني. لكننا نسعى قبل ذلك من خلال التواصل مع بعض الأصدقاء في كل مكان للضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل السماح لأعضاء المجلس الوطني في غزة وعمان والقاهرة للوصول للمؤتمر.
* كيف تقرأ موقف حركة حماس من انعقاد هذه الجلسة؟
- حركة حماس ما زالت مترددة في مسألة تحقيق الوحدة الفلسطينية، وذلك واضح جدا. أنا لا أتهمهم بأنهم لا يريدون الوحدة بالمرة، لكني أعتقد أن لديهم حسابات تتعلق بالوضع العربي أكثر مما تتعلق بالوضع الفلسطيني. الاحتلال لن يسمح بدولة فلسطينية لا بالضفة ولا بغزة ولا فيهما سويا الا بنضال كبير وطويل، وما تقوم به حماس من حوار غير مباشر مع الاحتلال -كما تسميه حماس- لن يغير من الأمر شيئا، وثمن ذلك في الواقع هو هيمنة إسرائيلية على قطاع غزة، من خلال عدم السماح بأي اختراق للهدنة المرتقبة، ومراقبة أمنية احتلالية دقيقة لكل ما يجري في غزة. وهنا أؤكد أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية دون غزة، ولن تكون دولة فلسطينية في غزة فقط.
إذا كانت مصر لا تريد أن يعقد الاجتماع على أرضها وكذلك الأردن، ماذا نفعل؟! علينا أن نجتمع في فلسطين. وهنا أقول من غير وحدة فلسطينية يصعب علينا تحقيق الاستقلال وإقامة دولة فلسطينية.
* العقبات التي تعترض عقد جلسة المجلس الوطني، لماذا لا تدفع لدعوة المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب لاستئناف عمله، وحل هذ المشكلة؟
- هناك أغلبية كبيرة لدى حركة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو يمثل الموقف سنة 2006، وبالتالي هناك مشكلة انتقال الأعضاء ما بين غزة ورام الله أو العكس، وسنواجه مشكلة التواصل عبر الفيديو كونفرس، مع العلم أن التشريعي منذ عام 2006 وحتى 2007 (عام الانقسام) وهو يستخدم الفيديو كونفرس. وهنا أود أن أسال: لماذا يجوز استخدام الفيديو كونفرس في المجلس التشريعي ولا يجوز للجنة القيادية أو للمجلس الوطني استخدامه؟
* النائب محمد دحلان، وعبر قناة "بي بي سي" العربية، اتهم عباس بالسعي إلى ترتيب السلطة بما يتلاءم مع أهوائه وأهواء أبنائه والمقربين منه. ماذا تقول في ذلك؟
- الأخ محمد دحلان يقول ما يريد، في النهاية هناك مجلس وطني وهو الذي يقرر. وفي الواقع كانت هناك فرصة لتحقيق الوحدة قبل الحديث عن جلسة المجلس الوطني، لكن حماس أحبطتها. الرئيس عباس كان يريد تحقيق الوحدة قبل تلك الجلسة من أجل الاتفاق على مجلس وطني جديد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بانتخابات للمجلس الوطني الجديد وللمجلس التشريعي الجديد، وهذا هو الحل المنطقي، وبالتالي نتيجة تلك الانتخابات تنعكس بالنسب على تشكيل الحكومة الجديدة، وهذا يحقق لنا مجلسا تشريعيا ومجلس وزراء يعبر عن وحدة وطنية فلسطينية حقيقية.
* ماذا عن الاجتماع القادم للجنة المركزية لحركة فتح؟ وما أهم أجندة هذا الاجتماع؟
- هذا الاجتماع هام وخطير وتاريخي، لأنه إلى حد كبير سيتم تحديد شكل المؤتمر السابع خلال هذا الاجتماع التاريخي، الذي سيعقد بتاريخ 29 تشرين ثاني/ نوفمبر القادم. هناك الكثير من القضايا الهامة والحساسة التي سيتم مناقشتها وأخذ قرار بشأنها خلال هذا الاجتماع الذي سيعقد (الاثنين)، وستقدم اللجنة التحضيرية للجنة المركزية رؤيتها للبرنامج السياسي، والبناء الوطني، والبرنامج التنظيمي الخاص بالحركة، وسنقدم الهيكلية الخاصة بالأعضاء الحاضرين للمؤتمر. بالأرقام وليس بالأسماء، أي تحديد عدد العسكريين والمنظمات الشعبية وغيرهم.
* فتح تحضر لمؤتمرها السابع، ومن الواضح أن عباس يستفزكم للتخطيط لمستقبل الحركة في ظل تنحيه لأي سبب. من هو المرشح الأقوى لديكم حال غياب عباس؟
- لا يوجد مرشح واحد حتى الآن، وليس من الديمقراطية أن يكون هناك مرشح واحد، ووقتها يتم الاختيار من خلال الأطر التنظيمية للحركة، مثل اللجنة المركزية أو المجلس الثوري، وهناك مؤتمر الحركة قادم. وغالبا من يقع عليه الاختيار ستدعمه فتح في أي انتخابات رئاسية قادمة، سواء لرئاسة الثوري أو السلطة. فاللجنة المركزية الجديدة والمجلس الثوري الجديد لحركة فتح تعرض ما تم التوصل إليه في مؤتمر فتح القادم، ومن ثم يتم اختيار الرئيس الجديد.
* ماذا لو كلفت من قبل حركة فتح برئاسة السلطة؟
- لو كلفت أوافق، علما بأنني لا أريد أن أرشح نفسي. وخلال حياتي كلفت بأعمال كثيرة، ولم أتراجع عن أي مسؤولية، لكني لست الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بذلك. هناك بدائل عديدة، وعلى الناس أن تختار. أما إذا وقع علي الاختيار وكلفت بذلك من قبل حركة فتح؛ فسأقوم بهذا التكليف.
* ماذا عن منصب نائب الرئيس؟
- هذا يتطلب اجتماع المجلس التشريعي الفلسطيني؛ لأنه الجهة المكلفة بذلك. والآن من الممكن أن يوصي المجلس الوطني بهذا، لكن بالنسبة للسلطة الفلسطينية لا يمكن ذلك إلا إذا تحولت تماما إلى دولة فلسطينية، وأصبح مجلسها التشريعي هو المجلس الوطني، وهذا يتطلب انتخاب مجلس وطني جديد.
* هل من تواصل لكم مع حركة حماس؟
- طبعا، أنا لم أقطع هذا التواصل إطلاقا لا معهم ولا مع أي فصيل آخر، ودائما ألح كي نجتمع على أمر سواء بيننا حتى نحرر هذا الوطن. عمري ما اعتبرت أنهم أعداء. حماس فصيل فلسطيني، وجزء لا يتجزأ من النسيج الفلسطيني، ولكن عليهم أن يقدموا لإعادة توحيد هذا الوطن.