نشرت صحيفة "ديلي نيوز"
المصرية تقريرا حول الإجراءات التي اتخذها
البنك المركزي المصري للحد من تداول الدولار في السوق السوداء، وقامت بذلك عن طريق تخفيض سعر الجنية المصري 7.14 جنيه للدولار إلى 7.62 للدولار، وتقليل الفرق بين السعر الرسمي للصرف وما هو موجود في السوق الموازي.
ويشير التقرير إلى أن البنك فرض حدودا يومية وشهرية على الإيداعات بالدولار (10 آلاف و50 ألفا)، في محاولة لخنق سوق الصرافة السوداء بالعملة الصعبة. وقال البنك إن تخفيض سعر الجنية سيساعد أيضا في نزيف احتياطي
العملة الصعبة، الذي نقص 10% خلال عام واحد بمقدار 15.4 مليار دولار.
وتبين الصحيفة أن البنك فاجأ السوق في 2 تموز/ يوليو، برفع قيمة الدولار مقابل الجنية المصري بعشرة قروش، وتبعه بعد ذلك بزيادة أخرى في 5 تموز/ يوليو. وفي 26 آب/ أغسطس، استمرت قيمة الدولار بالارتفاع مقابل الجنيه المصري حتى وصل 7.8 جنيه مصري في البنك المركزي، بينما وصلت قيمته 8 جنيهات إسترلينية في شركات الصرف. وكان البنك المركزي أصدر تعليمات شفوية للبنوك المحلية للحد من الإيداع بالدولار للأشخاص والشركات، بحيث لا يستطيع الأشخاص إيداع أكثر من 10 آلاف دولار في اليوم، و50 ألف دولار في السنة.
ويجد التقرير أن هذه الإجراءات من البنك المركزي أثرت بشكل كبير على التصدير وحركة الاستثمار محليا وعالميا. مستدركا بأن الهدف من هذه السياسات كان القضاء على السوق السوداء، وتمت زيادة الاحتياطي من الأموال الخليجية، بحسب بعض المصدرين.
وتنقل الصحيفة عن رئيس مجلس تصدير مواد البناء وليد جمال الدين، قوله إن خمسة مجالس تصدير تقدمت بمذكرة لرئيس الوزراء إبراهيم محلب في 16 آب/ أغسطس، وطالبت البنك بإعادة تقييم تلك السياسات.
ويضيف جمال الدين للصحيفة أن المذكرة طالبت محلب بأن يكون سعر العملة بناء على العرض والطلب، وليس مرتبطا بقرارات إدارية من البنك المركزي. وأن سياسات البنك مسحت السوق تماما، وليس السوق السوداء فقط، وتم اتخاذ هذه القرارات شفويا، ولم تكن هناك شفافية ولا نشر رسمي أو توضيح لتلك القرارات.
ويتابع جمال الدين بأن البنك المركزي طبق سياساته دون إيجاد بدائل لفترة الانتظار لإيجاد العملة الصعبة للتجارة. ويرى أن هذه القرارات لن تساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية لغياب حرية عقد الصفقات في السوق، بالإضافة إلى قلة السيولة بالدولار.
ويذكر التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن جمال الدين يعزو نشوء السوق السوداء إلى قلة الاستثمار وعائدات السياحة والتصدير، التي لن تتوقف بسبب تحديد السيولة بالدولار. فالصادرات لها علاقة بالمقدرة على شراء المواد الخام، التي تساعد في عمليه التصدير، والمواد الخام ليست متوفرة بسعر جيد، بحيث يستطيع المصدر بيع منتوجاته بسعر يحفز المستوردين.
ويقول جمال الدين: "تخفيض سعر الجنية المصري هو خصام بين البنك المركزي وبعض التجار في السوق السوداء، ولكن كان يمكن حله بطريقة أخرى وليس بتدمير
الاقتصاد، وليس من الضروري أن يتجاوب العالم كله مع قرار البنك المركزي. كما أن مدير البنك يرفض الطلبات كلها لمقابلته"، بحسب الصحيفة.
وتنقل الصحيفة عن مدير مجلس التصدير للصناعات الهندسية محمد المهندس قوله إن بعض البلدان، مثل الصين، تضطر لتخفيض عملتها؛ لتحفيز اقتصاداتها وزيادة الصادرات، ولكن الوضع في مصر مختلف، فقد تراجعت الصادرات وزادت الواردات.
ويضيف المهندس للصحيفة أن الصناعات الهندسية هي الأكثر تضررا بوضع سقف لسيولة الدولار؛ لأن هذه الصناعات تعتمد كثيرا على استيراد بعض متطلبات الإنتاج، ولن تستطيع استيراد تلك المواد بسبب ندرة العملة الصعبة المتوفرة لشراء الكميات الكافية، فتصبح الكميات المستوردة غير كافية لتحفيز التصدير.
ويواصل المهندس قائلا إن هناك هروبا للاستثمارات من السوق؛ لتوقف الإنتاج والخسائر، وهناك حاجة إلى بيئة مستقرة كي يتم جذب استثمارات أجنبية. فالمستثمر يقارن بين البلدان التي يمكنه الاستثمار فيها، ولا يزال وضع السوق في مصر غير مستقر؛ بسبب عدم توفر العملة الصعبة.
وأضاف للصحيفة: "على الحكومة أن تبحث في تطوير ودعم الهيئات والقطاعات التي تجلب الدولار لمصر. كما يجب تقييم مصادر الدولار مثل الصناعة وتحويلات العمال في الخارج، ومداخيل النفط من ناحية قوتها أو تقصيرها، ثم تشجيع هذه القطاعات بدلا من اتخاذ قرارات إدارية دون علم".
ويلفت التقرير إلى أن وزير الصناعة والتجارة الخارجية منير فخري عبد النور قد التقى مجالس التصدير لزيادة قيمة الصادرات المصرية. مستدركا بأن هناك عقبات تواجه هذه الصادرات، ومع ذلك تزيد الصادرات الهندسية.
وتقول الصحيفة إن خطط وزارة
التجارة الخارجية تستهدف الاعتماد على السوق الأفريقية لزيادة الصادرات المصرية المتراجعة. ويقول المهندس: "تقف الصناعة المصرية على منزلق خطر؛ بسبب عدة مشكلات، بما في ذلك مشكلات في الصناعة المحلية ذاتها، ومشكلات في الاستيراد والتصدير، ومشكلات في تناقص الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى قلة العمالة الماهرة".
ويفيد التقرير بأن بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تعمل في مجالات الحديد والخشب، كانت تحصل على أسعار مخفضة من المصانع، وكانت تنافس الشركات الصينية وشركات جنوب شرق آسيا، ولكن المصانع رفضت مؤخرا إعطاء أسعار مخفضة؛ بسبب قلة سيولة الدولار. وأصبحت هذه الشركات لا تحصل على أكثر من مليوني جنيه مصري أرباح، بعد أن أصبح دخلها لا يزيد على 16 إلى 20 مليون جنيه مصري.
ويعلق المهندس بأن معظم تلك المصانع الصغيرة والورشات أغلقت؛ بسبب السياسات غير الحكيمة، ويجد أنه ينبغي على البنك المركزي أن يتراجع عن قراراته.
وتورد الصحيفة أن رئيس مجلس تصدير الكيماويات والأسمدة خالد أبو المكارم، يقول إن الصادرات في ذلك القطاع تراجعت لإغلاق المصانع بسبب نقص الغاز، الذي تعتمد عليه المصانع. ويرى أبو المكارم أن جلب الاستثمارات لا يتم عن طريق تخفيض قيمة الجنية المصري، ولكن من خلال زيادة الأمن والاستقرار.
ويتناول التقرير إشارة مدير شركة المصرية للسيارات محمد الريان إلى قلة السيارات المعروضة في السوق، بالرغم من زيادة الطلب، ويقول إن هناك سببين لذلك؛ الأول صعوبة فتح خطابات الائتمان مع البنوك، والثاني التقدير الخاطئ لاحتياجات الوكلاء.
وتعرض الصحيفة رأي مدير شركة السبع للسيارات علاء السبع، الذي يقول إن السوق تأثر سلبا بسبب قلة العرض، مع أن الطلب زاد على السيارات، وأضاف أن قطاع السيارات في الوقت الحاضر خارج نظام خطابات الائتمان.
وتختم "ديلي نيوز" تقريرها بالإشارة إلى قول السبع إن غرفة تجارة القاهرة التقت بمسؤولين في البنك المركزي لحل الأزمة، ولكن لم يصدر رد فعل عن البنك المركزي بعد، وتتوقع غرفة التجارة استمرار الأزمة على المدى الطويل، وأضاف أن هذا تسبب في ارتفاع تكلفة تمويل السيارات، ما رفع من سعرها بنسبة 2.5% إلى 4%.