كشف مصدر ليبي مطلع عن أن المشاورات والاجتماعات التي تدور بين الأطراف الليبية المختلفة في مدينة الصخيرات المغربية، أسفرت عن طرح وثيقة جديدة، بخلاف مسودة الاتفاق التي تم التوقيع عليها سابقا بالأحرف الأوللى.
ولفت المصدر في تصريحات خاصة لـ"
عربي21" إلى أن التوقيع على الوثيقة الجديدة التي من المقرر أن تتضمن 75 مادة وبندا، سيكون عقب عيد الأضحى.
ونوه إلى أن الوثيقة الجديدة تم توزيعها بالفعل على فريقي
المؤتمر الوطني العام وبرلمان طبرق، مؤكدا أنه سيتم الإعلان رسميا عن تلك التطورات في مؤتمر صحفي عالمي، سيعقد بعد قليل، بحضور المبعوث الأممي إلى
ليبيا، برناردينو
ليون.
وأوضح أن هذه الوثيقة الجديدة تأتي عقب ما وصفه بتعثر الحوار، الذي كان من المفترض الإعلان النهائي عن نتائجه الأحد، محملا المؤتمر الوطني العام المسؤولية الكبرى، لأنه "أخل بالاتفاق الذي كان يقضي بمناقشة التعديلات الأخيرة المقترحة مع جلب الأسماء المرشحة للحكومة خلال 48 ساعة"، بحسب قوله.
وأشار المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، إلى أن المبعوث الأممي إلى ليبيا قدم ظهر الأحد مقترحا لاتفاق جديد، بوثيقة معدلة، تتضمن تغيرات في بعض العناصر البسيطة والمحدودة، لافتا إلى أنه سيتضمن الجهات والمؤسسات الجديدة وصلاحياتها وآلية تشكيلها.
وأضاف المصدر المطلع أن بعثة
الأمم المتحدة اجتمعت مع وفد المؤتمر على مدار اليومين الماضيين، وعرض الوفد ملاحظات وتعديلات المؤتمر وتم قبول معظمها، وطلبت البعثة منهم الأسماء المرشحة للحكومة، فرد وفد المؤتمر بالنفي والرفض حاليا، فغضب أعضاء البعثة، مؤكدين أنه لن يتم إدراج أي تعديلات دون أسماء الحكومة، لأن الاتفاق كان من المفترض أن يكون شاملا وكاملا.
وحصلت "
عربي21" على تفاصيل اجتماع البعثة الأممية برئاسة ليون، الأحد، مع النواب المقاطعين والمستقلين والأحزاب السياسية، حيث قال ليون: "سوف نقوم بطرح مقترح نهائي خلال ساعات، وإذا دعمتم أنتم هذا المقترح سوف نبدأ في مناقشة الأسماء مباشرة".
وذكر ليون أنه لم يسمع من المؤتمر أي بديل يخرج ليبيا من مشاكلها؛ لأنه فقط يقول "لا"، ولكن دون أن يقدم أي مقترحات لحل الأزمة، بحسب قوله، مضيفا: "سنعطي للمؤتمر بعض التعديلات، التي لا تسبب مشكلة لدى الطرف الآخر (
برلمان طبرق)".
وطالب ليون النواب المقاطعين والمستقلين والأحزاب بتمرير مقترحه الجديد أو التعديل "من أجل ليبيا، فلو نجحنا في قبول رضا المؤتمر فلقد انتصرت ليبيا، وإذا رفضوا سوف نقوم بتنفيد الخطة (ب) دون الرافضين"، ولم تحصل "
عربي21" على تفاصيل الخطة (ب).
وأشار ليون إلى أنه لا يوجد ضمان لديهم بأن يشارك المؤتمر بالأسماء في ظل الوثيقة الجديدة، مشدّدا على أنه في حال رفض المؤتمر، فإنهم سوف يكملون الحوار ومناقشة الأسماء دونه.
وقال ليون عقب اجتماعه المغلق إن "هناك العديد من أعضاء المؤتمر يدعمون المسودة كما هي الآن، وأن من وصفهم بالأقلية تريد دائما تعديلات أو ترفض الحوار بطريقة دبلوماسية، وهم أقل من 20، وأنه يجب علينا مساعدة المعتدلين في المؤتمر، وأن ندفعهم في الاتجاه الصحيح".
وأضاف أن "أعضاء مجلس النواب لا يريدون تجاوز التوقيع بالأحرف الأولى، ويمكننا اجتياز مشكلتهم عبر فتح ملحق يمكننا تضمينه، وسوف نوزع المقترح وعليكم مراجعته، ويمكنكم العودة به إلى ليبيا، ونأمل الانتهاء من التعديلات والأسماء، ولدينا عدد كاف من الأسماء هم 14 اسما حتى الآن، لن نغادر الصخيرات قبل الانتهاء من مقترح كامل وبالأسماء".
واتفق الحضور على إعطاء المؤتمر التعديلات الجديدة المقترحة مع الإسراع في طرح الأسماء، وأن الحوار مستمر حتى لو تغيب أي طرف من أطرافه.
بيان المؤتمر الوطني
وشهد المؤتمر الوطني العام جلسة صاخبة الخميس الماضي عند مناقشة بند مستجدات الحوار في جدول الأعمال، على خلفية تقديم بعض القوانين على بند الحوار، الأمر الذي أخذ كامل الفترة الصباحية، حيث اعتبره البعض مراوغة من رئيس المؤتمر نوري بوسهمين، لتعطيل البحث في استحقاقات الحوار، إلى أن يكتمل المتظاهرون الذين وجدوا أمام مدخل المؤتمر حينها.
وفي جلسة المساء، اقتحم المتظاهرون قاعة المؤتمر مبدين اعتراضهم على تقديم أسماء مقترحة من المؤتمر بشأن الحكومة المزمعة، ومنهم (المتظاهرون) من كان يهتف ضد الذهاب إلى "الصخيرات" من الأساس.
وانتقد العديد من أعضاء المؤتمر السماح للمتظاهرين باقتحام حرم المؤتمر والدخول إلى القاعة، واعتبروا العملية اختطافا للمؤتمر للتأثير على حرية اتخاذ القرار.
وحصلت "
عربي21" على نص بيان موقع من 45 عضوا في المؤتمر الوطني العام، تقدموا به لرئيس المؤتمر، طالبوا فيه بالذهاب إلى الصخيرات بتعديلات محدودة، وقائمة للمرشحين بأسماء مجلس رئاسة حكومة "التوافق الوطني"، وذلك في محاولة لحسم الجدل القائم حولها.
وانتهت جلسة الخميس الماضي بقرار الموافقة على الذهاب للصخيرات، لكن بقائمة طويلة من التعديلات، ودون أسماء مرشحي الحكومة، الأمر الذي اعتبره بعض أعضاء المؤتمر يقع ضمن ما وصفوه بأساليب المراوغة التي يمارسها "بوسهمين" لتعطيل "الأداء الإيجابي للمؤتمر في الحوار للوصول إلى اتفاق يخرج البلاد من الأزمة الطاحنة التي تمر بها، ويرفع المعاناة عن المواطن الليبي الذي يبحث عن الاستقرار والأمن".
وفي السياق ذاته، أدانت حكومة الإنقاذ الليبية، المنبثقة عن الموتمر العام، التصعيد العسكري الذي تقوم به "القوات التابعة لمجلس النواب المنعقد في طبرق، بقيادة خليفة
حفتر"، في مدينة بنغازي شرقي ليبيا.
وأشارت -في بيان وصل "
عربي21"- إلى أن العملية العسكرية التي تشنها القوات التابعة لحفتر في بنغازي تحت اسم "معركة الحتف"، "جاءت لعرقلة التوقيع على الاتفاق السياسي، الذي ترعاه الأمم المتحدة في الصخيرات المغربية".
وذكرت أن التصعيد العسكري في بنغازي "يهدد بنسف الحوار السياسي الليبي برمته، ومن شأنه أن يدخل ليبيا في دوامة جديدة من الحروب والصراعات".
وأدان سفراء ومبعوثو الاتحاد الأوروبي، (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، المغرب، البرتغال، إسبانيا، المملكة المتحدة)، وتركيا والولايات المتحدة، والممثلين في حوار الصخيرات في المغرب، "التصعيد الحاد في الأعمال العدائية في ليبيا، بما في ذلك الضربات الجوية ضد السكان المدنيين في بنغازي".
وقالوا في بيان مشترك لهم: "هذا التصعيد للعنف يؤكد الحاجة الملحة لاستكمال عملية الحوار السياسي في أسرع وقت ممكن، وذلك استجابة لتطلعات الشعب الليبي".
يذكر أن حفتر أطلق السبت عملية عسكرية جديدة تحت اسم "عملية الحتف"، تزامنا مع انعقاد جلسات الحوار السياسي الليبي في الصخيرات.
في المقابل، أصدر مجلس نواب طبرق مساء الأحد، بيانا عبّر فيه عن رفضه لبيان بعثة الأمم المتحدة الذي أدان "التصعيد العسكري" في مدينة بنغازي.
وقال:" لا تفسير لدينا إلا أن المجتمع الدولي يتناقض مع نفسه، خاصة أن الحرب الدائرة في بنغازي هي حرب الشعب الليبي والدولة ضد جماعات إرهابية متطرفة، ومصير الوطن رهين بحسم هذه المعركة"، بحسب قوله.