مؤلم جدا ذلك هو الشعور الذي ينتاب الأسرى المحررين المبعدين إلى قطاع
غزة، حينما يمر عليهم عيد الأضحى المبارك وهم مبعدون قهرا بفعل الاحتلال عن الأهل والأحباب، ويؤكدون في أحاديث منفصلة لـ"
عربي21" أن جرائم الاحتلال بحقهم وحق عائلتهم وذويهم لازالت متواصلة.
جريمة إنسانية وأخلاقية
وأكد الأسير المحرر والمبعد إلى قطاع غزة عبد الرحمن شديد (38 عاما)، أن "البعد القسري بقرار الاحتلال
الإسرائيلي المجرم، عن الأهل والمنشأ والذكريات مؤلم جدا، فحينما تأتي مناسبة دائما تجيش فينا المشاعر، ونستذكر الأهل والأحباب".
وقال في حديثه لـ"
عربي21": "نحن كمبعدين داخل وطننا، لا زلنا نعاني من جرائم الاحتلال، الذي ما زال يمارس بحقنا (الأسرى المبعدين) جريمة إنسانية وأخلاقية بإبعادنا عن أهلنا ومسقط رأسنا"، مؤكدا أن "جرائم الاحتلال تتواصل معنا؛ من خلال منع أهلنا من زيارتنا والتواصل المباشر معنا".
وأضاف المبعد من مدينة طولكرم بالضفة الغربية المحتلة إلى قطاع غزة: "الكثير من عائلتنا ممنوعون بقرار الاحتلال من الوصول إلى قطاع غزة من خلال الضفة الغربية المحتلة، أو حتى عن طريق الأردن".
وتابع: "نحن ما زلنا نعيش حقيقة في السجن، بحكم أن غزة التي أبعدنا إليها محاصرة، ونمنع نحن أيضا من السفر إلى أي بلد آخر للقاء الأهل؛ فالمنع والحرمان يطال الطرفين بفعل الاحتلال".
سلوكيات الاحتلال "العجيبة" تكاد لا تقف عند حد؛ حيث أفاد شديد الذي اعتقله الاحتلال عام 2001، ولم يجتمع مع عائلته في العيد منذ 14 عاما، أنه عندما كان في السجن لدى الاحتلال، "كنا نلتقي بأهلنا كل أسبوعين، والآن بعد التحرر من سجون الاحتلال، لا نمنح هذه الفرصة أبدا؛ فمنذ عام 2011 لم نلتقي بأهالينا إلا مرة واحد، وبعضنا مرتين فقط".
لا نملك من العيد شيئا
وأوضح أن المبعدين يجتمعون في كل مناسبة، لاستحضار ذكرياتنا مع الأهل والأصدقاء والبلد التي ولدنا وتربينا فيها، فيكون ذلك مؤلما في حين يذكر شديد أن "حقيقة الشعور السائد لدى المبعدين، يكون كأننا ما زلنا داخل السجن".
ويكشف المبعد بألم كبير كيف يقضي أيام العيد مع زوجته وأبنائه أنس وليان، ويقول: "نحن لا نملك من العيد شيئا، ولولا أنه طاعة لله لما فرحنا"، موضحا أن العيد ينتهي بالنسبة لهم بعد مهاتفة الأهل، والاتصال بهم لتهنئتهم بالعيد في صباح اليوم الأول.
وأضاف بحسرة: "الناس يخرجون إلى الشوارع لزيارة الأهل والأرحام والأقارب؛ بينما المبعد يرى نفسه بعيدا عن هذه الأجواء الفرحة"، مؤكدا أن ما يمر به المبعد من ألم ومرارة وحرمان "كل ذلك بسبب الاحتلال".
من جانبه، قال الأسير المحرر والمبعد إلى قطاع غزة شادي بلاونة (30 عاما)، أنه من الصعب التفكير في
الإبعاد في أيام العيد، فتأثيرها علينا يكون "شديد الصعوبة، لأن الشوق والحنين إلى الأهل والأحباب كبير جدا، والألم بيننا يكون مشتركا بسبب البعد القهري".
مرارة البعد عن الأهل
ويروي لـ"
عربي21"، وهو أب لطفلتين ليان وتالين، كيف تمر عليه لحظات العيد، التي تتزاحم فيها الذكريات مع الأمنيات، معربا عن أمله أن يلتقي بأهله، وأن يجمع الله شملهم قريبا.
وأشار المحرر المبعد الذي قضى أكثر من 9 سنوات داخل سجون الاحتلال، إلى أن أصعب اللحظات التي مرت عليه في عيد الأضحى الماضي، عندما كانت والدته رسمية بلاونة (57 عاما) معتقله في سجون سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا: "حينها كان الشوق لرؤيتها كبيرا؛ لكن ما يحول بيني وبين أمي ليس الإبعاد من طرفي فقط، ولكن كذلك اعتقالها من قبل قوات الاحتلال".
وأوضح أن مرارة البعد عن الأهل تزداد في أيام العيد، و"نشعر بحسرة كبيرة في قلوبنا بحكم البعد عنهم بفعل الاحتلال"، متمنيا أن يلتقي هو والمبعدين البالغ عددهم 160 بأهلهم وذويهم، كي يشاركهم شعائر العيد بكل تفاصيله الجميلة.
ولم يترك بلاونه فرصة إيصال رسالته لأهل فلسطين بشكل عام، ومدينة القدس بشكل خاص ويقول: "تمر القدس وأهلها الأبطال بمأساة حقيقية، تتطلب من السلطة الفلسطيني أن تكف عن سياسية التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني؛ التي تتسبب بتمادي اعتداء الاحتلال والمستوطنين على أهلنا في الضفة والقدس واعتقال المقاومين"، كما قال.
يذكر أن الأسرى المبعدين إلى قطاع غزة، تم الإفراج عنهم ضمن "صفقة وفاء الأحرار" عام 2011؛ والتي أفرج بموجبها عن 1027 أسير فلسطيني، مقابل الجندي الإسرائيلي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية "جلعاد
شاليط".