كتبت موناليزا فريحة: وسَّعت موسكو تحالفها المفترض ضد "الدولة الإسلامية" من سوريا وإيران و"حزب الله"، إلى العراق. وبعد نقلها مقاتلات وطائرات شحن ووحدات سكنية لألفي جندي إلى اللاذقية، أعلنت إنشاء خلية لتبادل المعلومات الاستخبارية مع بغداد، وذلك طبعا بالتنسيق مع طهران ودمشق.
محور موسكو - طهران - بغداد - دمشق - "حزب الله" يقدم نفسه على أنه القوة الوحيدة المستعدة لمحاربة "الدولة الإسلامية"، وتاليا يسعى إلى تقويض الجهود الخجولة للائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن، وتهميشه في هذه الحرب.
وعلى غموض أهدافه البعيدة المدى، تبدو الخطوات المباشرة لموسكو أكثر ثقة من خطة "الحرق البطيء" التي يعتمدها الغرب في سوريا تحديدا.
ففي خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، كما بعد لقائه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحديد حلفائه كما أعدائه.
تمسك بوتين بالرئيس السوري حليفا في المعركة ضد الإرهاب، معتبرا أن الجيش النظامي هو القوة الوحيدة القادرة على محاربة "داعش" والمقاتلين الآخرين الذين صنفهم جميعهم في الخانة ذاتها. ولمّح إلى التعاون مع العراق، من خلال المساعدة "التقنية" التي يقدمها لها ولسوريا لمواجهة "داعش".
وفي المقابل، كرر أوباما التزامه "الإنساني" ضد أعدائه من "الطغاة" مثل الأسد، الذي يلقي براميل متفجرة ويقتل الأطفال، إلى "داعش" القوة الإرهابية.
لكنّ الرئيس الأمريكي الذي أبدى استعداده للعمل مع أي دولة، حتى
روسيا وإيران التي كان يستثنيها سابقا، لم يأت ولو بتلميح على ذكر أي حليف له في معركته ضد أعدائه، ولم يورد أي ملامح لخطة محتملة لوضع حد لمعاناة الشعب السوري، في ما عدا زيادة عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم أمريكا!
مرة أخرى ينكشف عدم تماسك الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة "داعش" والنظام السوري. الغارات الجوية التي يشنها الائتلاف، ومعه أعضاؤه الجدد، لم تنجح في إضعاف التنظيم. وجهود "البنتاغون" لتجهيز قوة برية تواجه التنظيم المتشدد أخفقت.
ولا شك في أن موافقة بغداد على التنسيق مع موسكو في الاستخبارات يشتت أكثر جهود واشنطن من غير أن يحسم بالضرورة فاعلية المحور الآخر في هذه المعركة الصعبة.
وهكذا، تخطو موسكو بثقة واستراتيجية واضحة في سوريا على خلاف واشنطن التي لا تزال تظهر ترددا في مواجهة "داعش" كما في بلورة خطة حل سياسي للنزاع. وبإرسالها تعزيزات إلى المنطقة وإرسائها أسس محور جديد، توجه موسكو رسالة إلى دول المنطقة بأنها حليف ذو صدقية في المعركة ولاعب رئيس في الحرب، كما في أي مشروع سلام لسوريا.
وهي لا تنسى أن تطمئن رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بموافقتها على إقامة "قناة لتبادل المعلومات" مع إسرائيل فيما يتعلق بالوضع في سوريا، بما في ذلك "نشاط القوات
الإيرانية قرب خط وقف النار في هضبة الجولان"، استنادا إلى تقارير إعلامية إسرائيلية.
(عن صحيفة النهار اللبنانية، 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2015)