بعد تجميد العمليات العسكرية خلال الأسابيع القليلة الماضية على جبهة شرق
الرمادي، استأنفت القوات الأمنية
العراقية عملياتها القتالية بمساندة مقاتلي العشائر، فيما لا تزال فصائل
الحشد الشعبي خارج دائرة المعارك.
وترفض القوات الأمريكية التي سبق أنْ استلمت الإشراف على الملف الأمني في مدينة الخالدية، أي مشاركة لفصائل الحشد الشعبي في العمليات القتالية التي استؤنفت خلال اليومين الماضيين، في "الوقت الذي رحبت فيه القيادات الأمريكية بمشاركة فصائل الحشد الشعبي في إطباق الحصار على مدينة الفلوجة، والمشاركة في العمليات القتالية هناك"، بحسب قول مصدر عسكري عراقي رفيع لـ"
عربي21".
ويضيف المصدر العسكري ذاته، الذي يقضي إجازة لعدة أيام في إقليم كردستان العراق: "حتى الآن ليس هناك تقدم عسكري ملموس في جبهة شرق الرمادي، على الرغم من الاشتباكات العنيفة التي يشهدها خط الصد الغربي لمدينة الخالدية عند ضريح الشيخ مسعود في منطقة المضيق".
ويؤكد المصدر العسكري أنه يفكر بعدم العودة إلى
الأنبار ثانية، لأسباب تتعلق "بالخلافات الحادة بين مجلس محافظة الأنبار ومقاتلي العشائر من جهة، وفصائل الحشد الشعبي من جهة أخرى".
ويقول إن مليشيات الحشد الشعبي الشيعية "رغم تجميد نشاطاتها القتالية، لكنّها لا زالت تحاول التدخل في سير المعارك، وفرض إرادتها السياسية وقرارها العسكري"، على حد قوله.
وعن أسباب تعثُر عملية استعادة مدينة الرمادي خلال الأشهر الخمسة الماضية، يقول المصدر العسكري لـ"
عربي21": "مع حقيقة عدم وجود دعم جدي من قبل الحكومة المركزية، لكن السبب الرئيس يعود إلى تعدد مصادر القرار، وغياب التنسيق بين القوات المتصدية لتنظيم الدولة".
وبحسب المصدر العسكري ذاته، تشترك عدة جهات في قيادة العمليات القتالية في محيط مدينة الرمادي، ومن بينها: قيادة الحشد الشعبي، وقيادة عمليات الأنبار، وقيادة عمليات بابل، وقيادة عمليات الجزيرة والبادية وغيرها، لكنه أكد على "حصول تقدم ميداني في منطقة تل مشيهد شرق الرمادي، وفي المنطقة المحيطة بجامعة الأنبار جنوب غربي المدينة".
وتعاني فصائل الحشد الشعبي من مشكلات جمة في قبول مقاتلي العشائر العمل تحت قيادة قوات الحشد الشعبي "الذي يرفض القتال تحت القيادة الأمريكية، أو قيادة القوات الأمنية العراقية"، بحسب قول المصدر العسكري.
ويرى المصدر العسكري، من خلال تواجده في مراكز القيادة بمنطقة الخالدية، أن القيادة الأمريكية لا تمانع من مشاركة قوات الحشد الشعبي في حصار مدينة الفلوجة، والمشاركة في العمليات القتالية الدائرة هناك، لكنها ترفض مشاركته في القتال لاستعادة مركز المحافظة لاعتبارات "سيادية تتعلق بمكانة مدينة الرمادي ورمزيتها"، حسب تعبيره.
ويُذكر أنّ زمام المبادرة في اتخاذ القرارات العسكرية تتولاه القيادات الأمريكية التي تتخذ لها مقرات قيادة إلى الشرق من مدينة الخالدية، عند أحد الجسور المؤدية إلى قاعدة التقدم الجوية، حيث يتواجد المستشارون والمدربون المكلفون بالبرنامج الأمريكي لتأهيل المقاتلين السنة، وهم "بانتظار الوصول إلى رقم محدد من المتطوعين السنة لتشكيل قوة يعتمد عليها في تحرير الرمادي، وهو أمر قد يستغرق عدة أشهر"، حسب تقدير المصدر العسكري، الذي أكدّ على أنّ "القيادات العراقية الميدانية لا دور لها أكثر من تنفيذ ما يخطط له الأمريكيين".
أما عن مستقبل مدينة الرمادي بعد استعادتها من يد تنظيم الدولة، فيرى المصدر العسكري في ختام اتصاله مع "
عربي21"، أنها تتجه باتجاه الانخراط في إقليم سني مع محافظات سنية أخرى، أو إقليم خاص بالمحافظة، مع احتمالات ضئيلة بعودة الوضع الإداري للمحافظة إلى سابق عهدها "كمحافظة خاضعة في إدارتها للسلطة المركزية ببغداد"، حسب تقديره.